الصادق يغادر الإعلام.. وشعر الصحيح وأبو المكارم وأبو زيد يودعه لاحق الأخبار 32.. ثم صار خبراً في "القافلة الأسبوعية"

القطيف: صُبرة

بعد 32 سنة من ملاحقة الأخبار والتقارير والاستطلاعات؛ تحوّل عادل الصادق إلى خبرٍ وتقرير في الصحيفة الأسبوعية التي ترأّس تحريرها مدة من الزمن، ومارس دوره على ما يُنشر فيها، وفي بعض مطبوعات شركة أرامكو السعودية، بوصفه مستشاراً للتحرير ورئيس غرفة الأخبار العربية.

وصدرت “القافلة الأسبوعية” ـ أمس الخميس ـ موثّقة سيرة الصادق وحفل وداعه، ومحتفلة بدوره في قسم النشر العربي في الشركة، منذ انتقاله إلى إدارة العلاقات العامة، سنة 1987م.

لكن اللافت في الحفل وفي تقرير الصحيفة؛ وجود ثلاث قصائد من الشعر في وداع الزميل الصادق، كتبها: جاسم الصحيح ومحمد أمين أبو المكارم وعبدالوهاب أبو زيد.. والأخير هو الذي حلّ محلّ الصادق بعد تقاعده..!

وتُعيد “صُبرة” نشر ما نشرته “القافلة الأسبوعية” في عددها الصادر أمس.

صفحة كاملة صدرت لتوثيق سيرة الصادق وحفل وداعه

وداعية أرامكوية فاضت شعرًا وكلماتٍ

عاشق “القافلة الأسبوعية” يترجل عن صهوتها بعد 32 سنة

بالأمس كان هنا، وفي غرة أغسطس 2019م رحل مستشار تحرير القافلة الأسبوعية ورئيس غرفة الأخبار العربية عادل أحمد محمد الصادق، متقاعدًا من العمل ومودِّعًا زملاءه في حفل فاض شعرًا ونثرًا وأدباً، بعد رحلة دامت أكثر من ثلاثة عقود ونصف من الخدمة في الشركة.

سيرة ومسيرة

التحق الصادق بالعمل في 30 سبتمبر 1981م، وابتعث إلى جامعة سونوما ستيت في ولاية كاليفورنيا، وتخرج فيها في مايو 1986م. بدأ العمل في قسم الخدمات المساندة مسؤولاً عن وحدة التوزيع لإدارة العلاقات العامة، ثم انتقل إلى قسم النشر والعلاقات الإعلامية وتحديدًا في القافلة الأسبوعية، في مايو 1987م، حتى تقاعده.

أول مادة نُشرت للصادق سنة 1406، حين كان اسم النشرة “قافلة الزيت”

تطور وظيفيًا من كاتب ومحرر صحفي، حتى صار اختصاصيًا ثم مستشارًا في العلاقات العامة، وعمل في الوقت نفسه مساعدًا لمسؤول التحرير ثم مسؤول التحرير، ثم رئيس التحرير، ثم أخيرًا مستشار التحرير ورئيس غرفة الأخبار العربية.

شارك في تطوير القافلة الأسبوعية منذ أن كانت تنشر باللونين الأبيض والأسود في ثماني صفحات حتى أصبحت على ما هي عليه الآن. كتب لمجلة القافلة والقافلة الأسبوعية عددًا كبيرًا من الاستطلاعات المصورة عن أعمال ومشاريع الشركة، وكذلك اللقاءات مع عدد من المسؤولين، وتغطية مؤتمرات وأحداث وفعاليات عديدة، أتاحت له التعرف على أعمال الشركة الواسعة والضخمة عن قرب، في مختلف مناطق المملكة، وصولًا إلى دول الخليج وعدد من دول أوروبا وآسيا القصوى.

الصادق في صورة تعود إلى أيام الصبا الأول

يقول عادل في هذا الصدد: “أتاح لي العمل في القافلة الأسبوعية، على مدى ثلاثة عقود ونيّف، الفرصة للتعلم واكتساب الخبرات المختلفة والتعرف على موظفين من مختلف المناطق ومختلف دول العالم ممن يحملون خلفيات ثقافية متنوعة، إلى جانب كيفية التعامل معهم خاصة في المشاريع المشتركة والمناطق النائية .. لا أستطيع القول إن مشروعًا معينًا كتبت عنه هو الأفضل بالنسبة لي، إلا أنني وقعت في هوى بعضها، خاصة منيفة والحصباة والظلوف، وكما يتضح كلها بحرية لأنني أعشق البحر”.

