الدكتورة فاطمة آل الشيخ تسرد قصة علاج “البتول” في “باب الحوائج”

القطيف: فاطمة الشاعر

في عالم يعج بالتحديات الصحية و المشاكل التي قد تبدو في بعض الأحيان لا حل لها، تظهر قصص لا تُنسى، قصص تمثل الأمل و الحب و الصبر، واحدة من هذه القصص هي قصة قصة كتاب باب الحوائج للدكتورة فاطمة حسن آل شيخ، التي كتبت هذا العمل في لحظة أمل وسط بحر من الألم.

الطبيبة الاستشارية في التخدير الدكتورة فاطمة حسن آل شيخ، لم تكن فقط مؤلفة مبدعة، بل كانت أيضًا أمًا تكافح من أجل ابنتها البتول التي كانت تعاني من مرض مزمن يتطلب علاجًا مستمرًا.

في هذا الحديث الخاص مع صُبرة، تفتح الدكتورة فاطمة قلبها و تشاركنا تفاصيل رحلتها مع الكتاب الذي بدأ كحاجة شخصية و أصبح في النهاية رسالة إنسانية تلهم الجميع.

من الطب إلى الأدب

الدكتورة فاطمة حسن آل شيخ هي استشارية في طب التخدير، حاصلة على الزمالة السعودية في طب التخدير، وحصلت على بكالوريوس الطب البشري من جامعة الخليج العربي في البحرين. تعمل حاليًا في مدينة الملك سعود الطبية بالرياض ضمن التجمع الصحي الأول، حيث تقدم رعاية متقدمة للمرضى و تتابع الحالات الحرجة.

منذ الصغر، كانت الدكتورة فاطمة مولعة بالقراءة، معتبرة الكتب أعز أصدقائها، و من هنا نشأ شغفها بالكتابة. هذا الكتاب، باب الحوائج، هو باكورة أعمالها الأدبية، حيث جمعت بين خبرتها الطبية و تجاربها مع المرضى و بين خيالها الأدبي، لتقديم قصة تحفز القراء على الأمل و الصبر.

عملها كطبيبة أتاح لها فهماً عميقاً لمخاوف المرضى و آلامهم، ما ساعدها على خلق شخصيات قوية و واقعية، و جعل الدواء و المضاعفات جزءاً من عالم خيالي ممتع، يعكس الواقع الطبي بطريقة بسيطة و مؤثرة.

باب الحوائج كتاب أعطى الدواء شخصية و جعل له اسمًا شيقًا، و مواصفات حسية و نفسية، تشوق القارئ و تنقله إلى عالم ساحر يمنحه السعادة و الأمل، فالإنسان بطبعه يحب المغامرة و يبحث عن السعادة في ابسط الأشياء، فكيف لو أصبح الدواء شخصية تحدثه و تنقله إلى مدن وعوالم جديدة ساحرة.

كما أن الكتاب شخص مضاعفات المرض بطريقة بسيطة تقرب الفهم و أعطاها شخصية متوحشة مؤذية، لها شكل قبيح و أفعال ضارة، فجمع الكتاب بين الجمال و الأمل و السعادة و بين ضدها القبح و الشر الذي جسد أسباب المرض.

ترى الدكتورة فاطمة، في الكتابة وسيلة لتفريغ أفكارها و ربط الطب بالخيال، و تخطط مستقبلاً لترجمة باب الحوائج إلى اللغة الإنجليزية، و تحويله إلى سلسلة أدبية قائمة على الخيال مستوحاة من تجربتها المهنية و الإنسانية.

وحول ذلك قالت الدكتورة فاطمة “من هواياتي منذ الصغر القراءة، فأنا أعشق الكتب و هي أعز أصدقائي، وكان الكتاب هو باكورة أعمالي الأدبية، و بدأت رحلة الكتابة معي كما ذكرت، بدأت الكتابة في محاولة لتلبية حاجة المجتمع إلى كتاب تحفيزي لجميع الأعمار.”

