[شعر] سيد أحمد الماجد: عليٌ على حصير المجاز
سيد أحمد الماجد
طلعٌ وما شبع الزمانُ رياحا
أتعبتَ دهرك جيأةً ورواحا
متلحفا جفن الخلودِ وتغمض
الخطوات نقشك مورقًا منزاحا
تتناسل الأبواب خلف الغيب
يا أثرا يسك غيابه المفتاحا
عنب وبدء الكرم غيب، والمسافة
والمسافة تعصران قراحا
يتسلق التأويل اسمك كلما
حدسُ الندى يتسلق التفاحا
يتقاطع التاريخ -ليس كمثله
عمر- يسميه المحال نجاحا
فليكتب الملكوت يا إملاءه
وليعجن الإغماض والإيضاحا
ومن الحصير إلى السراج سيغرق
التاريخ يخسرُ شيخَهُ السباحا
ولأيِّ أجنحةٍ يلاحقك الخيالُ
لأي أغنيةٍ سكوتُكَ راحا؟
قف للسطور لكي تراك وعلمِ
الألوانَ كيف تطارحُ الأشباحا
مسكينَهُ ويتيمَهُ وأسيرَهُ
بَعَثَ الخيالُ فنبأ المداحا
يغتابك المشوارُ يا نحاته
حيث البلادُ تدللُ السواحا
مذ صمتك الكلمات ترفع
للكناية سقفها فتظللُ الشراحا
أشرعت خصبك للدهور حدائقا
لكن شعبك لم يكن فلاحا
والأرض لم تفطنْ يديك وأنت
تخصف والصخور تطارد الأرواحا
يقسو عليك الحزن كنت أبوة
الأعيادِ تطعم جرحها الأفراحا
وتضج من موال غيبك وحدةٌ
بظلال ناي قيل مشيُكَ باحا
يا آخر الأوتار يغرق في الشهيق
محملا رئة العصور نواحا
أسفا لعمرك أن تناهز سكرا
وتظل فيه تشاغب الأملاحا
ظل تنهد، ما يشاطره السراج
من التململ أجل الإفصاحا
يا خاصف الشسعين تبحث عن يد
تطفي السراج فلا تريح صباحا
هدرت وقرت شقشقاتك غربةً
حيث الجوابُ عن السؤالِ أشاحا
لا ضير يا من طلق الدنيا
ثلاثا والشراع يعاند الملاحا
تتقادم الأيام في طعناتها
شبعا وأنت تراوغ الذباحا
لصداك لم تتمالك الأزمان أنفاس
الحقيقة شهقة وصياحا
جم جوابك وهو يبحث عن سؤال
كي يخفف ثقله الألواحا
خلف السكوت فمٌ تواترَ عن شذىً
وأدته وحدته فكلَّ أقاحا
هربت من الصدر المسافة أغمضت
شمسًا تريد مسامرا لماحا
شفتاك تبحث عن رواة
فالراوية لم تجد لخمارها فضَّاحا
حبست بك الأقطار تقطع شهقة
شابت فما فك الزفيرُ سراحا
صمتَ انسكابُكَ ما انقضى نبعًا سوى
أن الحنايا لم تكن أقداحا
تعبت مباضعك النبية في زمان
السقم وهو ينازعُ الجراحا
أوكلما تاب القطيع تقهقرت
(للحوأب) الذكرى فزاد نباحا
لا النهروان استيقظت من رملها
لا الكوفة التأمت جنىً وفلاحا
قحطٌ يخاصم ياسمينك ليته
أغرى المناجل واشتهى الإنضاحا
ما زال يذكرك المهب، بنسمة
تعبى يعلقُ عطرك الفواحا
والريح تنظر للوراء كم اشتهتك
وكم تركتَ خلودك النفاحا
أثر تغازله الأرائك لم يكن
كالدرب كان خمائلا وجراحا
الحقلُ لا يدري بأن رواية
الأعذاق تشرب حزنك النضاحا
جاءت وراحت ظبية الآماد
تأكل من حصيرك ما الخلودُ أطاحا
والقمحُ دلَّ عليك فوق أصابعِ
التاريخ تنثر ليلَه الوضاحا
للوحي أن يزهو بأنك مصحف
ألقى الغلاف -لكي يُرى- وانزاحا
ما زال يثقل كاهل الأرقام عمرك
لم يعد عدُّ الرقاع متاحا
تستغفر الخطواتُ سبحك والمدى
يستأذن الخطواتِ أن يرتاحا
الوقتُ ضاع بنبضك الفضفاضِ
والتأمت سنونك للعروج جناحا
تتساءل الدنيا عن الأثر الذي
أغرى السراجَ وأذهل المصباحا
أذكى قوامُك خشيةَ الكونِ
الجريء متى يزرر حولكَ الأدواحا
بين الغطاء فقدت نصك واليقين
يُكِنُّ قافيةً ويُضمِرُ راحا
وقفت على كتفِ القصيدة قبةٌ
وأضاء شُباك المجازِ ولاحا
جسري المحطم مقلتانِ، روايتي
أن لا أراك تواترت أقزاحا
تبدو بصحراء القصيد وتختفي
معنىً فيلبسه السرابُ وشاحا
مرَّ السرابُ هنا وخلَّفَ بيدرًا
وخطى ومنجل مشرق ولقاحا
كتب المحالُ قصيدةً أتلوح لو
أفشى المجازُ قوامها وأباحا؟
السرُّ مضمارُ الخيال فعد إلى
لجم المجاز وزد إليه جماحا