الراحلة فائزة آل خضر.. الخير ليس موسمياً

ليلى العوامي
حينما يكون الوداعَ مثقلاً بالدموع؛ فإن ذلك يدل على أن للأثر معنى.
الأخت الغالية فائزة آل خضر (أم محمد الفشخي)، رحيلها ليس حدثًا عابرا، بل لأن الغياب حين يكون بحجم العلاقة يصبح موجعا، ويترك فراغا لا تملؤه الكلمات.
اليوم الاثنين رحلت بعد معاناةٍ مع المرض، معاناةٍ واجهتها بصبرٍ عميق وتسليمٍ صادق، موكِلة أمرها لربها في كل حين. لم تُعرف عنها شكوى، بل كانت مثالا للثبات والرضا، تحوّل الألم في حضورها إلى سكينة، والوجع إلى دعاءٍ صامت.
وكانت لضحكتها مكانة خاصة في القلوب؛ ضحكة صادقة، هادئة، تخرج من عمق الطيبة، لا تعرف التكلّف ولا الضجيج، كابتسامتها التي كانت تسبق كلماتها، وتمنح من حولها طمأنينة لا توصف. كانت تبتسم حتى في أشد لحظات التعب، وكأنها تعلّم من حولها أن الخير يمكن أن يُقال دون صوت.
أحبت الخير حبًا فطريا، ومارسته دون انتظار مقابل. كانت تسعى إليه في التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة، في مساعدةٍ خفية، وكلمةٍ طيبة، ودعاءٍ لا يُعلَن. الخير عند فايزة لم يكن فعلا موسميًا، بل خُلُقًا دائما وسلوك حياة.
لطالباتها كانت أكثر من معلمة؛ كانت قلبا حنونا، وملجأ أمان، ومصدر إلهام. أعطتهن من وقتها ومحبتها بلا حدود، فزرعت في نفوسهن أثرا سيبقى طويلًا. ولصديقاتها كانت الصادقة القريبة، الحاضرة بصدقها ووفائها، وبقلبها الذي لا يعرف إلا الصفاء.
تميّزت بالهدوء، ذلك الهدوء العميق الذي لا يعني الغياب، بل الحكمة. لم تكن صاخبة في حضورها، لكنها كانت مؤثرة، تمرّ بخفّة وتترك أثرا ثقيلا في الذاكرة.
اليوم، ونحن نودّعها، نشعر بأن شيئًا من الطيبة قد غاب عن هذا العالم، وأن القلوب فقدت إنساناً نادراً. غير أن عزاءنا الأكبر أن أثرها لم يرحل، وأن ضحكتها وابتسامتها وحبها للخير ستظل حيّة في ذاكرة من عرفها، وفي دعاءٍ لا ينقطع لها بالرحمة.
رحمك الله يا فائزة، وجعل صبرك نورًا، وابتسامتك شفيعة، وعطاءك طريقاً إلى جناته.
إنا لله وإنا إليه راجعون.







