ذاكرة دارين: دار النهامين

حسن دعبل

ولأنها دارين، كانت واحدة من أساطين الفن البحري، والغناء. هذا ما يرد أو يُسرد في الذاكرة الشعبية لذاكرة الغوص والبحر في الخليج. ذاك الإرث المنسي تماماً، والغائب في الحضور والكتابة.

فهل كانت دارين غائبة في الغناء والطرب؟

ولكثرة دور طربها في تلك الأوقات، ربما كانت أكثر من سبع دور للغناء والسمر. فقد تردد في الذاكرة الشعبية لمحبي الطرب والأنس، وكارهيه: دارين دار الطرب والفن ساكنها.

فيرد الصدى لكارهي الغناء: دارين دار الطرب وابليس ساكنها.

هذه المتوالية، تُسترد بصيغتها الشعبية المسالمة على أسياف البحر ، وفوق فنة الخشب “المُبندرة”، قبل أن يصرخ النهام : ودعتكم بالسلامه ياضوى عيني…

ربما يتذكرها عاشق يلتحف بالماضي البعيد، وذاكرة تحاول الإمساك بحبالٍ طربة عاشقة لأشرعة غافلتها الريح؛ “وجراحان” ينزف دموع الفراق والحسرة.

تلك سنوات بعيدة من تاريخ الغناء البحري. الذي لم تدونه الأقلام، وغافلته العقول، وعجل بغيابه الموت، وأميّة الكتابة; وفقر وعازة المهنة المنسية: الغوص.

ولأن المجتمعات البحرية لا تكتب، ولا تدون إرثها; نكتبها تكراراً، لأنها حالمة طاربة، وعاشقة للأسفار والملذات. تسردُ ذاكرتها شفهياً في السمرات، وعلى ظهر خشبها المُبحرة، وتظل تلك الذاكرة الجمعية، إما ناقصة، أو مبتورة، أو مصادرة من مكان إلى آخر، حسب البنادر والهيرات، والأرزاق، وتوافيق عطاياها.

ما كتبته، هو استفزاز للذاكرة وبقايا غبشة دار مهنا الباقية المنسية، وبعض سمرات لأفراحٍ وليال جُمعات كانت سائدة لسماع فنون البحر قبل خمسة عقود. حاضرة بقوة وطروبة بالمكان وأهله. شيدته الأجساد الراقصة، والأيدي وهي تضرب على بعضها شابكة بإيقاعات صارخة للأبدان، وسالبة للعقول.

تلاشت تلك الدور بأهلها تماماً، صارت أثراً بعد عين. وخفّت خطوات حافية خشنة مُتشققة بملوحة البحر.

فهل تعود بحضورها الآن..؟ وبهذا الاهتمام السياحي والإقتصادي وزخمه وحداثته:

بذاكرةٍ بحر وغناء، ودار طرب تُسمى: دار النهامين.

اقرأ أيضاً

دارين تتابع قصرها وبلدتها في مشروع تأهيل وتطوير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×