“خيرات العلا”.. تمكين المجتمع بين 4 ملايين نخلة
العلا: صبرة
في قلب واحة خضراء تروي قصصًا عمرها آلاف السنين، تُطل “خيرات العلا” بحلّتها الجديدة لتُقدّم للعالم فصلًا جديدًا من فصول العطاء، حيث يُعد “موسم تمور العلا” محطةً رئيسة في برنامج مواسمها الزراعية الخمسة، الذي يمزج بين الأصالة والحداثة، ويرسم ملامح مستقبل زراعي واعد في المملكة، متوافقًا مع مستهدفات رؤية 2030.
إرث يتنفس، وطموح يتحقق
تمثل “خيرات العلا” أكثر من مجرد منتجات زراعية فاخرة، فهي شهادة حية على إرث زراعي عريق تغذى عليه سكان المحافظة لقرون، ووعاءٌ لحكاية الإنسان والمكان، ويسهم الموسم، المنطلق خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، في تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، أبرزها حماية الإرث الطبيعي والتاريخي للعلا، وإبراز الموروث الثقافي السعودي الأصيل، وتعزيز القطاع الزراعي كرافد اقتصادي مهم، وبناء شراكات تجارية تفتح الآفاق أمام منتجات المزارعين والأسر المنتجة للوصول إلى الأسواق العالمية.
مكانة “الذهب البني”
تكشف الأرقام عن حجم الثروة النخيلية التي تزخر بها العلا، والتي تُعدّ عمادَ اقتصادها الزراعي، حيث تحتضن المحافظة أكثر من 4.1 ملايين نخلة، منتشرة على مساحة تتجاوز 15 ألف هكتار، تنتج سنويًا ما يقارب 170 ألف طن من التمور، ما يؤكد مكانتها كواحة إنتاجية زاخرة.
وشهد موسم التمور عام 2023 أداءً لافتًا، حيث سجلت مبيعات المزاد أكثر من 12.8 مليون ريال سعودي، بالإضافة إلى 400 ألف ريال من المبيعات المباشرة في السوق، فيما استقطب الموسم أكثر من 15 ألف زائر. وعززت تمور العلا مكانتها على الخارطة الوطنية بالمشاركة في معرض الرياض للتمور 2023، محققةً إيرادات بلغت 220 ألف ريال سعودي.
أما بعام 2024 فقد بلغت الكميات المبيعة 1,7 مليون كجم، بإجمالي إيرادات وصلت إلى 8,8 مليون ريال سعودي.
الشنة.. حافظ التراث وناقل القصة.
لا يقتصر الموسم على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يتعداه إلى الحفاظ على الموروث الثقافي، حيث تحرص الهيئة الملكية لمحافظة العلا على إحياء التقاليد القديمة في حفظ التمور، وأبرزها طريقة “الشنة والمجلاد”. وتصنع “الشنة” من جلد الماعز أو الضأن، بينما يصنع “المجلاد” من سعف النخيل، وهي طريقة حفظ تقليدية كانت تستخدم في الجزيرة العربية، ولا تزال متداولة حتى اليوم كجزء من هوية العلا الثقافية.
تمكين المجتع
في إطار دعم وتنمية القطاع الزراعي، عملت الهيئة الملكية للعلا على تدريب أكثر من 2500 مستفيد، شملوا 95 مزارعًا و250 طالبًا، كما تم اعتماد 250 مزرعة تحمل علامة التمور السعودية في خطوة لتعزيز الجودة والتميز. وشملت جهود التنمية معالجة 120 ألف نخلة في الواحة الثقافية من خلال برامج التسميد ومكافحة الآفات، إلى جانب تطوير البنية التحتية بافتتاح أسواق جديدة مثل سوق المعظم والمتشية، وتطوير سوق الصغيرات، لربط الزوار مباشرةً بالمزارعين.
الفئات المستهدفة
تستهدف حملة “خيرات العلا” شريحة واسعة من الفاعلين، تشمل الإعلام المحلي لنقل قصص النجاح، وأهالي العلا لتعزيز فخرهم بتراثهم، والزوّار لجذبهم نحو تجارب سياحية فريدة، والمستثمرين والشركاء لدعم تطوير المنتجات وتسويقها، وأخيرًا المزارعين والأسر المنتجة لتمكينهم اقتصاديًا ومهنيًا.