وهم المؤثرين يهدد قيمة العلامات التجارية لماذا يثق الناس بأفراد في إنعاش اقتصاد ملياري..؟

بقلم: كيلي كورس أندرسون، أستاذة مساعدة في التسويق، كلية تشارلستون

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي
التسويق المؤثر [أو التسويق الذي يقوم به المؤثرون] (1) مجالٌ اقتصادي يقدر بمليارات الدولارات.
قبل فترةٍ ليست بالبعيدة، فكرة الحصول على أجرٍ مقابل مشاركة المرء لروتينه الصباحي (ومنها نوع إفطاره الصباحي) (2) على وسائل التواصل الاجتماعي أو صفحات الانترنت كانت تبدو فكرة سخيفة لم يكن يتصورها أحد. أما اليوم، فقد أصبح التسويق المؤثر (1) قطاعًا تجاريًا ضخمًا: في الواقع، يجني من يُطلق عليهم بـ المؤثرين أموالاً طائلة لدرجة أنه من المتوقع أن يتجاوز حجم السوق العالمية 32 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2025 (3).
يُمثل اقتصاد المؤثرين، المتجذر في ثقافة المشاهير والقائم على المنصات الرقمية، قوةً ضاربةً في كلٍّ من التجارة والثقافة.
بدأ المؤثرون أشخاصًا عاديين اشتهروا على صفحات الإنترنت ووسائل التواصل وأصبحوا مشاهير توظف خدماتهم الشركات ليساعدوها في ترويج وتسويق منتجاتها، وذلك بعرضها على متابعيهم.
يقول كاتب التقرير: بصفتي خبيرًا في دراسات المستهلكين الرقمية، وأرى أن صعود المؤثرين يُعدّ تطورًا مهمًا في العلاقة بين الشركات والمستهلكين وصناع المحتوى.

