[شعر] ناصر زين: مَاءٌ بِرَائِحَةِ السَّلام
ناصر زين
رِحْلَةٌ إِلَى مُعْجِزَةِ الْحُبِّ.. حَيْثُ التَّسَامُحُ وَالتَّرَاحُمُ يَخْنُقَانِ اللَّيْلَ وَيجْرِيَانِ الوِئامَ نَهْرًا لِلْإِنْسَان
حَزَمْتُ أَمْتِعَةَ الْمَعنى
وَلَا سَفَرُ
وَلَا (سُلَيْمَانُ)
لَا (عَرْشٌ)
وَلَا (خَبَرُ)
وَلَا أَنَا (هُدْهُدٌ)
قَدْ جَاءَ مِنْ (سَبَأٍ)
لِيُخبرَ الْوَرْدَ: أَنّ الشَّوْكَ يَحْتَضِرُ !!
وَلَا أَنَا (يُوسفُ الصَّدِيقُ)
حَيْثُ لَهُ سَتَسْجُدُ الشَّمْسُ
وَالْأَفْلَاكُ
وَالْقَمَرُ
أَنَا فَتَى الطِّينِ ..
طِيْنٌ كُلُّهُ حُلُمٌ
وَمِنْ خِلَالِيْ يَمرُّ الْمَاءُ وَالشَّجَرُ
أَمَشْي إِلَى حَيْثُ يَمْشِي الْحُبُّ
مُعْتَقِدًا أَنَّ السَّمَاءَ بِمَاءِ الرُّوْحِ تَنْهَمِرُ
فَالْحُبُّ بَوْصَلَةُ الْأَرْوَاحِ
وِجهَتُهَا تُطِلُّ مِنْ شُرْفَةٍ خَضْرَاءَ تَزْدَهِرُ
تُطِلُّ..
وَالرّيحُ لَا زَالَتْ تُمَزِّقُنِي
لَا تُبْقِيْ- مِنْ أَثَرٍ حُلْوٍ – وَلَا تَذَرُ
حَتَّى الْتَحَفتُ بآيَاتِ السَّلامِ
وَفِي كُلِّ النُّفُوْسِ سَيَنْمُو الْآيُ وَالسِّوَرُ
أَنَا أَنَا الطِّينُ..
هَذَا الْوَحْيُ بَلَّلَنِيْ
بَحرًا مِنَ الحُلْمِ
تَسْتَلْقِيْ بهِ الدُّرَرُ
وَقَفتُ فِيْ ضِفَّةٍ بَيْضَاءَ مُنْتَظِرًا مَاءَ الوِئامِ
وَكَانَ النَّهْرُ يَنْتَظِرُ !
قَبَضتُ مِنْ طِينَةِ الْأَرْوَاحِ رَوعَتَهَا
حَتَّى بَصرتُ بِمَا لَمْ يُبصِرِ الْبَصَرُ !
رَأَيْتُ أُفُقًا مِنَ الْإحْسَانِ قَدْ هَطَلَتْ مِنْ كَفِّهِ
جَنَّةُ الْإِنْسَانِ وَالثَّمَرُ
رَأَيْتُ مَوْجًا
وأَحلامًا
وَأَشْرِعَةً ..
سَفِينَةً
فَوْقَهَا الْأَوْطَانُ تَنْتَشِرُ !
سَفِينَةً تَدْفَعُ (الطُّوفَانَ) مِنْ يَدِهَا
وَمَوْجَةُ الْحُبِّ كـ( التَّنُّورِ) تَستَعِرُ
عَلَّمتُ كُلَّ جِهَاتِيْ
أَنَّ لِيْ وَطَنًا مِنَ التَّسَامُحِ
تَسْمُو فَوْقَهُ الْفِكْرُ
عَلَّمْتُهَا أَنَّ هَذَا الرَّمْلَ قَنْطَرَةٌ لِلْأُمْنِيَاتِ،
وَحُلْمٌ شَاسِعٌ عَطِرُ
عَلَّمْتُهَا كَيْفَ يَغْدُو الْبَحْرُ أُغَنِيَّةً
وَكَيْفَ يَحْلُمُ نَايُ الْعُمْرِ
وَالْوَتَرُ
عَلَّمْتُهَا أَنَّ وَجْهَ الْحُبِّ وجهَتُهَا
و(الطَّائِفِيَّاتُ) .. لَا وَجْهٌ وَلَا أثَرُ
وَأَنَّ سِكِّينَ وَهْمٍ خَلْفهَا رَكَضَتْ
وَعِنْدَ هَمْسَةِ وَرْدٍ سَوْفَ تَنْكَسِرُ
وَأَنَّ لِلْمَاءِ لَوْنًا
لَيْسَ يَعرِفُهُ إِلَّا الْمُحِبُّونَ لَمَّا فَوْقَهُ عَبَرُوا
فَأَيْنَ مَنْ يَعبرُ الْإِنْسَانَ،
يَزْرَعُ فِي كُلِّ الصّدُورِ سَلَاَمًا
حِينَ تَشتَجِرُ ؟!
سَأَلْتُ يَوْمًا شِفَاهَ الضَّوْءِ:
أَيْنَ أَنَا؟!
وَكَيْفَ يكْبرُ فِيَّ اللَّيْلُ وَالْحُفَرُ؟!
وَأَيْنَ أَخْطُو؟
وَهَذَا الْحِقْدُ يَحْفرُ فِي رَمْلِ الصَّبَاحِ ظَلَامًا ..
وَالْمَدَى شَرَرُ؟!
تَنَفَّسَ الصُبْحُ – رَغمَ اللَّيلِ –
مُحتَشِدًا بالمُسْتَحِيلِ
ودَربُ الحُبِّ يُخْتَصَرُ
حَيثُ الجَمَالُ
وآياتٌ
ومَائدةٌ مِنَ التَّرَاحُمِ ..
نَهرٌ حَالِمٌ نَضِرُ
فَقَالَ لِيْ:
كُنْ سَحَابًا
حَاضِنًا وَطَنًا
مُقَبِّلاً زَهْرَةً قَدْ ضَمَّهَا الْمَطَرُ
وكُنْ كَـ(مُوْسَى)
بِعِشْقٍ حَيْثُمَا ضَرَبَتْ عَصَاهُ..
يُفْلَقُ مِنْهَا الصَّخْرُ
وَالْحَجَرُ
مَنْ شَجَّرَ الْأَرْضَ بالأَحْلامِ
فَانْبَجَسَتْ مِنْهَا الْجِراحُ
عُيُونًا
لَيْسَ تَنْدَثِرُ؟!
مَنْ عَلَّمَ القَلْبَ – حِينَ الْحِقْد يَخْنُقُنَا بِالْقَحْطِ-
أَنَّ سَحَابَ الْحُبِّ يَنْفَجِرُ؟!
هِي السَّمَاءُ..
وَهَذَا الْحُبُّ مُعْجِزَةٌ
مِنْ مَائِهَا تَنْهَضُ الْأَوْطَانُ
وَالْبَشَرُ