فيديو] “سنة العنكبوت” ضربت موسم نخيل القطيف آفة تغوّلت.. مزارعون خسروا.. فهل يحصل المتضررون على تعويضات..؟

شاهد الفيديو
القطيف: جمال أبو الرحي
لا إحصائيات، لا بيانات، لا معلومات دقيقة.. لكنّ الواقع هو أن العام 2025 لم يكن موسماً طيباً للنخيل في القطيف.. حلَم الغبار، لعب وطرب في الثمار بأكثر مما هو متوقع لهذه الآفة المعروفة بـ “العنكبوت” أو “الشَّبا” أو “أبو غبيرهْ”..
مزارعون كثيرون خسروا محاصيلهم، أو خسروا جزءاً ليس قليلاً من المحاصيل بسبب تفشي “العنكبوت” في العذوق..!
من بين هؤلاء المزارعين، عدنان العلوي، وجاسم الجاوردي، وتجمع قصصهم صورة واقعية عن صمودهم وجهودهم المتواصلة في الحفاظ على جودة التمر رغم الظروف الصعبة، إضافة إلى خبرتهم التي تجاوزت عقوداً كثيرة في رعاية النخيل، وكيف استطاعوا ـ رغم غياب الاعتماد الرسمي ـ أن يحافظوا على محصولهم بفضل العناية المستمرة.

سنة العنكبوت
في قلب بلدة التوبي بمحافظة القطيف، يقف جاسم محمد الجاوردي إلى جانب نخيله، يروي حكاية موسم واجه فيه أشد أعداء النخلة “العنكبوت”، ورغم الصعوبات، لم يفقد عزيمته، مواصلًا رحلة الزراعة والمحافظة على التمور التي يحبها ويعتز بها.
وفي لقائنا معه، روى جاسم تجربته مع الآفة، بأسلوبه البسيط والطبيعي في مواجهتها، حيث يرى أن النخلة كنز ثمين، تُعطي ثمارًا وفيرة، يستفيد منها الجميع، من الإنسان إلى الحيوان.

التحدي الأكبر
واجه، جاسم وغيره من مزارعي القطيف، هذا العام تحديًا صعبًا تمثل في انتشار آفة العنكبوت التي أصابت النخيل بشكل واسع، حتى أطلق البعض على الموسم اسم “سنة العنكبوت”، حيث تنوعت أشكال الآفة وألوانها، وبعضها نشط بفعل الهواء والغبار.
ويقول المزارع، إن العنكبوت إذا أصاب النخلة، فإنه يتلف الثمار بشكل كامل، ورغم الإجراءات بقيت بعضها خضراء بعد الرش، ولكنها أصبحت غير صالحة حتى للحيوانات بسبب تأثير المبيد وتجفيفها الذي جعلها كالحجر الرملي.

طرق المكافحة
اعتمد جاسم في البداية على طريقة طبيعية، باستخدام خل التفاح والماء، وتمكن من تفادي الإصابة بالعنكبوت دون اللجوء إلى المبيدات الكيميائية، كما يوضح أن الرش يتم على مرحلتين، بفاصل 7 أيام بين كل رشّة، لضمان القضاء على البيض ومنع تجدد نشاطه مرة أخرى.
الرش الصحيح
أكد المزارع أن الرش الفعّال يتم من أعلى النخلة، تحديدًا من أول العقد حتى نهايته، بينما يتم تنظيف أسفل العقد يدويًا فقط حفاظًا على جودة الثمار، وبعد تغير لونه، يُفضل التوقف عن الرش بالمبيدات حتى لا تظهر آثارها عند التحليل.

الإنتاج والتجفيف
ورغم انتشار المشكلة، كانت هناك ثمار جيدة هذا العام، وأكد جاسم أن نظافة المكان لها دور مهم في الحفاظ على جودة التمر وزيادة فرص بيعه.
في نهاية الموسم، قام جاسم بإنتاج تمر مجفف “مكبوس” من أصناف مثل الخنيزي، والشيشي، والخلاص، بأحجام تتراوح بين نصف كيلوجرام إلى 2 كيلو، وشارك عائلته هذا المحصول المنزلي الطيب.

محاصيل التمر في خطر.. مزارعو “النخيل” يواجهون غبار العنكبوت
عدنان باقر العلوي، يؤكد، أيضاً، أن من يهتم بالنخلة بشكل مستمر يتمكن من الحصول على محصول جيد من التمر، بينما من لم يتمكن من المتابعة أو لم تتوفر لديه معدات الغسيل، تتضرر نخيله بشكل كبير، وبعضهم خسر المحصول بالكامل.
وعن نفسه؛ قال “قمت بغسله أكثر من 20 مرة خلال الموسم، إضافة إلى رشه بالمبيد المخصص لمكافحة العنكبوت في مرحلتين مبكرتين من الإصابة”.
وأوضح العلوي، أنه بدأ في معالجة النخيل في مرحلة مبكرة، في طور “الخلال”، حيث قام بغسل النخيل مرتين بمزيج من الماء والخل، بناءً على نصيحة من بعض المهتمين الذين أكدوا أن الخل يُعد فعالًا في تعقيم النخلة والمساعدة في الحد من انتشار حشرة العنكبوت.
جودة التمر رغم الأضرار
وأضاف “غسلت نخيلي مرتين بالخل والماء، وبعدها واصلت الغسيل بالماء العادي فقط، ما كنت أرى داعياً لاستخدم الخل أكثر.
وبيّن أن الضرر الذي سببه العنكبوت هذا العام لم يقتصر على نخلاته فقط، بل امتد إلى مزارع أخرى في مناطق مثل “أبو معين” و”البدراني”، حيث تُضم بعض هذه المزارع ما بين 300 إلى 400 نخلة، تأثرت بانتشار حشرة العنكبوت.


