[غرائب اللغة] كلمة “كشخة” إهانة غير مقبولة عند العرب
الكشخة.. حاشاكم الله وعافاكم…! انزياح من “القبح” إلى “الجمال”..
وغريبٌ أمر انزياح دلالة كلمة “كَشَخة”، التي نفهمُها، اليوم، على أنها غاية التأنُّق واللباس الدالّ على نعمة. انزاحت الدلالة من معنى “قبيح” إلى آخر “جميل”، وبعيدٍ ـ جداً ـ عمّا تعنيه الكلمة الأولى..!
حسب ابن منظور؛ فإن “الكشخان” هو “الدَّيُّوث”، والعياذ بالله. وينقل عن الليث قوله إن هذه الكلمة ليست “من كلام العرب”، أي أنّها دخيلة. ثم إن هناك الأزهري الذي لا يستبعد عروبية الكلمة، متأرجحاً بين الفعل “كَشَخَ” وبين الفعل “كَشْخَنَ”.
الأزهري يقيس “كشخان على فعلان”، كما نقول “جاع: جوعان، وسكر: سكران”.. إلخ..!
وبعيداً عن صداع الصرف والتصريف والاشتقاق؛ فإن موضوعنا هو “الدلالة” التي يراها ابن منظور والليث والأزهري، ومعهم الفيروزآبادي في “القاموس المحيط”..!
الدلالة الأولى سيئة، كما ذُكر. وحتى القرن التاسع الهجري، حسب تتبّعي، لا دلالة طيبة في الكلمة. هي كلمة شاتمة، ولذلك يُقال للشاتم “لا تكشخ فلاناً”..!
محمد ناصر العبودي تناول “كشخ” في “معجم الكلمات الدخيلة”، وقال “لا يُقال كشخ إلا بالجديد من الثياب”. [ج 1، ص 230]. لكن هذا المعنى تطوّر، فهو ـ الآن ـ يعني التأنُّق في اللباس الجديد، وغير الجديد..!
ويبقى السؤال الدلالي محيّراً جداً. إذ كيف لدلالة كلمة “ديُّوث” أن تتحول إلى دلالة “أنيق”، دون أن يبقى أيُّ أثر للدلالة الأولى في الاستعمال اليومي..؟!
لا أعلم. وأظنّني لن أستخدم كلمة “كشخ” بالمعنى الدارج بعد هذا الحفر الذي كشف ما كشف..!
غمرنا الله وإياكم بستره.
حبيب محمود