المؤسسات الاجتماعية… عماد المجتمع وركيزة التنمية
أمين العقيلي
تُعَدّ المؤسسات الاجتماعية – كالجمعيات الخيرية، أندية الشباب، وجمعيات التنمية الاجتماعية – حجر الزاوية في بناء المجتمعات المتوازنة والمتماسكة، فهي تعكس روح التكافل، وتترجم قيم العطاء والمسؤولية، وتفتح المجال أمام الأفراد للمشاركة في التنمية. غير أن الواقع يكشف عن تفاوت واضح بين مؤسسة وأخرى، إذ نرى مؤسسة اجتماعية حديثة العهد تتقدّم بخطى واثقة، بينما تتراجع مؤسسة أخرى عريقة كانت يومًا ما مضربًا للأمثال في تميزها.
لماذا تتقدم مؤسسة على أخرى؟
هناك مجموعة من العوامل التي تجعل مؤسسة تتفوق على أخرى، من أبرزها:
1. القيادة الفاعلة: وجود إدارة واعية تمتلك رؤية واضحة، وتحرص على التخطيط الاستراتيجي، وتتابع التنفيذ بجدية.
2. الشفافية والحوكمة: وضوح الأنظمة واللوائح المالية والإدارية، مما يولّد ثقة المجتمع والداعمين.
3. الابتكار والتجديد: المؤسسات التي تواكب احتياجات المجتمع وتبتكر برامج نوعية هي الأقرب للنجاح.
4. التفاعل مع المجتمع: كلما كانت المؤسسة قريبة من الناس، تسمع لهم وتعمل معهم، زادت فرصها في التقدم.
5. الاستثمار في الكفاءات: نجاح المؤسسات يقترن بقدرتها على استقطاب الشباب والكفاءات ومنحهم الفرصة للإبداع والمشاركة.
لماذا تتراجع المؤسسات العريقة أحيانًا؟
قد تتعرض بعض المؤسسات الاجتماعية المهمة إلى التراجع لعدة أسباب:
• الاعتماد على الماضي: الاكتفاء بإنجازات سابقة وعدم مواكبة التطورات.
• التحزبات والانقسامات: غياب الروح الجماعية وتحول المؤسسة إلى ساحة صراع بين أطراف مختلفة.
• ضعف التشجيع المجتمعي: تركيز المجتمع على النقد السلبي دون دعم أو مساندة.
• جمود القيادات: بقاء نفس القيادات لسنوات طويلة دون تجديد الدماء أو فتح المجال لوجوه جديدة.
كيف نرتقي بالمؤسسات الاجتماعية؟
الارتقاء بالمؤسسات لا يتحقق بالشعارات، بل بالعمل الجاد المبني على أسس واضحة:
1. تعزيز ثقافة العمل الجماعي: فالمؤسسة ليست ملكًا لفرد أو مجموعة محدودة، بل هي كيان يخدم الجميع.
2. تطبيق مبدأ الحوكمة: الشفافية والمحاسبة تعزز الثقة وتجذب الدعم.
3. إتاحة الفرص للشباب: ضخ دماء جديدة يسهم في الإبداع والابتكار.
4. إطلاق مشاريع واقعية: تحويل الخطط إلى مبادرات ملموسة على أرض الواقع، يستفيد منها الناس ويشعرون بوجودها.
5. تشجيع المجتمع على المشاركة: من خلال إشراك النخب وأفراد المجتمع في التخطيط والتنفيذ والدعم.
خاتمة
نجاح المؤسسات الاجتماعية ليس ترفًا، بل ضرورة لبناء مجتمع متماسك ومزدهر، فالمجتمع الناجح هو الذي يتبنى مؤسساته ويدعمها، ويحولها إلى منصات حقيقية للتنمية، لا إلى ساحات صراع أو محطات للركود. وحين نفهم أن نجاح المؤسسة هو نجاح للمجتمع بأكمله، سنرى مشاريع نوعية على أرض الواقع، وننتقل من مرحلة النقد السلبي إلى صناعة النجاح المشترك.