في مثل هذه الليلة.. القطيف تطرق “الهاوَنْ” لإنقاذ القمر.. من الحوت تفسيرات خسوف القمر عند العرب والصينيين والهنود والإنكا والهنود الحمر

القطيف: صُبرة
لو عدنا بمثل هذه الليلة، بالقطيف، إلى أقلّ من ستين سنة، أو أقلّ بقليل؛ لشهدنا ليلةً تعيش نقيضين حادّين. أحدهما ذو أصلٍ دينيّ، حيث يؤدّون الناس صلاة الآيات عملاً بفقه يفرض الصلاة واجباً عينياً على كلّ مسلم يُدرك خسوف القمر.
وبالنقيض من ذلك؛ هناك من يُضيف طقساً منفصلاً عن الدين وعن الصلاة؛ فمنذ بداية الخسوف حتى نهايته؛ يردد الناس أهزوجةً مخيفة تطالب “الحوتة” بأن تتقيأ القمر الذي ابتعلته، ملحّين عليها أن ترميه في البرّية. أهزوجة ترافقها إيقاعات ضرب على “هاون”، ويتسمرُّ الناس عليها حتى “خروج” القمر من بطن الحوت سالماً.
كانت ليلة الخسوف مصدر رعب شديد للأطفال الذين يُباغتهم طقسٌ يوحي بأن الحياة سوف تنتهي..!
موروث خرافي
لم يكن سكان الخليج العربي استثناءً في الشعوب التي ورثت تفسير خسوف القمر من زاوية خرافية. فهناك العديد من الشعوب التي جعلت من الحدث الفلكي الطبيعيّ حدثاً كارثياً لا بدّ من التعامل معه بالكثير من الضجيج والضوضاء والصراخ، لإنقاذ القمر من أعداء يحاولون القضاء عليه.
في المنطقة الخليجية استمرّت خرافة كنعانية لقرون طويلة جداً، ملخّصها أن حوتاً ضخماً خرج من البحر وابتلع القمر وهو بدرٌ كامل. ولذلك؛ كان الرعب يتملّكهم ليلة خسوف القمر؛ فيهرعون إلى مساعدة القمر على الخروج من بطن الحوت، عبر طرق أداة «الهاونْ» وترديد نشيدٍ غريب (ياحوتة البلاعة هديّ كمرنه بساعة …) ، حتى ينتهي الخسوف. وعندها يظنُّون أنهم انتصروا على الحوت انتصاراً ظافراً.
كان ضرب الهاون محاولة للدفاع عن القمر، بإخافة الحوت الضخم، وهذه الخرافة ذات منشأ قديم جداً. وفي الجزيرة العربية كانت موجودة قبل الإسلام، ويذكر الباحثون أن «عرب الجاهلية الأولى يعتقدون أن القمر في ضائقة أو أسر فكانوا يضربون بالمعادن محدثين ضجيجـًا وجلبة». تتأسس القصة على أن الحوتة تخرج من عالم البحار وتبتلع القمر، ثم تعود من حيث أتت. وثمة تأصيل للخرافة/ الأسطورة يربطها بالكنعانيين.
الأسطورة استمرّت في التراث الشعبي العربيّ على الرغم من ألّا أساس لها في العلم أو الدين. لكنها انحسرت في السنوات الأخيرة. وقبل انحسارها؛ كانت طرق التعامل معها مصدراً لمخاوف الأطفال العميقة، فما يراه الطفل من فزع لدى الكبار وما يسمعه من طرقٍ متواصل على «الهاون» لم يكن من المشاهد التي يُمكن فهمها واستيعابها. وتبقى أمراً غامضاً وملفوفاً في المجهول والغيب اللذين لا منطق فيهما.
ولذلك؛ فإن الدعاء على الطفل بأن تأكله حوتة القمر يعني ـ بالنسبة له ـ معايشة الرعب الذي كان الكبار يفاجئونه به في الليالي القمراء.
اساطير الشعوب
لدى الباحث كنعان أبو راشد استقصاء حول أساطير الشعوب القديمة وتفسيراتها الغريبة لظاهرتي الكسوف والخسوف، ويوضح أن “العديد من الثقافات القديمة كانت تعتبر كسوف الشمس وخسوف القمر على انه أمر سيء ويوم مشؤوم وفي بعض الأحيان كان يعتبر على أنه أمر جيد. في بعض الثقافات كان اللوم لاختفاء القمر أثناء الخسوف يتم توجيهه دائماً إلى الشياطين والحيوانات القاتلة ونمور الجاكوار.
