فيديو] سوق الخميس.. عودة خضراء.. وبالطاقة الشمسية 24500 متر.. 70 محلاً تتوزع بين الصاباط والزرانيق

شاهد الفيديو
القطيف: صُبرة
خلال السنوات الخمسين الماضية؛ شهد سوق الخميس، في محافظة القطيف، تحوّلات كثيرة، وتنقّل بين ثلاثة مواقع، وشهدت تركيبة سلعه ومحلاته تغيّراتٍ واضحة، وانزاح موعد نشاطه من يوم “الخميس” إلى يوم “السبت”.
وفي العام الحالي، 2025، دخل أقدم سوق في الساحل الشرقيّ السعودي دائرة الاستثمار الطويل. وفي هذا الشهر ـ أكتوبر ـ تمّ توقيع عقد الاستثمار بين أمانة المنطقة الشرقية وشركة فالكون الخليج للتطوير العقاري التي سوف تتولّى إنشاء وتشغيل السوق لمدة 25 سنة.
لؤي الخنيزي، الشريك المؤسس لفالكون الخليج للتطوير العقاري، هو طرف التوقيع، وهن ذو خبرة أمضى أغلبها في القطاع المصرفي لأكثر من ٢٥ عاماً، وتخصص في قطاع التمويل والمخاطر الائتمانية، وكذلك في الاستضارات المالية.
الخنيزي وضع توصيفاً جديداً وخاصّاً بالمشروع، من حيث المعمار القائم على هوية القطيف، والتفاصيل التجارية، والوظيفة التي على السوق أن يؤدّيها بوصفه مشروعاً مستقبلياً منسجماً مع الرؤية السعودية 2030.
وقبل الإسهاب في التفصيلات؛ قدّم الخنيزي شكره لأمانة المنطقة الشرقية وبلدية محافظة القطيف على حرصها على استمرار هذا المعلم المهم في المحافظة.
سوق الساحل الشرقي
قبل أن يصنع النفط تحوّلات المنطقة الشرقية؛ تقاسمت قرى قلب القطيف موقع سوق الخميس. القلعة والمدارس والشريعة ومياس والكويكب والدبيبية. السوق كان واقعاً بينها جميعها، وخارج مسوّراتها، ينشط فيه تجار القطيف وحرفيوها، ويأتيه المتسوّقون من سائر أنحاء القطيف، ومن خارجها، بمن فيهم أبناء القبائل في صحراء الدهناء المترامية، وفي أرضه يحدث التبادل التجاري المتنوع.
يُضاف إلى ذلك؛ نشاط ميناء القطيف، وبضائع الاستيراد والتصدير، وهو ما عزّز “سوق الخميس” مركزاً تجاريّاً رئيساً ووحيداً في الساحل الشرقيّ السعودي، ومحرّكاً للاقتصاد المحلّي، في مراحل سابقة.
وعلى الرغم من أن التحوّلات التي شهدتها المنطقة الشرقية قلّصت من دوره الاقتصادي؛ احتفظ سوق الخميس بدور تجاريّ استمرّ حتى ما بعد اندماج القرى في مدينة واحدة، وتوسع القطاعات التجارية وانتشارها على مستوى المدينة، وتطوّر مفهوم “السوق” من المكان الواحد المحدد إلى جعل المدينة، كلها، سوقاً، ذات شوارع تجارية مختلفة.

