بطولة العالم للإطفاء.. رحلة عقدين تحط رحالها في الرياض
الرياض: واس
منذ انطلاقتها قبل أكثر من عقدين، تُعد بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ حدثًا رياضيًّا عالميًّا فريدًا يجمع بين اللياقة البدنية العالية والانضباط المهني، إذ يتنافس المتسابقون (رجالًا ونساء) من مختلف الدول في مسابقات تجمع المهارة والروح الرياضية.
وأُقيمت النسخة الأولى من البطولة عام 2002م في مدينة موسكو الروسية، تحت إشراف الاتحاد الدولي لرياضة رجال الإطفاء والإنقاذ (ISFFR)، الذي تأسس رسميًا عام 2001م، بهدف تطوير هذا النوع من الرياضات المهنية وتنظيم منافساتها على أسس فنية موحدة، وجاءت النسخة الافتتاحية بمشاركة محدودة من دول أوروبا الشرقية، لكنها سرعان ما تحولت إلى حدث دولي متكامل يترقبه المجتمع الرياضي حول العالم.
وشهدت النسخ اللاحقة من البطولة تنقلًا بين عدة عواصم ومدن عالمية، كان من أبرزها انطلاق البطولة في عام 2002م، بروسيا، في مقر الاتحاد الدولي، وحققت نجاحًا تنظيميًا فتح الباب أمام توسيع المشاركة، وفي عام 2003م، شهدت روسيا المؤتمر الرابع، الذي شهد إدخال تحسينات تقنية في أدوات التحكيم ورفع مستوى المعايير الفنية للمسابقات، وفي عام 2004م، شهد المؤتمر الخامس الذي أقيم في سيكيزفيهيرفار بالمجر، أول مشاركة لمنتخبات من خارج أوروبا الشرقية، ما عُد خطوة نحو البعد الدولي، وفي عام 2005م، في أوسترافا (التشيك)، صُممت هذه البطولة لتكون بطولة أوروبية مفتوحة، لا تقتصر على مشاركة فرق أوروبية فقط.
وفي عام 2006م، أقيم المؤتمر السابع في موسكو، الذي شهد اعتماد فئة السيدات رسميًا ضمن البطولة، أما المؤتمر التاسع، فأقيم في عام 2008م، في باكو (أذربيجان)، الذي شهد إدخال نظام التقييم الإلكتروني الزمني وتوسيع المشاركة لتشمل أكثر من 20 دولة.
وفي عام 2014 شهدت موسكو (روسيا)، تنافس فرق من الرجال والنساء على لقب الأفضل في صعود السلالم الهجومية إلى نوافذ الطابقين الرابع والثاني من برج التدريب، وفي العام ذاته أقيمت البطولة في سفيتافي (التشيك)، التي تُعد المشاركة فيها فرصة مميزة لرجال الإطفاء (الرجال والنساء) لإظهار الروح الرياضية والاستعداد البدني وإثبات ميزتهم الرياضية.
وشهد العام 2014م، في ألماتي بكازاخستان، عززت مسابقات البطولة، من مستوى العلاقات الودية والتعاون بين خدمات الإطفاء والإنقاذ في مختلف البلدان، كما شهدت سانت بطرسبرغ (روسيا)، إقامة مؤتمر ناقش القضايا المتعلقة بحالة وتطوير النشاط الرياضي للاتحاد الدولي لرياضة رجال الإطفاء والإنقاذ.
وأقيمت في عام 2015م في غروندو (بيلاروسيا)، وتمتعت المسابقات من هذا المستوى بالفردية، كما هدفت إلى تعزيز مهنة رجال الإطفاء والإنقاذ بين الجنسين الرجال والنساء، وعززت البطولة في العام ذاته، في سانت بطرسبرغ (روسيا)، من المنافسة الفريدة، التي هدفت إلى تعزيز مهنة الإطفاء والإنقاذ وتحسين المهارات المهنية والروح الرياضية وتعزيز العلاقات الودية والتعاون بين خدمات مختلف الدول.
وأقيم في عام 2015م، في إزمير (تركيا)، المؤتمر السادس عشر، حيث نُوقِشَت القضايا المهمة، التي تهدف إلى مواصلة تطوير رياضة الإطفاء والإنقاذ، وإقامة الأحداث الرياضية الدولية، وفي عام 2016م، أقيمت في روسيا، المسابقات الدولية كأس الرياضة الصداقة وجائزة الهجوم الأرضي الذهبي، كما أقيمت في العام ذاته في تارتو (أستونيا)، بطولة دول البلطيق، واستضافت في العام نفسه، أسترافا (التشيك) بطولة العالم الثانية عشرة للرجال وبطولة العالم الثالثة للسيدات وبطولة العالم السابعة للشباب والناشئين وبطولة العالم الثالثة للفتيات والناشئين، وشهدت نويزيدل (النمسا) في ذات العام، إقامة مؤتمر ناقش حالة وتطوير النشاط الرياضي للاتحاد الدولي لرياضة رجال الإطفاء والإنقاذ.
