الديوانيات… حقوق وواجبات وتوازن مطلوب

أمين العقيلي

الديوانيات في مجتمعاتنا الخليجية موروث اجتماعي أصيل، وركن مهم من أركان التواصل الإنساني، فهي ليست مجرد مجالس تُفتَح كل مساء لتبادل الأحاديث والأخبار، بل فضاء يلتقي فيه الناس بمختلف فئاتهم لتقوية الروابط وتعزيز روح المودة والتكافل.

ومع ما تحمله هذه الديوانيات من إيجابيات كثيرة، من تبادل خبرات وإثراء نقاشات وإحياء للعادات الطيبة، إلا أن نجاحها لا يُقاس فقط بعدد روادها أو استمرارية انعقادها، بل بمدى التزامها بحقوق الجميع، صاحبًا كان أو زائرًا.

حقوق مرتادي الديوانيات

   •   أن يُتابع حضورهم ويُسأل عن أحوالهم عند الغياب، لتبقى رابطة المجلس قائمة على الاهتمام الصادق لا على مجرد اللقاء العابر.

   •   أن يجدوا في المجلس بيئة آمنة يسودها الاحترام والتقدير، بعيدًا عن التجريح أو الإقصاء.

   •   أن يُستقبلوا بالترحيب والضيافة التي تُجسّد كرم صاحب البيت وحسن استقباله.

حقوق صاحب الديوانية

   •   أن يُقدَّر جهده ووقته وكرمه، وألا يُنظر إلى الديوانية وكأنها واجب مفروض أو مقهى عابر.

   •   أن يُراعى نظام المجلس ووقته، فلا يطغى السهر أو الفوضى على حياة الأسرة والالتزامات.

   •   أن يشارك الضيوف بفاعلية، ويضيفوا للمجلس قيمة معرفية أو اجتماعية تعود بالنفع على الجميع.

نحو تطوير الديوانيات

لجعل هذه الديوانيات أكثر نفعًا وتأثيرًا، يمكن تخصيص بعض الأمسيات لحوارات تثقيفية في مجالات متنوعة، إضافة إلى تبني مبادرات اجتماعية أو خيرية تُسهم في خدمة المجتمع باسم الديوانية.

التوازن مع الأسرة

من المهم أن يعي الجميع أن الديوانية لا يجب أن تكون على حساب الأسرة، فالزوجة والأبناء لهم حق أولى بالوقت والاهتمام. ويمكن تحقيق التوازن من خلال تنظيم أوقات الجلوس، وإشراك الأبناء أحيانًا في بعض اللقاءات لتعريفهم بهذا الموروث الاجتماعي.

آفة المجالس

ومما يجدر التنبيه إليه أن بعض المجالس قد تُبتلى بالقيل والقال، والغيبة، والتحدث عن الآخرين لإثارة الجدل، مما يحوّل الديوانية إلى ساحة نقاشات عقيمة تُورث التشنج وسوء العلاقات. وهنا تبرز أهمية الوعي وضبط اللسان، ليظل المجلس بيئة راقية تسودها المحبة والاحترام، ويُراعى فيها مشاعر الجميع.

كلمة موجهة لأصحاب الديوانيات

إلى أصحاب الديوانيات الكرام: أنتم أصحاب رسالة اجتماعية نبيلة، فديوانياتكم ليست جدرانًا وكراسي فقط، بل قلوب مفتوحة وبيوت عامرة بالود. اجعلوا من ديوانياتكم مظلة محبة وتقدير، وكونوا قدوة في السؤال عن الغائب، وداعمًا لكل حاضر، وحريصين على أن يسود الجلسة الاحترام والاعتدال في الطرح. فبكم تستمد الديوانية قيمة راسخة، وبكم تزدهر لتكون منبرًا يجمع ولا يفرق، ويبني ولا يهدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×