“كونتينر” تخطف 4 جوائز من أصل 11 في صيف الزرقاء النص لعباس الحايك والإخراج لعقيل الخميس
عمّان: صُبرة
خطفت مسرحية “كونتينر” لفرقة نورس المسرحية والكاتب عباس الحايك، 4 جوائز من أصل 11 جائزة، في مهرجان صيف الزرقاء 23، في الأردن.
جاء ذلك عقب مشاركة فرقة نورس في المهرجان الذي انطلق قبل أيام، على مسرح مركز الملك عبد الله الثاني الثقافي في محافظة الزرقاء الأردنية.
وتمثلت الجوائز للمسرحية التي قدمت بدعم من هيئة المسرح والفنون الأدائية، في أفضل نص الكاتب عباس الحايك، وجائزة أفضل ممثلة مناصفة للفنانة مريم حسين، وأفضل ممثل مناصفة للفنان كميل العلي، وأفضل مخرج عقيل الخميس.
تدريبات وبروفات
ويعود جانب من هذا التميز إلى الجهود التدريبية التي خضع لها فريق التمثيل، إذ تولى الممثل حسن العلي تدريب الممثلين على الأداء وصقل أدواتهم، ولعب دورًا كبيرًا في البروفات التحضيرية للمشروع، ما انعكس على قوة الحضور فوق خشبة المسرح وتجسيد الشخصيات بعمق وإقناع.
هذا التتويج جاء تتويجاً لمسيرة عمل مسرحي حمل في طياته الكثير من العمق الإنساني والرمزية، إذ يطرح “كونتينر” حكاية اللاجئين في قالب درامي مكثف، وتدور الأحداث داخل حاوية معدنية تستخدم كمأوى مؤقت لزوجين، يعيشان صراعًا نفسيًا بين ذاكرة مثقلة بالمآسي والاعتقال والخوف من المجهول، وبين رغبة عارمة في النسيان وبدء حياة جديدة.
معاناة إنسانية شاملة
ومن خلال هذا الفضاء الضيق، يتمكن النص من استحضار معاناة إنسانية شاملة، تتجاوز حدود المكان والزمان لتصبح قصة يمكن أن تحدث في أي نقطة من العالم يشهد صراعات وحروبًا ونزوحًا.
الكاتب عباس الحايك صاغ النص بوعي إنساني عميق، جعل الحكاية أشبه بمرايا متعددة تعكس صور القهر والاغتراب من جهة، والأمل والإصرار على الحياة من جهة أخرى. ولعل أبرز ما ميّز النص هو قدرته على المزاوجة بين اليومي والرمزي، بين مشاهد الحميمية الزوجية وما يرافقها من لحظات ضعف وقوة، وبين الرموز الكبرى التي يجسدها المكان (الحاوية) وصوت الطرقات على الباب وصور التحقيق والاعتقال التي تلاحق الشخصيات حتى في لحظات محاولاتها للنسيان.
بعداً بصرياً وحسياً
أما إخراج عقيل الخميس فقد أضفى على العمل بعدًا بصريًا وحسّيًا لافتًا، إذ اعتمد على البساطة في التشكيل الحركي مع توظيف الإضاءة والموسيقى والإكسسوارات الصغيرة لتكثيف الأجواء المشحونة.
بدا الكونتينر في العرض أكثر من مجرد فضاء مسرحي؛ لقد تحول إلى رمز للحياة المؤقتة والهشاشة، لكنه في الوقت ذاته مكان يفيض بالأمل، حيث يمكن أن تبدأ الحكايات الجديدة وتنبت البذور رغم القيود. هذا التوظيف البصري والرمزي جعل لجنة التحكيم تمنح الخميس جائزة أفضل إخراج، باعتباره نجح في خلق عرض متكامل يوازن بين النص والتمثيل والتقنيات.
دفن الخوف
في المقابل، حمل الأداء التمثيلي قوة إضافية للنص والإخراج، فقد تمكنت مريم حسين من تجسيد شخصية الزوجة التي تحاول دفن الألم عبر التمسك بالنسيان، في مواجهة زوج يصرّ على استحضار الذاكرة بما تحمله من وجع وخوف.
هذا التوتر بين النسيان والتذكر ظهر في أدائها بانفعالات مدروسة وحضور طاغٍ على الخشبة، ما جعلها تستحق بجدارة جائزة أفضل ممثلة. كذلك نجح كُميل العلي في أداء شخصية الزوج، ليضيف للمسرحية طبقة أخرى من العمق، متقاطعًا مع أسئلة الهوية والكرامة والقدرة على مواجهة الماضي.
جدير بالذكر، أن الدول المشاركة في المهرجان هي الأردن، وسوريا، وليبيا، والجزائر، وتونس، وفلسطين، فيما كانت لجنة التحيكم من مصر والعرق.