السيد سعيد الفوّار.. صلابة نخلاوي ترقُّ أمام نخلة

القطيف: صُبرة

في صيف 2017؛ عثرت مجموعة توثيق النخيل على صنفٍ نادر لديه اسمه “عيون البقر”. كان الصنف في نخل “العديم” الذي يقع النخل في “سيحة الخويلدية”، غربيّ بلدة “التوبي”. استقبل السيد سعيد الفوّار الفريق بترحابٍ مألوفٍ في مجتمع الفلّاحين. هناك الرطب والشاي والقهوة والماء، وهناك الضيافة الودودة.

في البداية؛ ظنّهم من الفوتوغرافيين الذين يستوقفونه، من أجل التقاط الصور. في وجهه ملامح فلّاح عميقة. “فوجونيك” جاهز تماماً. ومنذ سنواتٍ أصبح ـ هو وأمثاله من الفلّاحين ـ هدفاً لهواة التصوير. ويبدو أن السيد الفوّار ألِف رغبات المصوّرين؛ فصار يستجيب لهم، دون إظهار تململ..!

رحّب السيد بضيوفه، ثم أجاب عن أسئلتهم الخاصة بأصناف النخيل. وكشف لهم عمّا في نخله من أصناف. أخبرهم أن صنف “عيون البقر” موجودٌ لديه. ثم أخذهم إلى النخلة، لأخذ عينة منها، وتذوقه، وتصويره.. حمل السيد “الكر”، على كتفه، وهمّ بركوب النخلة..!

نفّرها…!

وعند النخلة؛ ألحّ عليه أحدهم أن يركبها بدلاً عنه. تنازل السيد؛ ومنح الكرّ للراكب. في الضربتين الأُوليين؛ اهتزَّت النخلة، واهتزَّت عذوقها التي بدأت مرحلة الإتمار. بدأ بعض التمر يتساقط. هنا ظهرت رقّة السيد خوفاً على نخلته من قسوة الكرّ.

بعض النخيل يتألّم أكثر من غيره بضربات الكرّ. “خصبة رزيز” من الأصناف التي يُسقط ثمرها حتى الهواء. وركوبها يفرض حذراً شديداً في استعمال الكر. كأنّ النخلة تكشف عن الألم بإسقاط رطبها. لكن عموم النخيل تحتاج إلى هذا الحذر بعد الإتمار..!

سقوط الرطب على الأرض هدرٌ للنعمة في فهم الفلّاحين. ويسمّون المتساقط على الأرض “صَگاط ـ سَقاط”، وهو لا يصلح إلا علفاً في الغالب. ولا يخلطونه بثمر الصرام..!

وفيما كان الراكب “ينطب” جذع نخلة “عيون بگر” بكرّه؛ كنا نسمع صوت التمر المتساقط، ونسمع صوت “النطبات”، ونرى اهتزاز الشجرة وعذوقها. والسّيد يراقبُ حال نخلته أمام الرّاكب القاسي..!

“نفّرْها”.. هكذا علّق.. ما كانت نبرة الصوتِ توحي بإحساس خسارة “صَگاط”.. ولم توحِ بذلك ملامح الرجل الذي أكرمنا بحسن ضيافته وترحاب مجلسه. نبرة رقيقة جداً، وملامح شغوفة إلى حدّ الشفقة على النخلة التي لم يرحمها الراكب بـ “نطبات” كرّهْ…!

الفوّار..!

أسرة “الفوار” معروفة في بلدة التوبيّ. من السادة. وقد لحق بهم هذا الاسم من مهنة كان يمارسها بعضهم. وهي صُحبة الثور في تلقيح الأبقار. “الفوّار” صفة لصاحب هذه المهنة، ويبدو أن الصفة التصقت فصارت اسماً لهذه العائلة الفلاحية.

(الصور: فتحي عاشور)

عيون البقر

صنف تاريخي نادر من نخيل القطيف، ينضج في أواخر منتصف الموسم، بعد منتصف سبتمبر. لونه أحمر يُشبه الخنيزي، وينضج بعده. ويختلف عنه بحجمه الأكبر منه، والعرض الزائد في منتصف الثمرة، والضيق الواضح في منطقة العنق.

يؤكل رطباً، وتمراً أيضاً.

(الصور: ارشيف صُبرة)

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×