السيد جعفر الخضراوي.. خطيبٌ من جيل ثلاثينيات القرن الماضي عاش قرناً وعامين.. ومارس الخطابة 8 عقود

القديح: صُبرة

تودّع القديح، عصر اليوم، وجهاً روحانيّاً عاش فيها قرناً وعامين من الزمان. وقبل غروب شمسها يُشيّع الأهالي السيد جعفر الخضراوي، الخطيب الذي ينتمي إلى جيل الخطباء الذين بدأوا في ثلاثينيات القرن الميلادي الماضي، وامتدّ به العمر إلى أواخر العقد الثاني من الألفية الجديدة.

وُلد السيد الخضراوي في الـ 15 من شهر ربيع الأول 1338، أي بعد 7 سنوات من انضمام القطيف إلى الحكم السعودي، وأمضى أكثر من 8 عقود في الخطابة والوعظ، مسجّلاً سيرة الورع في قرية تحفلُ وتحترم وقار المؤمنين.

وجاء إعلان وفاته، صباح اليوم، لتصطبغ مراسلات أهل البلدة بالحزن حداداً على الوجه الذي وقّروه وبجّلوه.

آل الخضراوي

ينتمي الخطيب الراحل إلى أسرة “الخضراوي”، ووالده هو السيد هاشم بن السيد علي بن السيد محمد بن السيد ناصر. ولهذه الأسرة امتدادٌ قديم يصل إلى الأمام موسى الكاظم. ويرتبط معها ـ بالمصاهرة ـ عائلتا العلويات والسعيدي، ويقال أنهم منحدرون من جد واحد.

وحسب المشهور؛ فإن لقب الخضراوي منسوب إلى (الخضرا) وهي منطقة زراعية في (أم الساهك) نزلت بها الأسرة عند قدومها من (البصرة).

وهناك صنف من التمر في البصرة يدعى “الخضراوي”، وقد يكون اللقب جاء معهم حاملاً اسم ذلك التمر الذي ما زال موجوداً في القطيف ايضاً.

وتلتقي أسرة الخضراوي مع أسر علوية أخرى مثل (آل الغافلي) و (آل الشخص) في بلدة القارة الأحسائية و (آل الحاجي، البرّاقي) في قرية التويثير بالأحساء أيضاً. ومنهم السادة (آل المهري) في الكويت وإيران، و(آل السيد خليفة) و (اللعيبي) في البصرة، و(آل الحمّامي) في النجف و(آل بو طبيخ) بالعراق وغيرهم، وهؤلاء كلهم أبناء عمومة ينتهون إلى أسرة واحدة تلتقي عند جدها الأعلى هو السيد أحمد الموسوي المدني الذي نزح من المدينة إلى الأحساء في القرن الثامن الهجري ( ).

نشأة

نشأ السيد جعفر الخضراوي في القديح، وفي سن الرابعة أصيب بمرض أفقده النظر إلا بصيص نور يساعده على السير والحركة.

وبعد وفاة والده في 12/6/1357هـ نشأ مع خاله السيد أحمد الخضراوي، وعمل معه في الفلاحة، ثم اتجه إلى الخطابة.

ووالدته هي السيدة هاشمية بنت السيد إبراهيم الخضراوي، المولودة سنة 1315هـ والمتوفاة يوم الجمعة 7 شهر رمضان 1377هـ، وهي إحدى الخطيبات والمعلمات في القديح، وقد كان لها دور كبير في تخريج كثير من خطيبات البلدة.

تعليم

في سنة 1348هـ أدخله والده كتـّاب السيد محمد الشميمي ( ) ومكث عنده سنوات حتى حفظ خلالها القرآن الكريم، وهو دون السادسة عشرة من عمره، وبدأ في حفظ الشعر العربي وتعلم فنّ الخطابة. وبعدها تعلّم شيئاً من العربية عند العلامة الشيخ حسين القديحي ثم عند نصر بن حسن بن نصر الله في القلعة.

خطابته

بدأ مهنة الخطابة وهو في العقد الثاني من عمره مقدِّماً للملا محمد جواد المزين من أهل العوامية، ثم قدّم للملا حسن المقيلي في القديح. وقدّم خلال شهر محرم للشيخ حسين القديحي، وقدّم خلال شهر رمضان واحد للسيد محمد حسن الشخص، عند عمدة القديح في وقته السيد رضي أبو الرحي.       

كان يعتمد في الحفظ على الاستعانة بالآخرين للقراءة له، مثل السيد محمد الشميمي والملا حسن المقيلي والملا مهدي آل درويش) وغيرهم.

وفي سنة 1364 استقل في الخطابة، وقرأ عشرة محرم عند الحاج أحمد حيّان، واستمر في مشواره مع الخطابة في القطيف وفي الأحساء. وبعد أن أعجزه المرض وأعاقه عن الخروج، صار يقرأ في بيته ظهر كل يوم، ما عدا يوم الجمعة حيث يقرأ في الحسينية التي أنشأها (الحسينية الجعفرية).

وممن قدم له في القراءة: السيد حسين الجراش، الملا عبد الله الشاعر، الملا محمد علي آل ناصر (أبو سيبويه).

مجاميع

اهتم السيد جعفر بجمع القصائد والمجاميع، فكوّن له أكثر من مجموع نفيس، ومن ذلك:

  • المصاب الدائم في خروج الحسين من مكة مع أولاده وبني هاشم: طبع بالمطبعة الحيدرية في النجف الأشرف سنة 1374هـ.
  • وفاة السيدة زينب ي.
  • رحلة المصاب : مختصر لرحلة السبايا من كربلاء حتى المدينة.
  • مجموع جمع فيه كثيراً من الأشعار العربية والشعبية وأحاديث المصيبة، وفيه جزء كبير من ديوان الشيخ محمد صالح بن الشيخ أحمد آل طعان.

ومجاميعه مكتوبة بأيدي أشخاص متعددين منهم:

  • السيد محمد الشميمي.
  • ملا مهدي بن محمد آل درويش : ولعل أكثرها بخطه.
  • جعفر بن ناصر.
  • أحمد بن حسن مكي.

– كان له اهتمام بحفر الآبار الارتوزاية لسقاية أهل بلده، وعرفت بعض الآبار باسمه.

– اشترى أرضاً وأنشأ عليها حسينية أسماها (الحسينية الجعفرية)، وكان بدء العمل فيها في 20/5/1420هـ، وافتتحت في 18/1/1422هـ بقراءة مصرع العباس ط قرأه الشيخ عبد الحميد المرهون.

تنويه:

جميع ما ورد في التقرير مصدره كتاب “على أعتاب الحسين” للباحث لؤي سنبل.

‫2 تعليقات

  1. رحمه الله برحمته الواسعه واسكنه فسيح جناته وهنيئا له الجنة مع محمد واآل محمد .. ورحم اللهركاتب التقرير وجامعه

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×