ادخلوا «العوامية» آمنين

محسن علي السهيمي*

 

 تُشكِّل بلدة العوَّاميَّة بمحافظة القطيف -شرق جسدنا الوطني- قطعة زاهية في فسيفساء اللُّحمة الوطنية والوحدة التاريخية لوطن المجد والحضارة والشموخ. ولقد كانت العوامية وإلى وقت قريب بلدةً لا تعرف غير لغة السلام، تتدثر بالمحبة، وتنثر معاني الفرح والبهجة. أهلُها مثالٌ للتعايش والتسامح، من أرقِّ الناس أفئدةً، وألطفهم معشرًا، وأصدقهم وطنيةً. شُغِلوا بالعلم فحصَّلوه، وعشقوا البحر فخاضوه، وأحبوا الأرض فاستصلحوها. ولأن لكل مكان شواذه، فلم تَسلم العوامية -كغيرها- من انحراف أفكار بعض شبابها الذين خدعتهم دعوات المتربصِين بهم وبوطنهم شرًّا؛ إذ كانت إيران -ولاتزال- تفكِّر وتُقدِّر وتدبر المؤامرات لزعزعة أمن وطننا بأي وسيلة بمقدورها أن تستخدمها، ولأن خير وسيلة لضرب الخصم هي ضرب بنائه الداخلي بواسطة شبابه، فقد كانت حبكة المؤامرة الإيرانية (كغيرها) تركز على شباب وطننا وليس سواهم لتنفيذ مخططاتها، حينها ظنت فئة قليلة من شباب العوامية وبعض الزعامات المخدوعة أن الفردوس الموعود يقبع في الشط المقابل من الخليج العربي، وأنه لم يعد يحول بينهم وبينه إلا ضخ مزيد من أموالهم باتجاه الشرق ثم الخروج والتمرد وإزهاق أرواح الأبرياء من أهلهم وذويهم ورجال أمنهم لينعموا بعد ذلك بالفردوس الموعود وتحوطهم بركات الملالي !.

فترة عصيبة عاشتها العوامية حينما خرجت فئة قليلة ضالة -لا تمثل العوامية- ووجهت نيران أسلحتها لأهلها وذويها ورجال أمنها وزائري العوامية؛ سعيًا وراء أماني الثورة المشؤومة. خلال تلك الفترة استُشهِد عدد من رجال الأمن البواسل، واستُشهد بعض رموز العوامية الأحرار وشبابها الأبطال وعلى رأسهم القاضي الشيخ (محمد الجيراني) رحمه الله وشهداء العوامية أجمعين. إزاء هذا الوضع الذي كاد يجعل من العوامية (ضاحية) في جسد وطننا بادرت الحكومة بوضع يدها على مكامن الخلل، وكان من أهم تلك المكامن التجاء مخططِي الإرهاب ومنفذِيه لأوكارٍ متهالكة في بلدة المسورة القديمة وسط العوامية، لذا كان لابد من إزالة المسبب ليزول السبب، وهو ما جعل الإرهابيين يخرجون من جحورهم ويتساقطون بأيدي رجال الأمن وحُماة الوطن، عندها تنفس العواميون والوطن بأكمله الصعداء وهم يرون الأمن يضرب بأطنابه في أرجاء العوامية من جديد. واليوم وبعد أن تم تطهير حي المسورة من الإرهابيين وأوكارهم يجيء أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف ليضع حجر الأساس لمشروع تطوير وسط العوامية الذي سينتهي خلال عام، ليدشن بذلك مرحلة جديدة في مسيرة التنمية في العوامية كغيرها من أجزاء الوطن، ولتنعم العوامية بالأمن والرخاء بعد أن أُريد لها أن تكون خلاف ذلك. العوامية وبعد القضاء على الإرهابيين أجزم أنها ستكون قبلةً لأبناء الوطن -بكل أبعاده- ليحلوا ضيوفًا أعزاء مُرحَّبًا بهم عند إخوانهم أصحاب القلوب البيضاء والعقول المتنورة أهالي العوامية وقاطنيها، سيأتي الجنوبيُّ والشماليُّ والغربيُّ ومن يقطن قلب الوطن إلى العوامية وهو موقن بأنه في أبها أو نجران أو عرعر أو تبوك أو جدة أو بريدة أو الرياض وسيجد الترحيب والحفاوة من العواميِّين. وحتى نحفظ لمن بذلوا أرواحهم الغالية للقضاء على إرهابيي العوامية -من رجال أمننا ومن مواطِني العوامية- حقَّهم، ونكون معهم أوفياء فإن من أبسط حقوقهم أن تتزين شوارع وميادين ومعالم العوامية بأسمائهم؛ حتى تعرف الأجيالُ فضلَهم، ويحفظ لهم التاريخُ تضحيتَهم.

______________

*صحيفة المدينة، الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1439هـ – 21 فبراير 2018

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×