وأضاف قائلًا: “أما على صعيد المشروعات التي قمت بها في الشركة ويسعدني أنها تحمل بصمتي فعديدة، ومنها: دليل التحرير العربي في طبعته الأولى، وكذلك في صيغته الجديدة وطبعته الثانية التي عملنا عليها بشكل استثنائي مع عدد من الزملاء من قسم النشر وقسم العلامة التجارية، كما شاركنا في إعداده ومراجعته عدد من الزملاء بإدارة شؤون أرامكو السعودية. أما الكتاب الذي أفخر بالعمل عليه فهو كتاب منيفة بنسختيه العربية والإنجليزية، وبدأت العمل على كتاب الشيبة وهو النسخة الثانية من الكتاب الذي طُبع أول مرة في عام 2006م، وقطعت مع زملائي شوطًا طويلًا في هذا المشروع الممتع، لكن حانت ساعة التقاعد قبل إنهائه”.

فريق القافلة الأسبوعية يحتفون بالصادق

في ليلة مفعمة بمشاعر الود والمحبة، تحلّق زملاء الصادق وانعقد نصابهم للاحتفاء به في أحد فنادق المنطقة. ولعل السؤال الذي كان يتردد في خلد كل واحد منهم هو: ما الذي يمكن أن تقوله عن سيرة رجل عمل في حقل النشر وفي نشرة القافلة الأسبوعية على وجه الخصوص أكثر من ثلاثة عقود من الزمن؟ ففي كل صفحة منها تجد له بصمة، وفي كل مقالة نبضًا، وفي كل مجلد من مجلداتها السنوية لمسةً وحضورًا، وإذا عدّ أبناءه فلا تتعجب إذا عدّ القافلة الأسبوعية بينهم، ففيها طوّر عددًا من الكفاءات ودرب عددًا من الكتّاب، الذين يدينون له بالوفاء والجميل.

وهذا ما أشار إليه مدير قسم النشر، متعب القحطاني في كلمته، حيث أشار إلى تميّز الصادق باحتواء الموظفين الذين عملوا معه في الأسبوعية وتطويرهم، ورعايته للكتاب الذين يشاركون في النشرة بالتوجيه وبعث الحياة في مقالاتهم؛ كما يتميّز بتفانيه في العمل حتى لحظاته الأخيرة قبيل التقاعد، دون انتظار مقابل؛ ونوّه قائلًا: “يؤسفني قصر تجربتي معك، لقد كنت الأخ والصديق والأستاذ .. وإذا تقاعدتَ من العمل فأدعوك إلى ألا يتقاعد قلمك”.

وهذا ما أكّد عليه زميله مسؤول تحرير النشرة بالوكالة، ناجي عوض، حيث دعاه إلى كتابة تجربته الطويلة والغنية ليستفيد منها الجيل الآتي من الشباب.

علاقة متميزة مع الجميع

من جهته أشار رئيس تحرير مجلة القافلة الأسبق ومستشار التحرير في قسم النشر، محمد العصيمي، إلى جوانب مضيئة في مسيرة عادل العملية ومنها الابتسامة والهدوء وعدم الانفعال حتى في أحلك الظروف، وأشار إلى أن عادل تعامل مع عدد كبير من الموظفين والمسؤولين الذين ربطته بهم علاقة طيبة لم تنقطع، وهنأه بالتقاعد لتتاح له فرصة التوجه لأسرته وقضاء فترات أطول معها.

بينما قال رئيس تحرير مجلة القافلة السابق محمد الدميني، رفيق الدرب المتقاعد قبله بعام: “كان لقائي الأول بعادل عام 1987م، وكان انطباعي الأول عنه سلبيًا، لكن معرفتي المقربة منه بددت ذلك الانطباع، ونشأت بيننا علاقة متميّزة ما زالت قائمة حتى بعد التقاعد”.

أما رئيس وحدة المطبوعات الدورية ورئيس تحرير مجلة القافلة بندر الحربي، فوصفه بأنه جنتلمان حقيقي.