شخصي.. ولكن تجاري
أمام التحدّيات الجديدة؛ فإن عودة “سوق الخميس” لا بدّ أن تنسجم مع الواقع الجديد، ليكون مشروعاً استلهاميّاً، وليس “مشروعاً استثمارياً خالصاً”، على حدّ تعبير لؤي الخنيزي الذي يرى أن سوق الخميس “مشروع يلمس إحساسنا جميعاً، لأن سوق الخميس كان جزءاً من نشاطنا الأسبوعي قديماً”.
الخنيزي يعامل السوق على مستوى شخصي أيضاً، وهو من جيل أدرك تفاصيل كثيرة لم تعد موجودة، “كنت أرافق والدي من منزلنا في حي “البستان” شمالاً، ونتجه حيث يتجمّع الباعة في “الشريعة”، وهناك قد نشتري الشتلات والبذور، من أجل الجزء الزراعيّ في منزلنا”.
يضيف “بعدها نقطع طريق الملك عبدالعزيز متجهين نحو الغرب، نحو “ميّاس” بحواريها، وهناك تتوزّع دكاكين كثيرة، باعة التتن، باعة الأحبال، محلات شراء رجيع النحاس والمعادن، ثم محلات الأدوات المنزلية، ثم محلات الحلويات، ثم الملابس والأقمشة.
وكان لجدي الحاج أحمد المصطفى، رحمه الله، محلُّ أقمشة، وهناك أجلس معه قليلاً، وفي مواسم الأعياد، أو قبل حلول الشتاء؛ يشتري لنا الوالد، رحمه الله، الملابس الجديدة. وبعد أن ننتهي من مشترياتنا المحددة نعود إلى المنزل”.
ولهذا؛ فإن الخنيزي يريد أن يقول “حين رسا المشروع علينا؛ استحضرتُ كلّ ما تحمله الذاكرة، وبالتالي؛ برزت في انتباهنا قيمة إحياء المشروع على طريقة بإمكانها الاستدامة”.

استثمار أخضر
في الوقت الراهن؛ ينشط العمل على قدم وساق من أجل استكمالات التصميم والتخطيط والإجراءات المتصلة بالتعاقد الاستثماري، والهدف الأساس ـ حسب الخنيزي ـ هو الانتهاء من تنفيذ المشروع كاملاً بحلول العام 2028. يضيف الخنيزي إن “التنفيذ سوف يكون على مرحلتين: الأولى هي القطاع الخارجي للمشروع، والثانية تتمثل في وسط السوق”.
يضيف أيضاً “المشروع سوف يكون إعادة إحياء لرمز قديم، ونحن نطلق على المشروع مسمى الاستثمار الأخضر، لأننا نفكر في أن يكون جزء كبير من توليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، وقد بدأنا بالفعل التواصل مع شركات متخصصة في هذا الأمر، بما في ذلك تصاميم من شركة إيطالية تتعامل مع أشعة الشمس والظل والرطوبة”.
ولتعزيز الاستثمار الأخضر هناك “40% من مساحة المشروع مخصصة للمباني، مقابل 60% مساحات خضراء”، وذلك من أجل تقليل درجات الحرارة في السوق، كذلك سوف يكون السوق شبه مفتوح، وسنعمل على وجود مظلات متحركة يتم التحكم فيها صيفاً وشتاءً حسب الحاجة”.
يضيف “اعتمادنا على الطاقة الشمسية سوف يصل إلى نسبة 15%، وهذه النسبة هي الأعلى حتى الآن التي تم الوصول إليها في أوروبا كذلك، ولكننا نتميز عن أوروبا بوجود الشمس في فترات طويلة”.

عمارة قطيفية صديقة للبيئة
يتابع الخنيزي “المشروع سوف يكون صديقاً للبيئة، وسيعتمد بشكل كبير على مواد معاد تدويرها أو قابلة لإعادة التدوير، وعلى سبيل المثال؛ إذا أردنا هدم مبنى فستكون المواد الناتجة عن الهدم قابلة لإعادة التدوير بنسبة من 25 إلى 30%، وهذا جزء من توجه المملكة نحو الاستثمار الأخضر ورؤية 2030م”.
وعن شكل السوق من الخارج يقول “سوف يكون قائماً على العمارة القطيفية القديمة، مثل الصاباط والزرانيق”. وحول ملامح العمارة القطيفية يقول الخنيزي “هناك 3 تصنيفات للعمارة القطيفية: العمارة التقليدية، والعمارة التقليدية الجديدة، والعمارة المتطورة، ونحن نعمل وفقاً للمتطورة، لأن المتطورة تخدم أهدافنا، من حيث سهولة الدخول إلى السوق والخروج منه، ولذلك فإن من المخطط له أن تسهل الممرات التنقل بين 70 محلاً تجارياً، بحيث يكون متوسط مساحة كل محل من 70 إلى 85 متراً، وفي مبانٍ مستقلة”.