إلى أفق الأمل

كانت البتول ابنة الدكتور فاطمة هي الشرارة التي أشعلت في قلبها فكرة الكتاب، حيث كانت تعاني من مرض مزمن يتطلب العلاج المستمر.

وكشفت الدكتورة فاطمة لحظة الإلهام قائلة “كانت البتول دائمًا تسألني لماذا يجب أن أستخدم هذا الدواء؟ و لماذا أصبت بهذا المرض؟” كانت هذه الأسئلة البريئة من ابنتها، التي تجسد البراءة في وجه الألم، تدفعها للتفكير في كيفية تبسيط هذا المفهوم العلمي لها.”

لم تكن فاطمة مجرد أم فحسب، بل كانت أيضًا طبيبة ذات خبرة، و لكن الأهم من ذلك، كانت تسعى لتحويل هذا العلم الطبي إلى قصة قادرة على خلق علاقة إنسانية عميقة مع ابنتها، و كانت تبحث عن طريقة لتوصيل هذا العلم إلى ابنتها بطريقة تجعلها تفهم و تقبل ضرورة العلاج.”

وقالت فاطمة “بدأ الكتاب كقصة صغيرة لابنتي فقط، و لكن مع الوقت اكتشفت أن هذه القصة قد تكون مفيدة للكثيرين، سواء كانوا أطفالًا أو بالغين”.

لم يكن الكتاب مجرد محاولة تعليمية لابنتها، بدأ الكتاب يتخذ شكلاً أكبر، تحول الكتاب من مجرد قصة تعليمية إلى عملٍ أدبي يعكس الأمل و التحدي، بل تحول إلى رسالة إنسانية شاملة تتوجه إلى كل من يواجه تحديات صحية مشابهة.

من فكرة إلى واقع

وأضافت فاطمة “بحكم قراءتي في مجال الطب و تخصصي في التخدير، مما جعلني ملمة في مجال الطب و صحة الإنسان، و من تعاملي مع المرضى باختلاف أعمارهم و أمراضهم و طرق العلاج التي يحتاجون إليها، و باستشعار مخاوفهم و آلامهم، تكونت لدي فكرة عن حاجة المجتمع.”

وتابعت “الفكرة كانت أن أشرح لابنتي لمَ يجب أن تلتزم بالعلاج، و ما هي العواقب إذا لم تستخدمه. بدأت القصة تنمو في داخلي، و أدركت أنه من الممكن أن تساعد هذه القصة الكثير من الأشخاص.”

باب الحوائج: بين الرمزية و الخيال

وأكملت “البطلة في القصة كانت تبحث عن علاج لأخيها المريض، و كانت تحتاج إلى أشياء معينة لتحقيق هدفها، دخلت عبر أبواب متعددة في مدن سحرية، و كل باب كان يحمل فرصة جديدة، و هذا هو باب الحوائج , الباب الذي يُفتح لتحقيق الحاجة، لتحقيق الشفاء، وهذا العنوان لا يعكس فقط مغامرة الطفل في البحث عن العلاج، بل أيضًا رحلة الإنسان في الحياة، حيث يتعين علينا أن نفتح أبوابًا جديدة لمواجهة التحديات التي تقف في طريقنا، باب الحوائج ليس مجرد باب مادي، بل هو رمز للأمل و التحدي في مواجهة الصعاب.”

الكتاب: مزيج من الواقع و الخيال

وقالت الدكتورة فاطمة “الفكرة كانت أن أشرح لـ البتول لماذا يجب أن تلتزم بالعلاج، و ما هي العواقب إذا لم تستخدمه. لكن القصة سرعان ما تحولت إلى مزيج من الخيال العلمي و الواقع، ليأخذنا جميعًا في رحلة مليئة بالإلهام.”

