إعلانات زواج المتعة.. والمسيار..!
حبيب محمود
عفواً؛ لستُ من المؤهّلين للحديث عن الحلال والحرام، فذلك شأنُ الفقهاء، وهم أمام مسؤولياتهم الشرعية، وأدرى بهذه المسائل الحساسة.. وما أنا إلا فردٌ واحدٌ من المقلّدين، بكسر اللام المشددة..!
بيد أنني مؤهّلٌ للصدمة، نعم للصدمة؛ حين أشاهدُ إعلاناً، عن الرغبة في الزواج المؤقت المعروف ـ عند الشيعة ـ بـ “العقد المنقطع”، أو “المتعة”، أو إعلان يطلب الزواج المعروف ـ عند السنة ـ بـ “المسيار”، أو ما ضارعه وشابهه..!
في ثمانينات القرن الماضي، وبعض تسعينياته؛ كنا نقرأ طلبات زواج في مجلّات عربية سيّارة. كانت تؤثّر فينا أوصاف عارضات الزواج، وشروطهنّ..!
طويلة، بيضاء، قصيرة، نحيفة، العمر 26، أو 23، خريجة علم نفس، أو اجتماع، أو حتى ليست خرّيجة. وتطلب الزواج من شاب عربي، وغالباً خليجي، ميسور الحال. وبعض الشروط تشطُّ ـ عنصرياً ـ فتطلب غير أسمر، والقصد ألّا يكون أسودَ البشرة..!
بالمقابل؛ يأتي دور الرجال؛ ليستعرضوا، فهناك شابٌّ عربي مقيم في الكويت مثلاً، أو سعودي ميسور الحال، أو كويتي، أو أو.. وهلمّ استعراضاً. وتأتي الشروط: بيضاء، ممشوقة القوام، شعرها “كستنائي”، ثم يأتي دور “الخراط”، ليُضيف صاحب الطلب: متعلمة، مثقفة، تجيد أعمال المنزل.. إلخ
وما يجمع الطالب والعارض هو “تقدير/ تقديس الحياة الزوجية”..!
كنّا مراهقين؛ وكانت “بعض” الأوصاف تُحرّكنا “داخلياً”. لكننا ـ على كلّ حال ـ لم نكن نرى فيها إلا ما “يُسرّي” عن النفس ويسلّيها.. نقرأ قائمة “طالبات الزواج” فقط، ثم نترك المجلة وشأنها مع قاريء آخر..!
وإلا فإن تفكيرنا “الشرقيّ” كان يستهجن هذه الوسيلة من “العرض” و “الطلب”. لا يمكن لأيٍّ منّا أن يتزوج عبر وسيلة إعلانية.. أو إعلامية.
بالطبع؛ ليس في مقدوره عرض نفسه، أو مراسلة عارضةٍ نفسها. دون ذلك “شوك القتاد” و “شكّ الغلاصم” والأسنة والرماح، وكرابيج العيب التي لا يُطيقها أيٌّ منّا من والديه وأخوته وعشيرته، قبل سائر “ملاقيف” المجتمع وطويلي الألسنة، وحاملي شهوات الإيذاء والتشنيع..!
كنّا نتسلّى بمُدّعيات الجمال، وزاعمي الوسامة.. لا شيء أبعد من التسلية.. والتسرية..!
ولكننا ـ الآن ـ لسنا في الثمانينيات، ولا التسعينيات. نحن في أواخر العقد الثاني من الألفية الثالثة. لسنا في زمن هواة المراسلة، ومحاولات إخفاء الرسائل العابرة للحدود مكتوبة بخط يدٍ ناعمة.. بل في زمن تعدّدت فيه دلالة كلمة “نعومة”، ولم تعد قاصرةً على “النَّفَيات”، فهناك السياسات الناعمة، وهناك البرمجيات الناعمة، ولا يعلمُ ـ إلا الله ـ مستقبل هذه الكلمة في حياتنا الآتية..!
ووسط كلّ هذا الأنواع من “النعومات”؛ تتناثر ـ بين فترة وفترة ـ إعلانات ناعمة، على وزن ما كنّا نقرأه أيام المراهقة. ولكن بطريقة أكثر قرباً ونعومة.. ومباشرة.
لا أحد يتحدّث عن “تقديس الحياة الزوجية”، في هذه الإعلانات، بل يُشير إلى الهورمونات مباشرة، وإلى “الفلوس” تماماً..!
شخصياً؛ لا أطمئنّ إلى إعلانات “المتعة” أو “المسيار”.. أظنُّها صنفاً جديداً من شِراك الصيد والابتزاز.. والله أعلم.
اي لانك ملحد مو محتاج متعه ولا مسيار تدل الطريق المباشر والسهل