“ندى”.. قصة تحدّي 9 سنوات مع طفلتها “بدراء”

القطيف: ليلى العوامي

في ردهات المستشفى، وبين أصوات الأجهزة الطبية وأنفاس الخدّج المتقطعة، وُلدت حكاية ندى النجمة مع ابنتها بدراء، حكاية أم تحدّت الخوف والقلق بالصبر والإيمان. لم تكن تتوقع أن يبدأ فصل الأمومة لديها في وحدة العناية المركزة، لكنها تعلمت هناك أن بين الألم والأمل مساحة تصنعها قلوب الأمهات فقط.

سردت ندى النجمة، تفاصيل رحلتها مع ابنتها بدراء، التي ولدت كطفلة خديجة في الأسبوع 25 من الحمل، لتبدأ معها حكاية امتزج فيها الخوف بالصبر والأمل.

الولادة.. الآن..!!

وفي السطور التالية تسرد الأم تجربتها وتستعيد تفاصيل اللحظة الأولى “لم أكن أعلم أن ولادتي ستكون مبكرة، كنت أشعر بآلام متقطعة وظننتها طبيعية، لكن عندما اشتدت، توجهت إلى قسم الإسعاف بمستشفى القطيف المركزي، وهناك أخبروني أن الولادة ستكون الآن، فلم يكن بيدي حيلة سوى التسليم لأمر الله”.

ندى التي كانت تعاني من مرض فقر الدم المنجلي (السكلسل) كانت تتوقع التعب خلال الحمل، لكنها لم تتخيل أن تواجه تجربة رعاية طفل “خديج” لم يكمل أسبوعه الـ25.

الخوف حد الرعب

تصف ندى تلك اللحظات الصعبة “كان شعوراً حزيناً، ليس لأن الطفلة وُلدت في الشهر السادس، بل لأنني كنت أنظر إلى ابنتي التي حملتها خمسة أشهر وهي بين الأجهزة والأنابيب.”

وتأخذها الذكرى إلى إحدى أكثر الليالي ألماً، تقول “اتصلوا بي في منتصف الليل وطلبوا حضوري فوراً،لأن بدراء بحاجة إلى نقل دم، بلغ بي الخوف حد الرعب، وحينما وصلت كانت علاماتها الحيوية غير مستقرة، لم أعرف حينها كيف أتمالك نفسي، فكانت تلك اللحظة من أصعب ما مررت به في رحلتنا الطويلة في عالم الخدّج.”

أيام ثِقال

تقول ندى: “الخوف والقلق كانا رفيقيّ الدرب، ففي كل مرة أذهب إلى المستشفى وأرى صغيرتي لا تزال موصولة بالأجهزة يستبد بي القلق، تنقلت بدراء بين العناية الفائقة والوسطى والصغرى طوال ثلاثة أشهر، وكل يوم كان يمر ببطء مؤلم، وحين يفرضون على الصغيرة الصوم  عن الحليب لأسباب علاجية كانت الدموع تسبقني، لم أتخيل أن أرى شفاه مولودة صغيرة جافة.”

ورغم المسافة الطويلة بين منزلها والمستشفى، التزمت ندى بمهمة يومية شاقة من أجل ابنتها.
“كنت أسحب الحليب يومياً باستخدام الجهاز، أجمّده، وأوصله للمستشفى. استمرت هذه العملية ثلاثة أشهر متواصلة. كانت متعبة، لكنها بالنسبة لي واجب مقدس ساهم فعلاً في تحسّن بدراء”،

قلوب رحيمة

في خضم تلك التجربة، لم تكن ندى وحدها، بل كانت محاطة بقلوب رحيمة وأياد بيضاء، تقول “الدكتورة مي الحسن كانت الداعم الأكبر لنا، وكذلك والدتي التي كانت تردد على مسامعي كل يوم إن ابنتي ستشفى بإذن الله. وأيضا لا أنسى القلوب الطيبة المحلقة في المستشفى فالممرضات كنّ يدعمنني معنوياً بالكلام الطيب ويتابعن معي تطور حالتها”، تضيف ندى “وعلى الجانب الآخر هناك من يزيد الأمر سوءاً سواء بقصد أو بغير قصد، فبعض الكلمات المحبطة كانت تُغرقني في القلق والخوف”.

وتضيف: “كان بعض الناس يقولون لي إن الخديج قد يواجه مشكلات في القلب أو الأعصاب، أو ربما يكون معاقاً. تلك العبارات كانت تزيد وجعي، لكنني تمسكت بالأمل.”

الاحتضان الأول

بعد رحلة طويلة من المشاعر الموجعة والصبر تتذكر ندى أول لحظة سمحوا لها فيها باحتضان ابنتها، تقول “حين أخبروني أنني أستطيع احتضانها، كان موقفاً لا يُنسى. امتزجت الدموع بالسعادة، وكنت أرتجف من شدة الفرح. ساعدتني الممرضة على حملها للمرة الأولى، وعلّمتني كيف أرضعها، وأعانتني على تجاوز صعوبة الموقف.”

كلمة شكر

وتضيف ندى: “الدكتور محمد الدرويش والدكتورة مي كانا يبثان فينا الأمل دائماً، ولا يمكن نسيان فضلهما”، وتكمل “عندما بلغت بدراء عامين، قالت لي الدكتورة مي: (ابنتك الآن أقرب إلى الأصحاء بنسبة 90%). لقد كانت إنسانة قبل أن تكون طبيبة، ولم تقصّر معنا يوماً.”

 وبعد مرور 9 سنوات على تلك التجربة، تتحدث ندى بابتسامة امتنان “الحمد لله، بدراء اليوم في الصف الرابع، بصحة جيدة وحياة طبيعية، تلك التجربة علّمتني أن المعجزات تبدأ من قلب أمّ لا يعرف الاستسلام.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×