دعم الأندية الرياضية من أموال الخمس

حبيب محمود

قبل سنواتٍ ثارت ثائرةٌ ضدّ عالم دين في القطيف، لأنه منح نادياً رياضياً 70 ألف ريال. واحتقن بعض “مطاوعة” البلدة ضدّه لأنه صرف أموالاً شرعيةً في وجهٍ غير شرعيٍّ، حسب تفسيرهم. وقد أخذت القصة مداها من الهرج والمرج، ويبدو أنها نُسيت، فيما بعد..!

إنها الأندية، وما أدراك ما الأندية. إنها جزءٌ من مؤسسات الشباب. وفي نظرة أُخرى هي مؤسسة من مؤسسات العاطفة المحلية لكل بلدة أو مدينة. وقبل عقود؛ كانت النظرة إليها مرتبطة بمفهوم كلمة “النادي”. وأتذكّر أن إحدى زوجات عمّي وبّختني لأنني صحبتُ ابنها معي إلى النادي..!

لكنّ الزمن المتغيّر؛ كشف لنا حقائق جديدة في مفاهيمنا الاجتماعية، خاصة مع التحوّلات الكبيرة التي مرّ بها المجتمع، ومع الأخطار المتكاثرة أمام شبابه. وبالتجربة الواضحة؛ أثبتت أن الأندية الرياضية حاضنٌ نموذجيٌّ وآمن لطاقات الشباب، وميدانٌ لجانب من جوانب الإبداع. وبالتجربة أيضاً؛ وضعت الأندية نفسها في موضوع الرمز الاجتماعيّ المؤسسي.

كلُّ نادٍ يحقق بطولةً أو إنجازاً؛ يُجيَّر هذا الإنجاز للحاضن الاجتماعي الخاص به. ميادين الإبداع متعددة، والرياضة واحدٌ من هذه الميادين. فضلاً عن ذلك؛ اتساع دائرة العاطفة الاجتماعية الإيجابية تجاه أيّ فرحٍ يدخل على المدينة ـ أو البلدة ـ في كلّ عودةٍ ميمونة لفريق من الفرق الرياضية..!

النادي مؤسسة اجتماعية تعود ملكيتها إلى المجتمع نفسه. النادي جزءٌ معبّر عن أي مجتمع. النادي ملاذٌ نموذجيٌّ لأداء الشباب.

وتمويل تشغيله، وإعداد كوادره، وبناء مشروعه، والمحافظة عليه؛ كل ذلك يقع على عاتق المجتمع ذاته. من المجتمع من يبذل من ماله، ومنهم من يبذل من جهده ووقته، ومنهم من يبذل مهاراته ومواهبه. ومحصّلة ذلك إبقاء النادي مؤسسةً شبابية تزداد الحاجة إليها يوماً بعد آخر.

وأمام الصعوبات التي تواجهها الأندية؛ تتضاعف الحاجة إلى الدعم. دعم الدولة، دعم أعضاء الشرف، دعم الناس.. وأيضاً دعم العلماء الذين تقع تحت أيديهم أموالٌ قدمها المجتمع لهم.

وجوه إنفاق الأموال “الشرعية” ما زالت محدودة، وضمن مفاهيم الحاجات الأولية، وفي إطار قديم أيضاً. في الأوضاع السابقة كان الإنفاق محدوداً في الطعام والمشرب والملبس، لأن مفهوم “الفقر” و “الحاجة” محصورٌ في هذه الأمور. أما في عصرنا الراهن؛ فإن المفهوم أصبح أكثر تعقيداً، وبات حتى الـ “واي فاي” حاجةً أساسية، وهي مجرد خدمة اتصالات لا تُؤكل ولا تُشرب ولا تُسكن..!

والأندية الرياضية ليست مؤسسات ترفيه، وأنشطتها ليست “وناسة” ولا “لهواً”. ما يجري في الأندية بات جزءاً من مسؤوليات المجتمع، ومن صلب رسالة المجتمع، ومن أسس فهمنا لطبيعة الشباب، وإدراكنا للمخاطر التي تتربص بهم، وبالذات في مثل هذا الزمن المرتبك..!

لستُ فقيهاً، ولا حتى متفقهاً، ولا أُدلي برأيي على سبيل الإفتاء، أو مواجهة الإفتاء. بيد أن فهمي البسيط يقودني إلى أن دعم الأندية، مالياً، لم يعد أمراً مندوباً أو كفائياً، إذا قام به بعضُ المجتمع سقط عن الآخر. فهمي البسيط يقول إن هذا النوع من الدعم بات قريباً من الواجب العينيّ “الاجتماعي” الملحّ للغاية، أمام كلّ مستطيع..!

شبابنا باتوا أحوج ما يكون إلى الحواضن الآمنة، حتى لا يسرقهم الفراغ، أو يلتقطهم الملتقطون.

‫5 تعليقات

  1. اذا لم تكن لا فقيهاً ولا عالم ولا متفقهاً ولا مواجهة الإفتاء …إذاً لماذا تفتح موضوع لا تعلم عنه شيئاً وباعنراقك بانك لا تفهم في الخمس
    واذا كنت لا تفهم فيه لماذا تتطرق لشئ لم ولن تفهم فيه حتى وان اجتهدت والتحقت بحوزة واذا كنت لا تفهم لماذا تفتح موضوع اكبر من فهمك
    كل سنة تظهر لنا بموضوع اكبر من فهمك وكأنك تريد ان تقول لنا بانك فهيم زمانك وانت بالحقيقة لا تعي شيئا لا بالكتابة ولا بجميع أطروحاتك سوى انك جاهل مثلنا في مواضيع الدين

    ورحم الله امرئً عرف قدر نفسه والفتنة نائمة لعن الله من ايقظها وَيَا ليت تأخذها من هذا الباب

  2. كثير من المشايخ بارك الله فيهم متجهين لدعم الانديه من الأموال الشرعيه،،،وخطواتهم هذه تصب في صالح مجتمع وشبابه

  3. موضوع مهم و جدير بالطرح

    و لكن اتحدي مساهمه شيوخنا بالخمس في انديتنا الا ما ندر

    اخماس البشر لقصورهم و ترفيهم وصلت بالعلن سفرات لاوروبا و سفور بالحياة اليوميه

    للاسف و مشاريع الشباب التنمويه و لا لك احد

  4. إذا كان النادي مؤسسة حاضنة حقيقة للشباب و الشبيبة
    حاضنة فكرية و أخلاقية فضلا عن كونه حاضنة لتنمية لعبة أو مهارة
    حاضنة داعمة للمستوى الدراسي لا عاملا في انتكاسه
    حاضنة داعمة للجانب الأخلاقي لا عاملا في تدميره
    حاضنة راصدة لكل تدني و في أي مجال لدى شبابها و عاملة على تقويمه

    ففعلا دعمه ماديا و معنويا واجب اجتماعي عيني على كل أفراد المجتمع

  5. احسنت اخ حبيب. مقالة تتحدث عن احد هموم الشباب، وهي الاندية، .وتضع حل لها.
    وانا اقترح ان يكون هناك شراكة بين الخمس والنادي بحيث يمون الخمس راس مال مشروع للنادي، الارباح تعود للنادي. ورأس المال يرجع لصاحب الخمس. بطريقة اخرى استثمار الخمس ليكون له عائد مادي يستفيد منه النادي.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×