مشاعر بلاستيكية تسيطر على علاقات الناس

سيهات: صُبرة

لفتت الأخصائية الاجتماعية عقيلة آل حريز، الأنظار إليها عندما تحدثت عن “المشاعر البلاستيكية” المعلبة، و”المجتمعات البهيمية الغرائزية”. وقالت الأولى قد توجد لدى الشخص دون أن يدري، أما الثانية فمنتشرة في العالم بكثافة. وحددت آل حريز ملامح الترابط الاجتماعي المطلوب بين الناس، وحذرت من أن يتحول العالم إلى جحيم لا يطاق، مشددة على أهمية الحفاظ على فلسفة الحب، والبعد عن الكره والأحقاد.

 وذكرت آل حريز أمام جمع من النساء، في ورشة عمل بعنوان “إدارة المشاعر والحب”، نظمتها جمعية سيهات للخدمات الاجتماعية: “نحن في زمن أصبحنا فيه مثقلين بكميات كبيرة من المشاعر البلاستيكية، فأثناء مرورنا اليوم في وسط المجتمع من خلال التلاقي في مناسبة أو حتى في وسائل التواصل الاجتماعي المغطى بكمية مهولة من المشاعر الصناعية، فالأمر سهل وغير مكلف ومريح”، مضيفة بأن “هذه المشاعر المعلبة تعتبر خدعة استراتيجية ودرعا يغطي البعض به نفسه المفتقرة للمشاعر الصادقة، وفقره العاطفي وشعوره المتبلد، لذا لن يكون لدى الإنسان ما يكفي من ذاته الحقيقية، ومن هنا يبدأ الضياع الحقيقي، ليدخل مرحلة النفاق من أوسع أبوابه، فيبحث عن داخله، فلا يجده، لأنه قام بتغطيته بأكوام من البلاستيك المزيف”.

وعرفت آل حريز المشاعر بأنها “تجربة واعية، تتميز بنشاط عقلي وبدرجة معينة من المتعة أو المعاناة، وتكون إما إيجابية أو سلبية”، ووصفتها بالمعقدة وتؤثر على السلوك والعاطفة والجسد والنفسية”، مشيرة إلى أن “الحالة الطبيعية للإنسان أن يكون له مشاعر أو أحاسيس يعبر عنها، لئلا يصاب بمضاعفات كبتها وتتحول لاكتئاب”.

وأوضحت أن للمشاعر فوائد ومن ذلك أن “يعرف الشخص نفسه وسلوكه، ويزداد ثقة بنفسه، وتظهر كفاءته، إلا إن ذلك يكون وفق حدود وضوابط، حتى لا يحتمل التأويلات السلبية”، لافتة إلى أن “الحب على نوعين أحدهما ينتج عن اهتمام الفرد بأن يحبه الآخرون دون نقص أو عجز، وهذا النوع يتسم بالأنانية، أما الثاني فأن يكون الشخص قادراً على أن يحب الآخرين، وهو نوع لا يمكن أن يتحقق دون أن تشبع الحاجات الأساسية التي تسبقه”.

وشددت على ضرورة “اتقان أساليب التعامل مع المشاعر بصورة إيجابية، واتقان أساليب التعامل مع المشاعر السلبية، وفن إدارة المشاعر بإيجابية، وكذلك اكتشاف نقاط القوة والتعامل معها، واكتشاف الفضائل في المشاعر، والتعامل الناجح في التعامل مع الطرف الآخر، وإدارة العلاقات العاطفية العامة، وإدارة المشاعر المتعلقة بالأسرة”.

وأضافت أن “الحب هو أكسير الحياة، وسر الحلاوة، وهو قيمة سامية تعطي حياة سعيدة للمرء منا، تعلمه القدرة على التوافق مع الحياة، والامتزاج بها، وتقبل صدماتها، والاستمرارية فيها وتخفف عليه ثقلها”، قائلة “ولعل الحب أجمل هبة عرفها الإنسان”، مضيفة بأنه “يبدأ عندما نزيح جانب الأنا الخاصة بنا ونفسح المجال لمحبة الآخرين”.

ولفتت إلى أن “الحياة من غير عاطفة سيجعل من الحياة مملة بلا غفران وبلا تصالح، ولن تقدم فيها التضحيات، وستشيع الأنانية والكره، وسينعزل المرء عن الناس ويموت القلب، كما سيتحول العالم إلى جحيم لا يطاق، وهو نشهده في مجتمعاتنا نوعا ما بتحولها لمجتمعات بهيمية غرائزية، تخلو فيها المحبة والمودة بين الناس حتى فقدوا هوياتهم الإنسانية، وذلك بسبب سُميّة الحب الذي يحدث بسبب الأمور التي تأخذ منحاها اللاطبيعي، فالتعلق ليس حب، والتسلط والاستعباد والتملك ليسوا حب، وحرق الطاقة وقطع الطريق للاختيار ومنع التجربة ليسوا حب، فالتعقل هو المطلوب لئلا يفقد الحب معناه، لأن مايفقدنا مكتسباتنا ويحيلنا للشعور بالاندثار والانهيار والعدمية والمرض هو مرض والمرض ليس حباً”.

وأشارت إلى أن الخلافات أمر طبيعي في كل علاقة، فالبشر يتآلفون وينسجمون ويختلفون ويتعاركون، لذا لابد أن يعطى كل شيء حجمه الطبيعي، بالحفاظ على فلسفة الحب، حتى لا تسيرنا الأحقاد ونحرق طاقاتنا ونتلف أرواحنا، موصية بالحفاظ على مقاييس الحب من خلال الاحترام والاحتواء واللقاء والصدق والتجرد من المصلحة، وبتقبل الآخر كما هو لا كما نريد صنعه، وبالاحتفاء بالصداقة”، مضيفة بأن “الحب يحافظ على الصحة النفسيه، والعافية الروحية والبدنية، وبالبعد عن اليأس والإحباط والكآبة والاستسلام للأمراض أيا كانت”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×