بلاد الرافدين
خسوف القمر اعتداء على القمر من قبل سبعة شياطين. وبما أن الملك يملك الأرض في ثقافة بلاد الرافدين فكان ينظر إلى الخسوف على أنه اعتداء على ملكهم أيضاً، وكانوا يضعون ملكاً بديلاً ليتحمل العبء الأكبر من أي هجوم قد يحدث، وتتم معاملته بطريقة حسنة أثناء فترة الخسوف وكأنه الملك الحقيقي، في حين يتنكر الملك الحقيقي كمواطن عادي.
الصينيون
كان الصينيون القدماء يعتقدون أن القمر يتعرض إلى العض من قبل الكلاب والحيوانات البرية الأخرى، لذا يقرع الناس الأجراس لإبعاد الحيوانات عن مهاجمة القمر.
وبعض الصينيين كانوا يعتقدون أن تنين السماء الأسطوري يهاجم القمر ويلتهمه، وهذا التنين يلتهم الشمس أيضاُ أثناء الكسوف. ولتخويف التنين وإبعاده يقرعون الطبول والأواني لصنع ضوضاء عالية.
الهند
في الهند يلتهم شيطان اسمه “راحو” القمر، وكان هذا اليوم بالنسبة لهم مشؤوماً، وكانوا يمتنعون عن الطبخ والأكل.
شعوب الإنكا
نمر الجاكوار يهاجم القمر محاولاً أكله، ولأنهم يخشون أن يأتي النمر إلى الأرض ويحطمها ويأكل جميع الناس بعد الانتهاء من مهاجمة القمر، فإنهم يحاولون إبعاد الحيوان ويصدرون الكثير من الضوضاء بواسطة هز الرماح وقرع الطبول، وضرب بعض الكلاب لجعلها تنبح باستمرار.
توغو وبنين
الناس في توغو وبنين في أفريقيا يعتقدون أن الشمس والقمر يتقاتلان أثناء الخسوف، والناس تقوم بحثهم على التوقف، حيث إن هذا الوقت هو وقت حل النزاعات القديمة.
القبائل الأمريكية
تعتقد قبيلة الهبا أن لدى القمر 20 زوجة. وعندما لا يجلب القمر للحيوانات ما يكفي من الغذاء يهاجمونه ليتناولوه، وتجعله ينزف، وينتهي الخسوف عندما تأتي زوجات القمر لحمايته، وتقوم بجمع دمه وإعادة الصحة إليه.
أما قبيلة لزينو في جنوب كاليفورنيا، فترى الخسوف إشارة إلى أن القمر مريض، وكان أفراد القبيلة يلقون بعض الأناشيد أو الصلوات لإعادة القمر إلى صحته.
أما قبيلة سيرانو في كاليفورنيا فكانوا يعتقدون أن أرواح الموتى تحاول أكل القمر، فيقوم الناس بالغناء والرقص لاسترضاء الأرواح الميتة والبعض يصرخ محاولاً إخافة الأرواح.
قبائل الفايكينغ
لديهم قصة تحكي عن اثنين من الذئاب “سكول” و “هاتي”، يحاولان أكل الشمس والقمر، وعند حدوث الخسوف أو الكسوف يسارع الناس لأنفاذهما من خلال صنع الكثير من الضوضاء.
تلاشي الأسطورة
مع تقدم علم الفلك، وانتشار المعرفة العلمية بأسباب الخسوف والكسوف، بدأت هذه الأساطير تتلاشى تدريجيًا. ومع ذلك، لا يزال بعض كبار السن في بعض المناطق يتناقلون هذه القصص كجزء من التراث الشعبي.
بالنظر إلى ما تم ذكره فأنا مع كونه حدث يشير إلى امر سيء لذا فإن على اختلاف الثقافات والديانات بمر العصور له تعامل خاص لإجلائه وان كان له تفسير علمي فالظاهرة لها وقع خاص جدا عند الله جل وتعالى ذكره
لم يمحي التفسير العلمي خصوصيته