“كل شِبر بندر”.. بسمة المعلم بدأت الحياة بـ 900 جرام

القطيف: ياسمين الدرورة
بسمة جاسم المعلم بطلة صغيرة صارعت للبقاء بعد ولادتها مبكرًا، وتفاصيل قصتها سردتها والدتها فاطمة المحروس بعد حضورها كضيفة ملبيةً الدعوة في فعالية “اليوم العالمي للخدج”، ممسكة بِصغيرتها بسمة ذات الست أعوام كنموذج مثالي وواقعي لما قدمته الكوادر الطبية من مختلف التخصصات لرعاية ابنتها.

وبسعادة غامرة قالت والدتها لـ “صُبرة” “بسمة هي أجمل هدية رزقنا الله إياها، ولن أنسى وقفة الطاقم الطبي وعطاءهم اللإ متناهي؛ ومن اللطيف اليوم أن أراها وهي تُحتضن بحنان من قبلهم فهم يعتبرونها ابنتهم”.
وأضافت “كنا ننتظر قدوم بسمة أنا ووالدها لست سنوات، وعندما علمت بحملي فرحت كثيراً، إلإ أن ولادتي جاءت مبكرة ربما بسبب القلق والشعور بالضغط النفسي، وأتذكر لحظة ولادتها كانت صغيرة جدًا بحجم الكف، ووقت خروجي من المستشفى كانت خطواتي ثقيلة وحزينة وأنا أخرج بدونها بعد كل سنوات الانتظار تلك”.

شهرين من الرعاية الطبية الفائقة
وتابعت “وُلدت بسمة كبقية الخُدج ضعيفة وغير قادرة على التنفس، كان وزنها ضئيلاً للغاية ولم يتجاوز ( 900 جرام)، وجهازها التنفسي غير مكتمل، لذلك احتاجت إلى البقاء في العناية الفائقة لحديثي الولادة في الحاضنة مدة شهرين؛ أما بقية الجوانب الطبية الأخرى فكانت ولله الحمد على ما يرام.”

صعوبة الانتظار
وأكملت فاطمة “الصعوبات لا تعد ولا تحصى في ذلك الوقت، حاجتي لزيارتها بشكل متكرر وعدم تمكني من إرضاعها بشكل مباشر؛ ورؤيتها موصولة بجهاز التنفس الاصطناعي من فمها وصولاً إلى القصبة الهوائية وعيناها مغلقتين، مع وجود إبر تخترق جسمها الرقيق لتزويدها بالمحاليل و الأدوية اللازمة، وأنبوبة أخرى ممتدة في أنفها الصغير لتغذيتها، هذا المنظر صعب على قلب أي أم.”
وقالت “في البداية لم يكن هناك الكثير لعمله غير الدعاء، وأن يحافظوا على استقرار حالتها وحمايتها من أي عدوى أو مضاعفات صحية، خاصة مع ضعف مناعتها”.

مراقبة طبية دقيقة
وأضافت في حديثها “قد لا أكون طبيبة، ولكنني أم أولاً، وكذلك طبيعة عملي في المجال الطبي كاختصاصية علاج تنفسي بشكل مباشر مع حديثي الولادة تجعلني أدرك بعض الإشارات إذا لم تكن صحتها جيدة”.
وتابعت “كنت أقلق كثيراً وأشعر بالذعر، ويعتصر قلبي الألم حين يصفّر لونها أو استفسر عن مقدار تغذيتها فيخبروني أنهم توقفوا عن تغذيتها، فأفكر أنه لا بد أن هناك خطب ما، وحين استفسر يخبروني أن بطنها اليوم منتفخاً، فأعرف أنهم يشكون بوجود التهاب ومضطرين للبدء بعلاجها حتى يتفادوا خطورة إصابتها بعدوى، ثم يطمئنوني في اليوم التالي أنها كانت مجرد غازات ولا داعي للقلق، فأرتاح، حقيقةً كان كل يوم ينتهي بالكثير من الدعاء والنذور لنجاتها”.

الاستغناء عن أجهزة التنفس
وأكملت “كان وجود جهاز التنفس الاصطناعي عليها بحد ذاته أمراً ليس بالجيد، وذلك لأن رئتيها ربما تبدأ بالكسل والاعتماد على الجهاز، فكنت أحاول إقناع طبيبتها الدكتورة مي الحسن أنه ربما حان الوقت لإيقاف التنفس الاصطناعي، إلإ أنها كانت ترفض المخاطرة وتبين لي أن الوقت ليس مناسب حتى الآن”.
وتابعت “بعد 21 يوماً كانت أول محاولة بإشراف طبيبتها لتخفيف الاعتماد على جهاز التنفس، لكن بسمة لم تكن جاهزة ولم تتحمل، ثم بعد مدة حاولوا ثانية، وأخيراً ثالثة لتتمكن أخيراً من التنفس بأكسجين أقل عن طريق الأنف”.

جاهزة للخروج إلى الحياة
وأضافت “كان اكتسابها الوزن تحدياً كبيراً، احتجنا إلى أن ننتظر شهراً آخر، وجاء يوم خروجها وكان أجمل يوم في حياتي، كانت قد اكتسبت بعض الوزن أخيراً ووصلت إلى 1.7 جرام، حملتها بعناية في حضني لأول مرة وشممت رائحتها، نظرت إلى وجهها بامتنان، وحمدت الله وأنا أقول لها كم يوم يا صغيرتي جعلتي أمك تنتظر لتحتضنك”.

عيادات تخصصية
وتابعت “كنا نذهب بها للمتابعة في مختلف العيادات والتخصصات بشكل مكثف على مدى سنتين، كما احتاجت إلى مواعيد منتظمة في عيادة السمع، كان سمعها قد تأثر قليلًا وبفضل من الله انتهت رحلة المتابعة وهي بخير الآن”.
وأكملت “سلامتها ورؤيتها تكبر بين عيني، شعور يستحق الحمد والشكر والثناء على رحمة الله ولطفه، فكلها تجليات إلهية ورحمة من الله”.

وختمت حديثها بقولها “حقيقة لا أحب أن أتذكر تلك الفترة الصعبة، ولا أتمنى أن أرى أي أم تعاني مثل هذه المعاناة، لكن أحب أن أنصح الأمهات الجدد ممن يمررن بنفس التجربة التوكل على الله والثقة بالطاقم الطبي، والتعاون معهم، والتحلي بالكثير من الصبر والقوة والمرونة في تقبل التحديات التي سيواجهنها”.
واليوم بسمة عمرها 7 سنوات تركض في كل الاتجاهات كبقية الأطفال تحب اللعب، ذكية ولها أخ عمره سنة وخمسة أشهر الآن لا تتوقف عن تقبيله واحتضانه ووضعه في حجرها واللعب معه.








