فاطمة خوّفتني بـ “آميييين”…!

نرجس الخباز

لحظات من الهلع والخوف تبعثر أطفال العائلة. حالة استنفار الكبار، ينتفض مجلسهم إثر صراخ وهلع حفيدتي هاجر ذات السنوات السبع.

تبادر إلى أذهاننا أنها وقعت أثناء اللعب وأصيبت. هرع الجميع في حالة هلع لمساعدتها على معرفة سبب الألم.

وبعد محاولة تهدئتها ومعرفة ما تقول وسط تقطع صوتها وصراخها قالت: فاطمة خوفتني بآمين.

أشارت نحو الباب رفعنا رؤوسنا إلى جهة الباب، وإذا بفاطمة تطل علينا من خلف العباءات المعلقة بوجه مخيف.

شعر أبيض متدلٍ على جسمها الصغير.

ردّنا التسمية في آن واحد، ثم ضحكنا. بعض توبيخ لفاطمة على هذا التصرف الذي أفزع هاجر وباقي الأطفال.

بينما خالتها حوراء التي وضعت المكياج لها، لإبرازها بهذا الشكل المخيف تضحك، وتصور الموقف.

أمسكت بيد فاطمة ونظرت إلى عينيها الصغيرتين، وهي مازالت تحملق في وجهي محاولة إخافتي، وسألتها من أنت..؟!

قالت: أنا آميييين….

قلت لها : أنا لا أعرف من هي آمين..!

راحت تسرد لي قصة فيلم “آمين” ما هو، وكيف أن شخصية “آمين” مخيفة وتقتل الآخرين.

علمت بعدها من أمها أن هاجر وفاطمة في لحظة غفلة منها شاهدتا بعض المقاطع من فيلم اسمه THE NUN، تمثل فيه شخصية اسمها بوني آرونز، Bonnie Aarons، وهي تقوم بدور الشيطان. ومن تلك اللحظة وهما يخافان من هذه الشخصية ويسمونها “آمين”.

ليس غريبًا أن يعيش الطفل الخوف مما يشاهده، أو يسمعه.

الغريب في هذا الموقف هو أن فاطمة حفيدتي ذات السنوات الخمس، تتخطى حاجز الخوف وتطلب من خالتها أن ترسم وجهها وتظهره بهذا الشكل المخيف، لتمارس علينا الخوف الذي كانت تعيشه.

لم تكن تقصد إخافة أختها بقدر ما كانت مستمتعة بالتمثيل وتقمصها دورthe nun الراهبة التي سكنها الشيطان.

حقًا أبهرتني بتحدي مخاوفها بهذه الطريقة.

كم منا يعيش هاجس الخوف طوال حياته. الخوف من الفشل، الخوف من الوحدة، الموت..؟

الكثير من المخاوف تحيط بنا حتى أصبحنا نخاف من الحب، المتعة، الضحكة.

بريان تريسي المحاضر والمؤلف الأمريكي له مقولة في ذلك هي “إن أسوأ المعتقدات المقيدة للذات هو الخوف من الفشل، الخوف من الخسارة، أو الفقر، أو الأخطاء، أو عدم تحقيق الهدف الذي وضعته لنفسك”.

أصبحت مخاوفنا الطفولية متجسدة في واقعنا اليوم وأكبر من أن نجد طريقاً للخروج منها سوى تخطي حاجز الخوف والشعور بالأمان والسلام الذي يمنحنا إياه الله سبحانه وتعالى.

الخوف قد يكون الصديق الأكبر للإنسان الذي يجعله يستجمع جميع امكانياته ويواجه التحديات التي يعيشها ويكون مصدراً لقوته، وقد يكون العدو الأكبر فيشل حركتنا ويديرها نحو العدم.

وكما يرى مارك توين الكاتب الأمريكي الساخر “الشجاعةُ هي مقاومةُ الخوف والتحكم به وليست عدم الخوف.”

علينا تحدي مخاوفنا والتقدم، ولنعلم أن الله سبحانه وتعالى وضع فينا الخوف لنكتشف قوانا ونحافظ عليها، وإدراك إن كل ما نخافه، هو تحت سيطرة الله وقهره.

وهنا تكمن الاستعانة بالله في جميع أمورنا بدل الاستعانة بـ مخاوفنا.

قال تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين} نكررها عشر مرات يومياً، في كل فريضة مرتين، لكننا نجهل معناها الحقيقي ونجهل كيف نتعامل بها في إدارة مخاوفنا.

لاحول ولا قوة الا بالله.

{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}، (44) سورة غافر.

علينا أن نتحدى خوفنا لنجعله وسيلة لتقدمنا.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×