يا ذوي السجناء في المباحث.. أبناؤكم يحتفلون باليوم الوطني.. مثلكم 3 شروط لانضمام نزلاء السجون إلى برنامج "إدارة الوقت"
شعر وموسيقى ومسرح وخطابة في حفل أعدّه النزلاء بأنفسهم
أوبريت تمثيلي يُجسّد “إعلام الحقيقة” في مواجهة “إعلام الظلام”
الدمام: أمل سعيد، شذى المرزوق
مثلهم مثل المواطنين الصالحين خارج أسوار السجن؛ يحتفلون باليوم الوطني أيضاً، وعلى طريقتهم، وبأسلوب هم خططوا له ونفّذوه، وعرضوه وقدموه، صباح اليوم، داخل السجن أمام ذويهم، وأمام مدعوين آخرين. هذا ما حدث في سجن مباحث المنطقة الشرقية بالضبط، على مدى ساعتين تقريباً. وشهدت الصالة الرياضية قصة جديدة في برنامج إدارة الوقت الذي تنفذه سجون المباحث، وتدفع فيه بالموهوبين من النزلاء، ليُبدعوا، كلٌّ منهم فيما يميل إليه.
أُقيم الحفل السنوي، احتفاءً بيوم الوطن، وحضرت الموسيقى، والمسرح، والشعر، ليشهد الزوّار على وجود مبدعين داخل السجن، أداروا وقتهم بعناية مفيدة.
٨٩ عاماً
قبل الحفل وقف الجميع احتراماً للنشيد الوطني.. ثم بدأ الحفل قرآنياً، فكلمة ألقاها أحد النزلاء.. وقف على المنصة وتحدث عن “يوم أخضر جديد من أيام الوطن.. وعام أخضر، إزاء 89 عامًا من التوحيد والاستقرار، والرخاء، والإزدهار.. وراية خضراء، تزداد في كل يوم سموقًا للمجد والعلياء.. وقلوب خضراء، تمجد خالق السماء، وماتنفك ولاء للملك، ولا تفتأ عشقاً..للعلم، والوطن.. ومستقبل أخضر، يلوح في أفق رؤية طموحة، يحث الوطن إليها الخطى حثيثا دونما توانٍ أو كسل”.
وخاطب النزيل الجمهور مرحباً “أهلا وسهلا بالضيوف الكرام في أجنحة برامج إدارة الوقت، وشكرا لكم من القلب، أن حضرتم لتشاركونا الفرحة في احتفالنا بيوم الوطن البهي، التاسع والثمانين، الذي نجتمع فيه لإحياء هذه المناسبة العزيزة على نفوسنا جميعاً، لنؤكد الولاء، و لنرسخ الإنتماء، ولنرفع أصواتنا مرنمة بألحان الحب، منغمة بمشاعر الشكر والعرفان”
للمجد والعلياء
وأضاف “نجتمع هنا اليوم – أيها الحفل الكريم – لنسارع ” للمجد والعلياء”.. فنبني، ونعمر، بهمم كجبال طويق.. نرقى بها قمة المجد.. لنمجد خالق السماء.. فيزداد إيماننا رسوخاً، ونظل أقوياء في تمسكنا بقيمنا السمحة ومبادئنا النبيلة.. لنرفع الخفاق أخضر . فتعلو هممنا وهاماتنا، وتسمو طموحاتنا إلى عنان السماء.. لنحمل النور المسطر.. فنبدد ظلمات الجهل، ونحيل غياهب الإنغلاق والتشدد، واحات من العلم والتنمية، والبناء، وبساتين للتعارف والتآلف والمحبة.. لنردد” الله أكبر.. ياموطني”.
بعد هذا التقديم الأدبيّ جاءت كلمة النزلاء، ألقاها واحدٌ منهم، وألقى معها قصيدة شعر. وبعد ذلك عُرض أوبريت “إعلام الظلام”، شارك فيه نحو 30 نزيلاً، ثم توقف البرنامج في استراحة، ليُعاود العرض في أوريت شعري آخر.
برنامج إدارة الوقت
يُقيم في سجن المباحث الواقع في طريق الرياض؛ قرابة 930 نزيلاً، 30% منهم منخرطون في برنامج “إدارة الوقت”. ويمكن لأي نزيل في السجن أن يحصل على فرصة الاستفادة من هذا البرنامج إذا توفرت 3 شروط، أولها: ألّا تكون قضيته فيها دم، وألّا يكون سبق أن دخل سجن المباحث في قضية، وأن يتمتع بالسلوكيات المنضبطة.
نزلاء البرنامج يحصلون على امتيازات كثيرة، وإلى جانب وضعهم في بيئة أكثر راحة، فإنهم يُوزّعون على زنازين لا يزيد عدد المقيمين في كل منها على 5 نزلاء. وللزنزانة الواحدة خدماتها، ومنطقة التشميس الخاصة بها. ومرتبطة بمكتبة خاصة، ومحلّ تجاري.
فوق ذلك؛ يختار كلٌّ منهم ما يُلائم ميوله من الهوايات والمواهب، سواء كانت فنية أم حرفية. وتوفّر إدارة السجن الخامات التي يحتاجها، ليفعل ما يشاء ويُنتج ما يريد.
قسم النساء
كان أكثر من 20 شخصية في جولة داخل السجن، شملت أقساماً كثيرة. أولها قسم النساء الذي تقيم فيه 13 نزيلة فقط، هنّ كل من في السجن من النساء. وهو جناح خاص ومستقلٌّ، وجميع الموجودات فيه لديهنّ برنامج إدارة الوقت الخاص بالقسم النسائي.
مستشفى
وفي مستشفى السجن عالم مستقل تماماً في إدارته عن إدارة السجن. ويضم عيادات تخصصية مختلفة، وقسم أشعة، ووحدة غسيل كلى، وصيدلية، وغرفة عمليات، وعيادة نفسة. ويعمل المستشفى بطاقة 32 سريراً، ويعمل فيه 20 طبيباً مقيماً، و 12 آخرين من خارج المستشفى، و 60 ممرضاً.
مهن وحرف
برنامج إدارة الوقت يُدير الوقت فعلياً للنزلاء.. ففي قسم خاص بالمهن يعمل 7 خياطين على إعداد ملابس زملائهم النزلاء. إنهم يخيطون كل شيء، ملابس رياضية، لباس السجن، أعلاماً.. وهذا العام امتلأت شوارع القطيف بأعلام المملكة احتفاءً باليوم الوطني، وكل هذه الأعلام أنتجها السجناء أنفسهم.
تحقق خط إنتاج داخل السجن، ووفرت إدارته الخامات، وقدّم النزلاء السبعة إبداعهم في الخياطة.
مركز إعلامي
لكن ليس هذا كل شيء.. هناك مركز إعلامي، وقسم فني للتشكيل والنحت والتصميم. وهناك مجلة خاصة بالسجن أيضاً، يعدها ويحررها ويصممها النزلاء. إنهم يعيشون في عالم مصغّر فيه تفاصيل حياتهم، ومهاراتهم ومواهبهم. كلُّ نزيل يُعَدَّ ليعود إلى المجتمع مواطناً صالحاً.
.