تاريخيًا، اعتمدت الشركات صاحبة العلامات التجارية على المشاهير التقليديين، مثل، الموسيقيين والرياضيين والممثلين ونجوم الرياضة – لإبراز روعة منتجاتها لعامة الناس بقصد الترويج. ويرجع ذلك إلى أن هؤلاء المشاهير كانوا يمتلكون بالفعل قاعدة جماهيرية واسعة. ولكن بحلول أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (4)، أتاحت منصات التواصل الاجتماعي، مثل اليوتيوب وإنستغرام وغيرهما، لهؤلاء نشر منشوراتهم وتكوين قاعدة من المتابعين لهم.
في البداية، كان يُنظر إلى المؤثرين على أنهم أسلوب تسويقي منخفض التكلفة، لكن سرعان ما أصبحوا جزءً أساسيًا من استراتيجيات التسويق. وفي البداية أيضًا، اعتقدت الشركات أن العمل مع هؤلاء المؤثرين على الإنترنت سهل.” لكن بمرور الزمن، أدركت الشركات أهمية أكبر لهولاء المؤثرين لثقة الناس بهم، وأصبح بإمكان هذه الشركات مخاطبة عامة الناس بطريقة أكثر واقعية وشخصية مما كان على عهد المشاهير التقليديين (القدامى). لذا، بدلاً من أن يكونوا مجرد حيلة تسويقية بسيطة ورخيصة، أصبح المؤثرون جزءً أساسيًا من الإعلانات التجارية، وبدأت الشركات في بناء استراتيجيات متكاملة حول العمل معهم.
في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ازدهر التسويق المؤثر وأصبح تجارةً ضخمةً وفعّالة في جميع أنحاء العالم. برزت وكالات وأسواق رقمية لإضفاء طابع احترافي على التوفيق بين الشركات والمؤثرين (5)، وبدأت هيئات تنظيمية، مثل لجنة التجارة الفيدرالية (6)، تولي اهتمامًا أكبر للمحتوى المدعوم وتنظيمه.
أضاف ظهور مقاطع الفيديو والمحتوى القصير، مثل تيك توك وريلز Reels، في منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وعشرينياته، مزيدًا من المصداقية والتفاعل العاطفي المباشر بين المؤثرين ومتابعيهم. وعززت هذه الديناميكيات العلاقات بين المؤثرين والمتابعين بطرق لم تستطع العلامات التجارية مواكبتها ومحاكاتها بسهولة.
ويُعرف المؤثرون الآن ليس فقط باعتبارهم صانعي محتوى (7)، بل أيضًا رواد أعمال (8) ومنتجين ثقافيين (9).
لماذا يثق الناس بالمؤثرين؟
يثق الناس بالمؤثرين لأنهم يشعرون بأنهم يعرفونهم، حتى لو لم يلتقوا بهم قط. غالبًا ما يُعزز المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي هذه العلاقة التي يطلق عليها الباحثون العلاقة شبه الاجتماعية – وهي صداقة من طرف واحد يشعر فيها المتابع بقربه من المؤثر، وهي رابطة اجتماعية من طرف واحد يشعر فيها المتابعون بأنهم يعرفون المؤثر شخصيًا. ورغم أن هذا المفهوم مُتجذر في ثقافة المشاهير التقليديين (القدامى)، إلا أن المؤثرين يُعززونه لأنهم ينشرون باستمرار، ويشاركون مع متابعيهم جوانب من حياتهم اليومية، ويبدون أكثر واقعية وصدقًا. لذا يشعر المتابعون بالارتباط بهم ويثقون بهم.
يُفسر هذا التقارب المُتصوَّر سبب ثقة المستهلكين بالمؤثرين أكثر من العلامات التجارية أي أكثر من الإعلانات التجارية التي تطلقها الشركات بنفسها، لأن الناس يثقون في حال الشراء ممن يعرفونهم]. فرغم أن هذه العلاقة شبه الاجتماعية ليست متبادلة (وإنما هي علاقة من طرف واحد)، إلا أنها تبدو حقيقية. هذا التقارب العاطفي يُعزز الثقة، وهي عملة نادرة لكنها فعّالة في اقتصاد اليوم.
قد يكون هدف الكثير من المؤثرين هو الاستقلال المالي وكسب عيشهم من عملهم هذا، لكنهم يبدأون ببناء رأس مال اجتماعي وثقافي (10)، يُكتسب من خلال التواصل المجتمعي، والقدرة على التواصل، والخبرة المتخصصة (المعرفة المتخصصة بالمنتجات المعروضة).
ومع ازدياد عدد متابعي المؤثر، تزداد شرعيته المُتصوَّرة ويصبح أكثر جدارة بالثقة. والعلامات التجارية، بدورها، تُدرك هذه الشرعية وتستفيد منها وترغب في العمل مع المؤثرين لأن هذه الثقة يمكن أن تساعد في ترويج المنتجات.
ولكن المسألة لا تخلو من مخاطر. قد تدفع الخوارزميات المؤثرين إلى اللهث وراء عدد المشاهدات واللايكات (11)، وقد تقوض الإعلانات المدفوعة هذه المصداقية. لكن الكثير من المؤثرين يستطيعون تجاوز هذه المشكلة وينجحون في الحفاظ على ثقة متابعيهم، وذلك بالاستمرار في تنمية مسيرتهم المهنية.
أساليب كثيرة يمكن لصناع المحتوى اضافة قيمة
كما هو الحال في الاقتصاد، يتمحور اقتصاد المؤثرين حول مقايضة القيمة (12). يقدم المتابعون وقتهم واهتمامهم ومتابعتهم (13)، وفي المقابل يحصلون على ما يشعرون بأنه ذو قيمة. وقد تعرف الباحثون على عدة أشكال للقيمة التي يُمكن أن يُقدمها محتوى المؤثرين:
أحد أهم أنواع القيمة هو التواصل، وهو ما يُطلق عليه الباحثون القيمة الاجتماعية. غالبًا ما يُنشئ المؤثرون مُجتمعات صغيرة على الإنترنت يتشارك فيها الناس نفس الاهتمامات (13). من خلال وسائل مثل الدردشة المباشرة، والتعليقات، وسرد قصص واقعية مألوفة لدى المتابعين، حيث يشارك صناع المحتوى تجاربهم اليومية ومشاعرهم ومشكلاتهم بطريقة بسيطة تبدو صادقة مع متابعيهم ليتمكنوا من التواصل معهم حتى يمنحوهم شعورًا بالانتماء، بحيث يشعر متابعوهم أنهم جزء من مجموعة مترابطة
المتعة، أو “القيمة اللذيذة”: يُحاول الكثير من المؤثرين إسعاد متابعيهم من خلال الترفيه والفكاهة ولمسات جاذبة ضمن المحتوى. مثل، فيديوهات فكاهية، تُضفي البهجة والسرور والراحة من روتين الحياة اليومية.
المعرفة، أو “القيمة المعرفية”: يُقدّم صانعو المحتوى محتوىً إعلاميًا أو تعليميًا لإثارة فضول المستهلك ويحاولون أن يُعلّموا الناس شيئًا جديدً، ربما من خلال دروس تعليمية، أو طريقة عمل أحد المنتجات، أو تعمق في مواضيع معينة.
المال، أو “القيمة المالية”: بحاول المؤثرون مساعدة الناس على الإدخار أو كسب المال. وقد يشاركون أكواد خصومات أو روابط خاصة أو إعلانات عن عروض مميزة،
ــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/تسويق_مؤثر
2- https://www.theguardian.com/lifeandstyle/2023/feb/19/broadcasting-your-breakfast-why-tiktokers-obsess-over-morning-routines
3- https://influencermarketinghub.com/influencer-marketing-benchmark-report/
4- https://reference-global.com/article/10.2478/nimmir-2025-0001
5- https://influencermarketinghub.com/influencer-marketplaces/
6-https://knowledge.wharton.upenn.edu/article/social-media-influencers-will-marketers-draw-line/
7- https://jocis.org/wp-content/uploads/2024/09/JOCIS_11_Miolo2_52-82.pdf
8- https://academic.oup.com/jcr/article/50/3/617/6978199
9- https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/cb.2474
10- https://blogs.lse.ac.uk/impactofsocialsciences/2023/09/08/the-influencer-industry-the-quest-for-authenticity-on-social-media/
11- https://theconversation.com/how-fitness-influencers-game-the-algorithms-to-pump-up-their-engagement-196017
12- https://link.springer.com/article/10.1007/s11747-024-01073-2
13- https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/0267257X.2022.2157864
المصدر الرئيس
https://theconversation.com/why-people-trust-influencers-more-than-brands-and-what-that-means-for-the-future-of-marketing-265718