وفي عام 2017م، أقيمت في مينسك (بيلاروسيا)، بطولة كأس الاتحاد الدولي لرياضة الإطفاء والإنقاذ، كما أقيمت في إزمير (تركيا)، بطولة العالم الثالثة عشرة بين الرجال وبطولة العالم السادسة بين النساء في رياضات الإطفاء والإنقاذ (التطبيقية للنار)، وفي العام نفسه شهدت بانسكا بيستريتسا (سلوفاكيا)، إقامة المؤتمر الثامن عشر، الذي ناقش حالة وتطوير النشاط الرياضي للاتحاد الدولي لرياضة رجال الإطفاء والإنقاذ وتعزيز التعاون مع الدول المشاركة.
وفي عام 2018م، أقيمت في بانسكا بيستريتسا (سلوفاكيا)، بطولة العالم الرابعة عشرة للرجال وبطولة العالم الخامسة للسيدات، كما أقيمت في العام نفسه، في فارنا (بلغاريا)، بطولة العالم الثامنة للشباب والناشئين وبطولة العالم الرابعة للفتيات والناشئين، وشهد العام ذاته، تنظيم المؤتمر التاسع عشر في ساراتوف (روسيا)، الذي ناقش حالة وتطوير النشاط الرياضي للاتحاد الدولي لرياضة رجال الإطفاء والإنقاذ، ومزيد من التعاون الدولي.
وشهدت ساراتوف (روسيا) في عام 2019م، أكبر مشاركة حتى ذلك التاريخ بمشاركة 27 دولة، كما تم في العام نفسه بكاراجندا (كازاخستان)، مناقشة قضايا تطوير الاتحاد الدولي لرياضة رجال الإطفاء والإنقاذ، والتعاون الدولي.
وفي عام 2021م، شهدت روسيا إقامة كأس الرياضة “الصداقة” وجائزة “الهجوم الأرضي الذهبي”، كما أقيمت في تشاكوفيتش (كرواتيا)، بطولة العالم العاشرة للبنين والناشئين وبطولة العالم السادسة للبنات والناشئين، وفي العام نفسه نظمت في كاراجاندا (كازاخستان)، بطولة العالم السادسة عشرة للرجال وبطولة العالم السابعة للسيدات، وشهدت طشقند (أوزباكستان) تنظيم المؤتمر الثاني والعشرين، الذي ناقش تطوير الاتحاد الدولي لرياضة رجال الإطفاء والإنقاذ، والتعاون الدولي.
وفي عام 2022م، أقيمت في باشكورتوستان (روسيا)، تنظيم كأس الرياضة “الصداقة” وجائزة “الهجوم الأرضي الذهبي”، وأقيمت في ذات العام في بريست (بيلاروسيا)، أقيمت بطولة العالم الحادية عشرة للبنين والناشئين وبطولة العالم السابعة للبنات والناشئين، كما شهد ذات العام تنظيم بطولة العالم السابعة عشرة للرجال وبطولة العالم الثامنة للسيدات في سمرقند (أوزباكستان)، وأقيم في العام نفسه في إسطنبول (تركيا) المؤتمر الثالث والعشرون، الذي ناقش القضايا المتعلقة بأنشطة الاتحاد الرياضي الدولي لرجال الإطفاء والإنقاذ، والتعاون الدولي.
وشهدت فولغوغراد (روسيا)، في عام 2023م، إقامة المسابقات الدولية في الإطفاء والإنقاذ على كأس الصداقة وجائزة السلم الذهبي للهجوم، وفي العام نفسه، أقيمت في سارانسك (روسيا)، بطولة العالم الثانية عشرة للبنين والناشئين وبطولة العالم الثامنة للبنات والناشئين، فيما أقيمت في إسطنبول (تركيا)، بطولة العالم الثامنة عشرة للرجال وبطولة العالم التاسعة للسيدات، وتناول المؤتمر الرابع والعشرون الذي أقيم في هاربين (الصين)، ناقش القضايا المتعلقة بأنشطة الاتحاد الرياضي الدولي لرجال الإطفاء والإنقاذ، والتعاون الدولي.
وشهد العام 2024م، إقامة المؤتمر الدولي لرياضة الإطفاء والإنقاذ، في العاصمة الرياض.
وأسهمت هذه المسيرة التي امتدت أكثر من عقدين، في جعل البطولة منصة دولية لتبادل الخبرات والتقنيات الحديثة، في مجال الإطفاء والإنقاذ، ورسّخت حضورها إحدى الرياضات المهنية الأكثر تطورًا من حيث التنظيم والدقة والأمان.