الغبار والهواء الجاف
وفي السياق ذاته شهدت مزرعة السباعي هذا العام، تراجعًا ملحوظًا في إنتاج التمر، وذلك بحسب ما أفاد به المزارع باقر علوي الفلفل، مشيرًا إلى أن المحصول لم يُجنَ كما هو معتاد، وذلك نتيجة الإصابة الواضحة بحشرة العنكبوت.
وتابع الفلفل “قمنا برشّ النخيل بالماء والصابون، ثم خلطنا الصابون مع الدواء، وتابعنا ذلك خلال يوم كامل، لكن دون فائدة واضطررنا إلى قصّ بقية النخيل”، مُتابعًا: “العام الماضي كان أفضل من هذا العام، حيث كانت النخلة جيدة تمامًا، وأنتجنا تمرًا بشكل جيد”.

رش النخيل
ومن جهته؛ يشرح عبدالله مهدي أحمد الحداد عن صنف من النخيل يطلق عليه اسم “الهلالي”، حيث يكون لون الثمرة صفراء فاتحة، لكن بعد ما أصابها العنكبوت، كيف أصبحت: “سوداء أو حمراء”.
ويقول: “رشّيناها، بدون فائدة، إذ إنها رطّبت، ولكن تلفت جميعها تقريبًا، فالعنكبوت أصلها حشرة صغيرة جداً، ويزداد تفشي العنكبوت أثناء وجود الغبار، خصوصًا عندما يكون الجو جافاً، لكن الآن تجدها في كل مكان، وأصابت المزارع، خصوصًا ثمار النخيل الصفراء”.

النخلة الصفراء
ويضيف: “النخلة الصفراء أكثر عرضة للإصابة من الحمراء، رغم أن الإنتاج كما هو، لكن المشكلة أن بعضها تلف، وبعضها يتلف بعد فترة وفي حالة الإصابة القوية، يتخلصون منه، وتسقط الثمرة من النخلة بسرعة ولا تبقى عليها مدة طويلة”.
ويتابع، “لا نُعطي التمر حتى للماشية، خوفا على الحيوانات، وهذا العام الثمار أكثر، ولأجل الرطوبة، نقلّل منها، مثل الحجوب وغيرها، نقلل منها وما نزيد عليها الثمار فعليًا مثل: “الغرة، والحجوب، والحلا، والأحمر، نقلل منها وما نزيد، حفاظًا على الرطوبة”.

تضرر أكثر من 50 نخلة
وفي سياق متصل، يقول مهدي بن علي بن عيسى القلاف، إن مزرعتهم التي تقع في منطقة أبو معن، “نعيش فيها ونأكل من خيراتها، وفيها أكثر من 50 نخلة خلاص، لكنها جميعها متأثرة بشكل كبير بالعنكبوت”.
يضيف “لم نتمكن من معالجة الأضرار أو القيام بأي تدخل فعال، وننتظر فقط نضج الثمار لنقوم بقصها وإعطائها كعلف للحيوانات، مما أدى إلى عدم الاستفادة منها، وننتظر اكتمال نضج الثمار لنقصها واستخدامها كعلف للمواشي”.
إنتاج أقل
وتابع، كان الإنتاج هذا العام أقل من العام الماضي، بسبب تأثير العنكبوت، خصوصًا صنف “الخلاص” الذي تأثر بشدة بالعنكبوت، مما تسبب في تدهور الإنتاج؛ لذلك، لم نتمكن من إيصال التمر للسوق أو الحصول على جودة جيدة منه.
وأكمل، هذا العام، أصبح الإنتاج أقل بكثير مقارنة بالعام الماضي، ففي العام الماضي، بدأنا بجمع الثمار وقمنا بتعبئتها في أكياس تمر للبيع، واستفدنا منها جيدًا في السوق، أما هذا العام، فالكمية أقل من الربع، رغم أننا بدأنا ببيعها في السوق، مردداً “نسأل الله تعالى أن يعوضنا ويمنحنا التوفيق”.

مركز وقاء
“صُبرة” ـ بدورها ـ نقلت معاناة المزارعين إلى المركز الوطني للوقاية من الآفات “وقاء”، وذلك عبر تواصل هاتفي، ثم رسالة في تاريخ 28 أغسطس الماضي، وما زالت الصحيفة تنتظر ردّ المركز.









