عزنا بطبعنا

سعيد الخباز

ماذا يعني أن نحتفل – كمواطنين ومقيمين على تراب الوطن – باليوم الوطني الخامس والتسعين للمملكة تحت شعار “عزنا بطبعنا”؟

إن الاحتفال باليوم الوطني الخامس والتسعين للمملكة العربية السعودية تحت شعار “عزنا بطبعنا” يتجاوز مجرد مناسبة وطنية ليلامس جوهر الهوية والانتماء، ويعكس فهمًا عميقًا لما يشكل قوة وأصالة هذا الوطن.

هذا الشعار ليس مجرد عبارة رنانة، بل هو دعوة للتأمل والتفكر في أبعاد متعددة لانتمائنا ورؤيتنا لمستقبلنا، سواء كنا مواطنين أو مقيمين على تراب هذه الأرض الطيبة.

أولاً، “عزنا” هو اعتراف بقدرتنا وقوتنا الكامنة. فهو لا يشير إلى قوة مادية بحتة فقط، بل، أيضا، إلى القوة النابعة من إرث ثقافي غني، وتاريخ مجيد، وتمسك بقيم أصيلة.

يمثل “عزنا” الثقة بالنفس وبالقدرة على تجاوز التحديات وتحقيق الإنجازات. إنها قوة مستمدة من وحدتنا، ومن التآزر بين أبناء وبنات هذا الوطن، ومن الإيمان بمستقبل مشرق نرسمه معًا. في هذا اليوم، نستحضر عظمة الإنجازات التي تحققت عبر مسيرة المملكة، ونستلهم منها للمضي قدمًا نحو المزيد من التقدم والازدهار، مع التأكيد على أن هذه القوة هي قوة بناء وتنمية لا قوة استعلاء.

ثانياً، “بطبعنا” هو دعوة صريحة للفخر والتأكيد على الأصالة والهوية. إنها إشارة واضحة إلى أن مصدر عزنا وقوتنا الحقيقية يكمن في جوهرنا، في ثقافتنا الفريدة، وعاداتنا وتقاليدنا المتجذرة، وقيمنا الروحية والأخلاقية.

“الطبع” هنا يعني الأصالة، والتمسك بالهوية التي تميزنا، والتي شكلت نسيج المجتمع السعودي عبر الأجيال. يحتفل هذا الشعار بالتنوع الثقافي داخل المملكة، من عادات وتقاليد مناطقها المختلفة، ومن لهجاتها المتنوعة، وكأنها فسيفساء رائعة تساهم كل قطعة فيها في جمال الصورة الكلية. كما أنه يؤكد على أن هذا “الطبع” ليس صخرة جامدة، بل هو طبع متجدد يتفاعل مع المعطيات الحديثة دون أن يفقد هويته الأساسية.

بالنسبة للمواطنين، يعني الاحتفال باليوم الوطني الخامس والتسعين تجديد الولاء والانتماء، واستدامة الروح الوطنية، والشعور بالفخر العميق بما وصلت إليه المملكة من مكانة مرموقة على الصعيدين الإقليمي والدولي. هو فرصة لاستذكار تضحيات الأجداد في بناء هذه الدولة، وتقدير الجهود المبذولة في سبيل رفاهية الأجيال الحالية والمستقبلية.

“عزنا بطبعنا” يعني للمواطن السعودي أن قوته تأتي من تمسكه بمنظومته القيمية، ومن وحدته الوطنية، ومن قدرته على التكيف والتطور مع الحفاظ على أصالة هويته. إنه إحساس بالمسؤولية تجاه هذا الوطن، ورغبة في المساهمة الفعالة في مسيرة التنمية والازدهار، متسلحين بالقيم التي ورثوها.

أما بالنسبة للمقيمين على تراب الوطن، يمثل هذا اليوم فرصة قيمة لفهم وتقدير العمق الثقافي والتاريخي للمملكة، وللاحتفاء بالروح الحقيقية التي تسود هذا المجتمع.

“عزنا بطبعنا” يفتح للمقيم أبوابًا لفهم أعمق لمفهوم الوحدة الوطنية، وقدرة هذا الشعب على جمع مختلف أطياف المجتمع تحت راية واحدة.

إنه دعوة للانخراط الإيجابي في هذا المجتمع، ليس فقط كمقيمين، بل كشركاء في مسيرة التنمية والبناء.

يتجلى مفهوم “عزنا بطبعنا” للمقيم في إدراك أن ما يجعل المملكة قوية ومتميزة هو هذا التفاعل الإيجابي بين قيمها الأصيلة وبين قدرتها على الانفتاح والتطور، هو اعتراف بالدور الذي تلعبه المملكة في تقديم نموذج مميز للتسامح والتعايش، مع الحفاظ على هويتها الثقافية المميزة.

في هذا اليوم، يتجلى الاحتفال من خلال الفعاليات الوطنية، واللقاءات المجتمعية، وتبادل التهاني، والأعمال التطوعية التي تعكس الروح الوطنية، إنه يوم للتأكيد على أن ما يميز المملكة هو قدرتها على الموازنة بين الحداثة والأصالة، وبين التقدم والانفتاح على العالم مع الحفاظ على خصوصيتها الثقافية والدينية.

“عزنا بطبعنا” هو رسالة للعالم بأن المملكة ليست مجرد دولة ذات ثروات طبيعية، بل هي دولة ذات حضارة عريقة، وشعب أصيل، وهويّة قوية، تمكنها من تحقيق طموحاتها الوطنية والمساهمة بفعالية في بناء مستقبل أفضل للجميع. إنه تأكيد على أن استدامة عز المملكة تكمن في قدرتها على الحفاظ على طباعها الأصيلة، وتطويرها، وتوظيفها لصالح نهضتها ورفاهية شعبها والمقيمين على أرضها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×