وتعتمد رياضة الإطفاء والإنقاذ على محاكاة واقعية لعمليات الإطفاء، ضمن إطار تنافسي يختبر قدرات الرياضيين في السرعة، والتحمل، والتنسيق الجماعي، وتشمل المنافسات أربع مسابقات رئيسة هي تسلق السلم الخطّاف، وسباق (100) متر مع الحواجز، وسباق التتابع (4×100) متر، والانتشار القتالي باستخدام مضخات المياه والخراطيم.
وقد وضعت لوائح الاتحاد الدولي مواصفات دقيقة للمعدات المستخدمة، أبرزها مضخات ROSENBAUER FOX III، والخراطيم من نوع STORZ، لضمان المعيارية في الأداء والأمان خلال جميع المنافسات.
ومع مرور السنوات اتسعت البطولة من مشاركة محدودة إلى منافسة عالمية كبرى يشارك فيها أكثر من (25) دولة من آسيا، وأوروبا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وتضم الوفود عادة فرق الرجال والنساء، إضافة إلى طواقم فنية وطبية وتحكيمية متخصصة، مع تطبيق صارم لمعايير الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (WADA) لضمان النزاهة الرياضية.
كما أصبحت البطولة نقطة التقاء سنوية لآلاف المختصين في مجالات الدفاع المدني، حيث تُنظَّم على هامشها ورش تدريبية ومؤتمرات علمية ومعارض تقنية لعرض أحدث المعدات والابتكارات في مجال الإطفاء والإنقاذ.
وفي عام 2025م، تدخل البطولة مرحلة جديدة من تاريخها مع استضافة المملكة العربية السعودية لنسختها العشرين للرجال والحادية عشرة للسيدات في العاصمة الرياض خلال الفترة من 26 أكتوبر إلى الأول من نوفمبر 2025م، بتنظيم مشترك بين المديرية العامة للدفاع المدني الاتحاد الدولي لرياضة رجال الإطفاء والإنقاذ (ISFFR).
وتُعد هذه الاستضافة الأولى من نوعها في العالم العربي، وتمثل اعترافًا دوليًا بمكانة المملكة وقدرتها التنظيمية العالية في إدارة الفعاليات العالمية المتخصصة، بدعم وتنسيق من مختلف الوزارات والهيئات.
وستشهد البطولة مشاركة (21) دولة من مختلف القارات، يتنافس خلالها الرياضيون على ألقاب فردية وجماعية ضمن برنامج زمني يمتد ستة أيام، تشمل التصفيات والنهائيات وحفلي الافتتاح والختام.
وتعكس استضافة المملكة لهذه البطولة التزامها بتعزيز ثقافة السلامة والوقاية المجتمعية، وتطوير قدرات الكوادر الوطنية في مجالات الدفاع المدني، إضافة إلى إبراز الصورة الحضارية للمملكة في تنظيم الفعاليات الدولية، كما تأتي البطولة في سياق دعم رؤية المملكة 2030، التي تركز على تمكين الإنسان السعودي وتطوير القطاعات الأمنية والخدمية ورفع كفاءتها التشغيلية والميدانية.
ومنذ انطلاقتها، حملت بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ رسالة إنسانية عالمية، هدفها الاحتفاء برجال الإطفاء حول العالم الذين يكرسون حياتهم لإنقاذ الآخرين، وتحويل مهامهم اليومية إلى رياضة نبيلة تُجسّد روح الشجاعة والانضباط والتعاون.
ونجحت البطولة في تحويل مهنة الإطفاء من عمل ميداني إلى رمزٍ للبطولة والاحتراف والانتماء الإنساني، ما جعلها تحظى بمتابعة واسعة من الجماهير ووسائل الإعلام حول العالم.
وتمثل بطولة الرياض 2025 محطة فارقة في مسيرة البطولة، كونها تنقل الحدث إلى منطقة جديدة من العالم، وتفتح آفاقًا للتعاون بين الدول العربية والاتحاد الدولي في مجالات التدريب والتطوير والجاهزية الميدانية، كما ستكون فرصة لعرض قدرات المملكة في تنظيم بطولات تجمع بين الاحتراف الرياضي والمهنية الميدانية ضمن بيئة آمنة ومتطورة.
ومن موسكو إلى الرياض، قطعت بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ رحلة استمرت أكثر من (20) عامًا، جمعت خلالها آلاف الإطفائيين من عشرات الدول، وأسهمت في تطوير مهاراتهم وتوحيد معايير الأداء والسلامة عالميًا.
ومع استضافة النسخة السعودية 2025، تواصل البطولة مسيرتها لتؤكد أن الرياض أصبحت وجهة عالمية للفعاليات الدولية المتخصصة، ومركزًا لتكريم الأبطال الحقيقيين الذين يحمون الأرواح والممتلكات حول العالم.