نازك الخنيزي.. حنين للأم في “قبلة على جبين الضوء” ديوان جديد وهبت ريعه لجمعية الأمل للسرطان

القطيف: ليلى العوامي
نصوص عن الأم والأمومة، استغرقت فيها الشاعرة والكاتبة نازك الخنيزي عامين لإنهاء الكتابة ونشر قصائد الكتاب الذي طبع أمس الخميس، في دار آراء ببغداد، حيث وهبت ريعه لصالح جمعية الأمل للسرطان.
الأم كما هي في دمي
وعن الكتاب وعنوان أول قصيدة وما تمثله في حياة الشاعرة الخنيزي، قالت في حديث لـ صُبرة “أبجدية القلب التي تمثّل أيضًا لحظة شجاعة، لحظة قرّرت فيها أن أكتب عن الأم كما هي في دمي، لا كما ينبغي أن تُكتب في الشعر.”
وعن الدافع الأول الذي دفعها إلى كتابة “قبلة على جبين الضوء” قالت الخنيزي “الدافع الأول كان رجفة في القلب لا قرارًا في العقل”.
لكل أم
وعن القصائد إذا كانت من حنينٍ شخصي أم من رؤية شعرية أوسع، قالت “بدأت الكتابة من حنين شخصي للأم، صورتها، ظلّها، ولمستها التي ترمّم العالم، ومع الزمن تحوّل هذا الحنين إلى رؤية أوسع ترى الأمومة طاقة تضيء، ووطنًا داخليًا نعود إليه كلما ضاقت الجهات، وكتبتُ لأحفظ ما يتسرّب من الذاكرة، ثم وجدت أنني أكتب لكل أمّ تمنح بيتها نورًا، ولكل قلب فقد أمّه وما زال يشعر بيدها على الجبين، وهكذا وُلد الكتاب من حنين صغير، ثم اتسع ليصبح قصيدة لكل أم، ولكل ضوء، ولكل قلب لم يتعلم النسيان.”

الضوء
وحول رؤيتها للضوء إذا كان رمزًا للأمومة أم بوابةً للذاكر، قالت “الضوء في تجربتي ليس رمزًا لشيء واحد، إنه الأمومة حين تشرق، والذاكرة حين تعود، هو اللمعة التي تجمع الدفء والحنين في ومضة واحدة، فلا أفصل بينهما، الضوء هو الأم والذاكرة معًا.”
الأكثر صعوبة
وأضافت الخنيزي “أنفاس الجراح هي القصيدة الأقرب إلى روحي والأكثر صعوبة أثناء الكتابة، لم تكن نصًا أدوّنه على مهل، بل لحظة وجعٍ عارية كتبت نفسها كما هي، دون محاولة لتخفيف حدّتها أو تجميلها، كتبتها وأنا أقف في المنطقة الحسّاسة بين الفقد والدعاء، حيث يصبح الصوت أعمق من اللغة، وتتحوّل الذكرى إلى نورٍ يمشي على أطراف الوجع.”
وتابعت “كانت الأصعب، لأنها خرجت من قلبٍ يتعلّم كيف يحتمل، والأقرب لأنها تشبه الحقيقة التي لا نملك سوى الاعتراف بها، أن الأم لا ترحل تمامًا، بل تبقى في هيئة ضوءٍ يتنفس من بين الجراح”.
مشاعر الأم العميقة
وعن تعاملها مع المشاعر العميقة المرتبطة بالأم، خاصة حين تتحوّل إلى مادة لغوية تحتاج إلى قدرٍ من الحياد الفني، قالت “المشاعر المرتبطة بالأم شديدة القرب، وشديدة الحساسية، لذلك لا أسمح لها أن تفيض بلا شكل ولا أسمح لها أن تُختزل.”
وأضافت “أتركها تختمر أولًا في الداخل، حتى تهدأ، ثم أقترب منها بالكتابة كما يقترب شاعر من ماءٍ يتحرك تحت الضوء بحذر، وبمحبة، وبتخفّف من الانفعال المباشر، الحيلة الوحيدة — إن جاز تسميتها حيلة — هي أنني أكتب بكل الصدق ثم أراجع بكل الحياد، أسمح للعاطفة أن تولد الجملة، ثم أسمح للفن أن يهذّبها، بهذا التوازن، لا تضيع حرارة المشاعر، ولا يضيع جمال اللغة، ويبقى النص قادرًا على أن يقول ما لا يقال دون أن يختنق بالمبالغة أو يبرد بالتحليل”.
الغائبة الحاضرة
وتابعت الخنيزي “لو كان بوسعي أن أوجّه (قبلة على جبين الضوء) اليوم إلى شخص واحد، فسأوجّهها إلى الأم التي غابت وما زالت تُقيم في الذاكرة كضوءٍ لا يُطفأ، ليس لأنها الغياب الأكبر، بل لأنها الحضور الأعمق، لأن كل صفحة في هذا الكتاب خرجت من مكان كانت يدها تلمسه يومًا، ومن نبضٍ كانت هي خيطه الأول.”
أثرٌ يستحق
وعن الأثر الذي تتمني أن يتركه هذا الكتاب في النفوس، قالت “ما زال في العالم ما يستحق أن يُحب، وما زال في الداخل ما يمكن أن يُشفى، هذا كل ما أرجوه، أن يترك الكتاب أثرًا من سلامٍ وحنانٍ ونورٍ يرافق القارئ طويلًا”.