معلم الرياضيات المخيف

أما رئيس وحدة العلاقات الإعلامية المحلية فايز البيشي، فقال: “عندما رأيت عادل لأول مرة ظننته معلم رياضيات شخصيته جادة ومخيفة؛ لكني عملت معه لسنوات فتح فيها أمامي الفرص وكان حاضرًا في كل ما أحتاج فيه إليه، فأكملت دراستي الجامعية وطورت مهاراتي الكتابية واللغوية، وما وصلت إليه كان بفضله. لم يكن رئيسًا أو زميلًا بل كان أبًا”.

أما مدير قسم النشر السابق هيثم الجهيران، فقد حجبته المسافات عن الحضور في الأمسية، فأرسل تحيته من الصين قائلًا: “كم أتمنى أن أكون في معية أبي خالد الليلة ولكن ما إلى ذلك من سبيل .. أتمنى له الصحة والعافية وراحة البال وطول العمر .. وقُبلة على الرأس، مع تقديري العميق لدعمه وخبراته التي كانت ملاذًا لنا في الصعاب. ولا شك أن لأبي خالد لمساته الخاصة به في أي محتوى ينتجه أو يراجعه. إنه قامة كبيرة نحتتها السنون ولا ريب. أتمنى له التوفيق والسداد فيما هو مقبل عليه”.

وفي ختام الحفل، قدّم له زملاؤه عددًا من الهدايا أبرزها الأعمال الأدبية الكاملة لدوستويفسكي، كما التقطوا الصور مع المحتفى به.

أبيات الوداع

من اليمين: عادل الصادق، عبدالوهاب أبو زيد، عبود عطية، محمد أبو المكارم، محمد الدميني

في ثلاثية شعرية أشعلت المشاعر وفاضت بالعذوبة وحوّلت اللقاء إلى أمسية شعرية، تألق فيها الشاعر عبدالوهاب أبو زيد، الذي تسلّم مؤخرًا مسؤوليات الصادق في القافلة الأسبوعية، شعرًا وإلقاءً، في قصيدة قال فيها:

يا أبا خالدٍ ترحّلتَ عنّا

مسرعًا فالضلوعُ بعدكَ قَفْرُ

فكأنْ لم يمرَّ فيهنَّ غيمٌ

ذات يومٍ، ولا تنزّلَ قَطْرُ

بينما تحدث رئيس وحدة المراجعات والموافقات ونائب رئيس تحرير مجلة القافلة، محمد أمين أبو المكارم عن علاقته بالصادق، ووصفها بالثنائي المتناقض، في إشارة إلى تبايناتهما الثقافية، التي لم تتحول يومًا إلى خلاف أو صدام، كما ودّع صديقه بقصيدة جاء في ختامها:

فلا تحزن وإن ناواك حظٌ

ولا تفرح إذا صافاك دهر

فصرف الدهر كأس ليس يصفو

وأيام الهوى حلو ومرُّ

وكان مسك الختام رسالة بعث له بها الشاعر الكبير الأستاذ جاسم الصحيح: خُذْها عبارةَ صاحبٍ لك أيها الصديق الأستاذ عادل الصادق بمناسبة تقاعدك من العمل:

قالوا: أناخَ مياهَهُ الشَّلَّالُ

وارتاحَ ذاكَ الهادرُ السَّلسَالُ!!

فأَجَبْتُهُمْ: سيَظَلُّ صوتُ خريرهِ

وكأنَّما هُوَ في المدى مَوَّالُ

أأُخَيَّ (عادلُ).. لا تَقَاعَدَ خاطرٌ

يجلو رُؤَاكَ، ولا استقالَ خَيَالُ!!

ما زال مضمارُ الكتابةِ.. تنطوي

فيه الخيولُ، ويخلدُ الخَيَّالُ

وتظلُّ أنتَ يراعةً في قلبِها

ينمو الرجاءُ وترتعُ الآمالُ

خُذْها عبارةَ صاحبٍ لكَ صادق:

إنَّ التقاعدَ في الحياةِ مُحالُ!!

من اليمين: عبدالوهاب أبو زيد، عادل الصادق، بدر القطيفي
قصيدة عبدالوهاب أبو زيد في وداع الصادق

اقرأ أيضاً

عادل الصادق يُنهي اليوم الأخير في إعلام أرامكو

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×