قُدَيح
أمجد المحسن* |
لا تسقني القدحَ الكبيرَ ، كفايتي
هذا القُديحُ فلا تملْ بكبيرِهِ
قَدَحٌ صَغيرٌ ، واشتهيتُ ثمالةً ،
تُشفى بها رُوحي ببعضِ عبيرِهِ
أفِضِ القُديحَ على حِفافِ قصيدتي ،
فقليلُ سُكْرٍ في الهوى كَكثيرِه !
ودلالُ كلِّ اسمٍ إذا استملَحتَهُ ،
فخُذ اسمَهُ دلَعاً إلى تصغيرِهِ
اقْدَحْ قرائحكَ القُديحيَّاتِ ، لمْ
يملِقْ بها مُثْرٍ على تبذيرِه
يا مؤمنينَ ، أؤنِّثُ القَدَحَ التي … ،
أم أنَّ نفعَ النّاسِ في تذكيرِهِ ؟!
وهي القُديحُ ، هُو القُديحُ ، فحيِّ ما
عجزتْ نُحاةُ الأرضِ عن تقديرِهِ
هذا التّرابُ هو الصّوابُ ، فغنِّهِ ،
واكتُبْ بِسِدْرَتِه على كافُورِهِ
أنا والقُديحُ حكايةُ الفخّارِ من
صلصالِ آدمَ مائِهِ وطَهُورِهِ
ليلٌ قُديحيٌّ كأنَّ سماءَهُ
قَمَرُ الزّمانِ بها وبدرُ بُدورِهِ
ألفيتُني في غيمةٍ شِعريّةٍ ،
نشوانَ بين تُرابِه وأثيرِهِ
ورأيتُ أزمنةً زِحاماً ، هلْ ترى
هذا الزّحامَ ؟ ، فذاكَ رجعُ دهورِهِ
وإذا الكلامُ أرادَ وصفَ مليحةٍ ،
أَنْحى بمُخملِهِ على بَلُّورِهِ
أمَّا القُديحُ فمن جماليّاتها
أنَّ الكلامَ يتوهُ في تقصيرِهِ
ليتَ الزّقاقَ المنتهي لا ينتهي
أبداً ، فيُسعِفُني امتدادُ مسيرِهِ
نمشي هنا في لوحةٍ كوفيَّةٍ ،
ما ضَفَّرَ الخطَّاطُ في تحبيرِهِ
هذي الدّروبُ كأنَّها في ضيقِها
سِعةُ الحنينِ على هوى تفسيرِهِ
أو قُل خطوطُ يدٍ لها أسرارُها ،
ما حالَ عنها الظلُّ في تدبيرِهِ
والنّاسُ مرآةُ المكانِ فلم يضِقْ ،
ما ضاقَ بالإنسانِ غيرُ غُرُورِهِ
______________
* شاعر سعودي، نشر أربع مجموعات شعر، سهرة عباسية، أدراج، حضرة ذوات الأكمام، مكعب روبيك.