النسابة الجشي لـ “صُبرة”: أخبرتُ طفلين باسمَيْ أمّيهما.. فقالا لي: أنت مباحث…! حلّ ضيفاً على ديوانية سنابس وتحدث عن 7 آلاف أسرة في القطيف

كتب: مُحرّر صُبرة
“لأنهما من أصدقاء أبنائي، استدعيتهما إلى المجلس، وسألتُهما عن اسميهما. ثم فتحت جهاز الحاسب، وبحثتُ في ملفاتي. ثم قلت لأحدهما: أمك فلانة، وقلتُ للآخر: أمك فلانة.. فما كان منهما إلا أن سألاني: أنت مباحث”…؟!
كانت هذه قصة من قصص طريفة واجهها النسّابة سامي الجشي، مع طفلين، سردها لـ “صُبرة”، في حكايته مع تدوين أنساب الأسر في القطيف. وهي حكاية طويلة بدأت قبل 39 عاماً، وما زال يعمل فيها.

في ديوانية سنابس
وصباح اليوم؛ كان الجشي ضيفاً على ديوانية سنابس، ليسرد الحكاية التي تكاد تبلغ أشدّها، متضخمةً في 74 مجلّداً، جمع فيها تفاصيل التفاصيل عن أكثر من 7 آلاف أسرة تعيش في المحافظة، راصداً أُصولها، ثم آباءها وأمهاتها وأبناءها وبناتها، في عمل موسوعي استقصائي، بدأه وهو في سن الـ 19، وما زال منكبّاً عليه، وقد ناهز الـ 58 عاماً. وأمام هذه المعلومات وطريقة العرض ودقة التفاصيل؛ سرق الجشّي إعجاب حضور ديوانية سنابس، وأثار الجمهور الأسئلة، وواجهها الجشي بإجابات الباحث المتمكن من اشتغاله.

مجتمع لا يرحم
ولم يُخفِ الجشي من الحديث عن معاناته في البحث والتدوين.. وقال أمام الجمهور “المجتمع لا يرحم، ولا يُقدّر حجم التعب الذي يبذله الباحث في مثل هذه الأمور”. أضاف “قد تبذل جهداً مضنياً في تاريخ أسرة ومعلومات أبنائها، وتدوين مئات المعلومات عنها، ثم يغضب منك أحد أفرادها لأن خطأً عابراً مرّ في سطر من السطور”. ووصف موسوعته الكبيرة؛ التي رُتّبت على حروف المعجم، وفي كلّ مجلد مجموعة كبيرة من الأسر، يتمّ استعراضها جيلاً بعد جيل، وتستقصي التشعب والتفرّع، وترصد الالتقاء بأسر أخرى ربما تحمل أسماء أُخرى مختلفة”. ويشمل ذلك “الذكور والإناث والأبناء والبنات والزوجات”. وفي النهاية “تجد كلّ أسرة تاريخ نسبها وبإمكانها وضع شجرتها الخاصة”.

لا تدوّن هذا..!
لكن الاستقصاء قد يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك؛ فأحياناً يتمّ تدوين “واقعة عرَضية، مثل عقد الزواج ثم فسخه”. وقد عرّضه مثل هذا التدوين لبعض الحرج، وروى لـ “صُبرة” قصة شخص حذره من تدوين زواج أخته من فلان، لأنها انفصلت عنه..!
وحين سألته “صُبرة”: هل تدون حتى هذه المعلومات..؟
أجاب: أحياناً أدونها إذا عرضت لي، ووجدتُ في التدوين وجاهةً، ففي النهاية هي معلومة عن حدث وقع، والعقد المفسوخ الذي أتحدث عنه هو ـ في النهاية ـ زواج شرعي، ولا شائنة فيه.

نوم 4 ساعات
هذا التخصّص البالغ الدقة، والعناية الحريصة على أنساب محافظة من المحافظات؛ احتاج إلى جهد جهيد لا يعرف التوقف.. وصباح اليوم قال للجمهور إنه لا ينام أكثر من 4 ساعات في اليوم، فيما يُمضي ساعات اليوم الطويلة في الاتصالات والزيارات والتدوين والمراجعات. وقال إنه استعان بمصادر تاريخية كثيرة، واستلّ منها ما يفيد مشروعه، وبالذات الكتب والمؤلفات التي تناولت الأنساب والتاريخ والوقائع، فضلاً عن مؤلفات في الأدب والتراجم. لكن معظم المعلومات التي لاحقها الجشي تتركز في المصادر الشفاهية، أي من أبناء الأسر أنفسهم، وكبار السن، بيد أنه استعان بأجيال مختلفة من أبناء الأسر ليتثبّت من المعلومات التفصيلية.

حضور قوي
دائرة البحث الميداني لم تقتصر على القطيف. الجشي تواصل مع أسر في الأحساء والخبر والدمام. بل سافر إلى دول خليجية باحثاً ومنقّباً عن تواريخ وأسماء وكتب وموروثات تخصّ بعض الأسر. ووسّع الدائرة ليتناول الشخصيات البارزة في الأسر، وآثارها العلمية والأدبية، ووصل الاستقصاء إلى تصوير وقراءة العبارات التي كانت بعض الشخصيات تستخدمها في خواتمها.
معلومات على هذا النحو من التفصيل والعرض، والصوت الجهوري، واللسان الفصيح، حدّ ضبط الإعراب بعنايةٍ وحرص.. كلّ ذلك مرّر وقت المحاضرة على الجمهور من دون أن يشعروا.. هذا وصف عبدالله شهاب ما حدث، وهو أحد الحضور. وقال شهاب لـ “صُبرة” كان الحضور قوياً وكثيراً، والسرد مشوقاً، والمعلومات وفيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×