رسائل رمزية: التأمل وراء السطور

وعن الرمزية التي يحملها الكتاب، أوضحت “الأبواب التي تمر بها البطلة ليست مجرد مدخل إلى عالم سحري، بل هي أيضًا رمز للفرص و التحديات التي نواجهها في حياتنا اليومية، كل باب يحمل فرصة جديدة للنمو، لكل شخص في حياتنا باب يجب أن نختاره بعناية لنعبره، والكتاب ليس مجرد مغامرة خيالية، بل رسالة عميقة عن الأمل و التحدي، و كيف يمكن للإنسان أن يجد سبلًا للتغلب على المعوقات، سواء كانت صحية أو حياتية، من خلال الإيمان بالنفس و العمل الجاد.”

توازن روحانيات و جوانب اجتماعية

وعن كيفية التوازن بين الروحانية و الجوانب الاجتماعية و الشخصية في الكتاب، قالت “الروحانية كانت عنصرًا أساسيًا في القصة، البطلة تسعى لتحقيق هدف سامٍ، ليس فقط لإنقاذ أخيها، و لكن أيضًا لتمكين نفسها من الصبر و التحمل. أما الجوانب الاجتماعية، فقد ظهرت في كيفية دعم الأسرة لبعضها البعض، و كيفية تعامل العائلة مع المرض، أردت أن يظهر الكتاب كيف أن العائلة يمكن أن تكون مصدر القوة عندما يعجز الشخص عن التحمل بمفرده.”

اختيار الشخصيات

وحول الشخصيات في الكتاب، أوضحت “البطلة تمثل البتول، ابنتي، و كل صفاتها الحقيقية كانت تنعكس في شخصيتها في القصة. أما إياد مثلًا، وهو شقيق البطلة المريض، فقد استلهمت شخصيته من شخص متفائل في حياتي، كانت تلك الشخصية دائمًا تزرع الأمل في المحيطين به.”

تحديات الكتابة

وعن التحديات التي واجهتها أثناء الكتابة، قالت الدكتورة فاطمة “كانت التحديات الأكبر في كيفية تقديم المعرفة الطبية بدقة، بينما أدمجها مع عناصر الخيال بطريقة تجذب القارئ، كنت أحاول أن أشرح المفاهيم الطبية بطريقة مبسطة دون التفريط في دقتها، كما أن كتابة نص أدبي يتضمن علمًا طبيًا كان أمرًا معقدًا في البداية، وكنت أريد أن يشعر القارئ بأن القصة ليست مجرد دروساً طبية، بل رحلة إنسانية مليئة بالمغامرات التي تثير الأمل.”

أكثر من مجرد باب

أما عن اختيار عنوان الكتاب، قالت الدكتورة فاطمة “اختيار باب الحواج كان له دلالة رمزية عميقة، البطلة تدخل أبوابًا متعددة، وكل باب يمثل تحديًا جديدًا و فرصة لتحقيق هدفها، هو ليس مجرد عنوان، بل هو رمز للطريق الذي يمر به كل شخص في رحلة العلاج، سواء كانت مادية أو معنوية.”

الأمل لكل إنسان

وأضافت “أريد أن أوصل رسالة إلى الجميع بأن الأمل و الصبر يمكن أن يفتحا الأبواب المغلقة، ولا يجب أن نتوقف أمام المرض أو الصعاب. يجب أن نستمر في الكفاح حتى نحقق أهدافنا.”

هل أنت مستعد؟

وأكملت الدكتورة فاطمة قائلة “لقد بدأ الكتاب كقصة شخصية، لكنه تحول إلى رسالة عامة يمكن أن تؤثر في الجميع، سواء كانوا صغارًا أم كبارًا، و هذا ما يجعل هذا الكتاب، الذي يحمل بين طياته الكثير من المعاني العميقة، خيارًا مثاليًا لكل شخص يريد أن يستلهم الأمل و يواصل مسيرته في الحياة رغم كل الصعوبات.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×