شراكة مجتمعية
المساحات التجارية لن تحتلّ السوق بالكامل بطبيعة الحال؛ بل هناك ـ حسب الخنيزي ـ مساحات وخدمات للشراكات المجتمعية، مثل تخصيص بعض المحلات للأسر المنتجة بأسعار إيجار رمزية، بالإضافة إلى تخصيص شارع كامل للحرفيين، وكذلك قاعات للرسم على مساحات تبلغ 1500م2، فضلاً عن الترفيه والتنزه والمشي”.
وظائف
بعد الانتهاء المشروع وتشغيله؛ فإن المتوقع أن يتمّ توفير بين 400 إلى 450 وظيفة للسعوديين، على وظائف مختلفة، وهذا في ذاته سوف يحقق عوائد اجتماعية عالية، خاصة مع نشاط السوق المستمر على مدار الأسبوع، وليس الاقتصار على يوم واحد فقط.
سوق الخميس.. سوق السبت
بعد صدور الأمر الأمر الملكي، بتغيير العطلة الأسبوعية من “الخميس والجمعة” إلى “الجمعة والسبت” في بدءاً من 20 شعبان 1434 الموافق 29 يونيو 2013م؛ انتقل العمل في سوق الخميس إلى يوم السبت، لكنّ الاسم الأصل بقي كما هو، في إشارة إلى ثبات “القيمة المعنوية” في النشاط والمكان.

سوق الخميس يوم 24 يونيو 1819
تفصلنا 206 سنوات عن أقدم وصف تاريخي مفصّل لسوق الخميس في القطيف. الوصف دوّنه الضابط البريطاني فوريستر سادلير حين رست سفينته في مدينة القطيف. كان ذلك ضمن رحلة طويلة، في العام 1819م، وقد بدأت من الهند، ورست سفينتها في ميناء القطيف، ثم اتجهت الرحلة برّاً صوب قلب الجزيرة العربية، ثم امتدّت إلى ساحل ينبع.
وقد سجّل قائد الفوج الإنجليزي الـ 47 تقارير زيارته، في سيرة مذكرات مؤرخة يومياً. وللمذكرات طبعة عربية أصدرتها الهيئة المصرية للكتاب، عام 2013، بترجمة أنس الرفاعي. ولها نسخة BDF في الشبكة العنكبوتية. كما أن لها طبعة عربية أخرى أنجزها الشاعر الباحث عدنان العوامي.
1 ـ الوصف جاء ضمن مشاهدات يوم 2 رمضان 1234 هـ، أي 24 يونيو حزيران 1819، ومن الطبيعيّ ألّا يكون الرطب من ضمن مشاهداته. فالموسم يبدأ في أواخر يونيو حزيران، أو بداية يوليو تموز. وأنّ ما شاهده هو من محصول بداية الصيف المتنوّع من الفواكه والخضروات. لذلك ذكر سادلير التمرَ، والأرجح ـ ظاهراً ـ أنه لم يكن يعني الرطب.
2 ـ تتوفّر في السوق كمية كبيرة من لحم الضأن. ولم يذكر سادلير لحم البقر. وهذا خلافُ ما درجت عليه العادة الغذائية في القطيف بعد ذلك. فلحوم الأبقار هي الأكثر انتشاراً واستهلاكاً من لحوم الأغنام.
3 ـ وطبيعي أن تتوفّر كميات كبيرة من الأسماك، فالقطيف تقع على شاطيء بحر غني بالثروة السمكية.
4ـ يُزرَع في القطيف البطيخ بكميات وفيرة، وقد يصل وزن البطيخة الواحدة إلى 13 كيلوجرام.
5 ـ يُزرع القمح والشعير بكميات قليلة.
6 ـ يُزرع الرز بوفرة، وسبب ذلك كثرة المياه المنتشرة في القطيف، وهو ما يُساعد على زراعة الرز.
7 ـ يُزرع المشمش والمنجا والرمّان والعنب والبرتقال والليمون وقتها.
8ـ يُزرع الباذنجان والبصل والفاصولياء واللوبياء والفول.











