3] العراق الذي لا أعرف: النجف مدينة لا تنام..!

حبيب محمود

لاحتِ الْقُبّهْ ولاحْ  الْمِيلِيْ

لاح مولانا أبو القنديلِيْ..!

لاحت القُبَهْ ولاحِ المشهدي

لاح مولانا أبو الْيِمّهْ علي..!

قد لا تكون أنت رأيتَ شيئاً لضعف نظرك. لكنّ غيرك ربما رأى. رأى لمعاناً صغيراً بعيداً جداً عكسته الشمس من قبّةٍ ذهبيةٍ قبل الوصول. عندها يضجّ كلُّ الركّاب بإنشاد البيت الشعبي. إنه الاستهلال الأول لمشاهدة الأثر الأول للحرَم، حرم الحسين..!

يبدأ الترقُّب والترائي منذ إخبار السائق ركاب الحافلة ـ أو الـ “سوبربان” ـ باقترابهم من مدينة كربلاء، المقصد الأول للرحلة العراقية القديمة، ونقطة التمركز لزيارات المدن الأخرى. هتاف وإنشاد، وتداخل أصوات، وربما بكاء فرحٍ تضجّ به الحافلة الآتية من شرق السعودية إلى العراق.

تلك لحظات مشهودة ومشحونة بشجن لا يهدأ حتى تتوقف المركبة وينزل الركاب/ الزوار.

هكذا كان.. فكيف صار..؟

مساء الـ 8 من نوفمبر؛ اقتربنا من مدينة النجف، بعد رحلة 5 ساعات في سيارة “دوج” من سفوان.

أضواء المدينة لم تظهر كما كان الوضع في السابق. دخلنا محيط “محافظة النجف” دون أن نميّزها عن “مدينة النجف”. ثم وجدنا أنفسنا داخل المدينة، وفي شارع المدينة، وبمحاذاة منافذ وطرق ضيقة دلّنا عليها الـ “جي بي إس” في اتجاه الفندق. إلا أن الحواجز حالت دون الاستفادة المباشرة من الدليل الإلكتروني في جوالاتنا..!

قال السائق: هنا تقع منازل “مراجع” و “حوزات”، لذلك لا يسمحون إلا بمرور سيارات سكان الحيّ. هذا من مفروضات الوضع الأمني. بذل السائق جهده في التحايل على التقاطعات والممرات، نجح هنا وفشل هناك. عاد إلى بداية الطريق تارة، واختصر “فرعاً ـ نافذاً” تارة أخرى.

سائقنا من البصرة، وهو يعرف النجف جيداً بحكم طبيعة عمله في نقل المسافرين ـ الزوار. وبعدما يُشبه لعبة الحية والسلّم؛ توقف بنا عند الفندق.

وحتى هذه اللحظة؛ لم نشاهد قبة حرم الإمام علي، ولا المئذنة، ولا شيئاً منه. المباني عالية، والأفق محجوب بإسمنت النجف الجديدة على الفقير لله.

وصلنا إلى “الحويش”، الحيّ الذي “تحوم” حوله حكايات وأقاصيص، فضلاً عن اكتظاظه بـ “طلبة العلم” في المنطقة القديمة الواقعة جنوب “باب القبلة” من الحرم العلوي.

كان الإنهاك قد بلغ منتهاه.. إنها رحلة سفر برّي بدأت في السابعة صباحاً، وها نحن في العاشرة مساءً. لكنه شوق سبعٍ وأربعين سنة؛ يا حبيب يا ابن خديجة. خديجة التي جاءت بك إلى هذه المدينة ـ وإلى هذه البلاد ـ ثلاث مرّات قبل أن يخضرَّ شاربك الذي صار ثخيناً ومبيضّاً..!

شاهدتُ القبة بعد عبور أول نقطة تفتيش “سيطرة” في طريق الحرم.. من شارع يسمونه “شارع الرسول”.

للحديث صلة

اقرأ أيضاً

2] العراق الذي لا أعرف: بين طريقين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×