قوة الاستعارات الإدراكية

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي
تُقدم دراسة جديدة أجرتها ماري تيش Marie Teich، وويلمر ليل Wilmer Leal، ويورغن جوست Jürgen Jost رؤىً ثاقبة حول أبعاد الاستعارات (1) البنيوية:
- الشكلية من حيث المشبه والمشبه به ومدى الارتباط بينهما وما يجري عليهما من إبقاء وحذف]
- الإدراكية (2، 3)، وتكشف عن مدى تأثيرها في تفكيرنا ولغتنا – متجاوزةً بذلك دورها كأدوات بلاغية. نُشرت الدراسة (4) مؤخرًا في مجلة PLOS Complex Systems.
ملخص الدراسة:
- ما وراء البلاغة: الاستعارات ليست مجرد أدوات أسلوبية [أساليب بلاغية أو مجازية توظف لتصبح اللغة أفضل من ناحية التعبير والإقناع والمفهوم والرسوخ]، بل هي بنيويات ثابتة تنظم الأنماط الشكلية الملحوظة في اللغة والبنى الإدراكية من حيث التمثيلات الذهنية والأنماط المفاهيمية التي تُؤثر في فهمنا للغة واستخدامنا لها.
- ربط المعنى: هناك عمليتان مجازيتان رئيسيتان تربطان بين المفاهيم المحسوسة (المشبه به) والمجردة (المشبه) في شبكة منظمة.
- تأثير واسع: للنتائج انعكاسات على اللسانيات والفلسفة والذكاء الاصطناعي وإدراك الرياضيات(5،6).
تُعدّ الاستعارات جانبًا أساسيًا من جوانب اللغة والإدراك البشري، إذ تُمكّننا من استيعاب المفاهيم والعلاقات المعقدة من خلال ربطها بمجالات معروفة أكثر وواقعية [أي المشبه به الذي يكون عادةً شيئًا محسوسًا ومعروفًا]. ومع ذلك، لا تزال طبيعة الاستعارات وكيفية عملها غير مفهومة جيدًا.
وقد نشرت ورقة بحثية حديثة (4) في مجلة PLOS Complex Systems، وقد طوّر الباحثان ماري تيش وويلمر ليل من معهد ماكس بلانك لتطبيقات الرياضيات في مجالات العلوم، بالتعاون مع مدير المعهد يورغن جوست، إطارًا ومقاربة تجريبية واسعة النطاق لتحليل الاستعارات ودورها في نظرية الاستعارة المفاهيمية(7، 8).
النتائج الرئيسة للدراسة
تؤكد الدراسة الافتراض الأساس في نظرية الاستعارة المفاهيمية، وهو أن الاستعارات هياكل لغوية وإدراكية راسخة، وليست مجرد أشكال بلاغية. وباستخدام أدوات أنظمة معقدة، حدد الباحثون شبكة استعارية تُميز بين الفئات المجردة [المشبه] والمحسوسة [المشبه به]، وعمليتين استعاريتين هامتين: الربط بين المواضيع المحسوسة [المشبه به والمواضيع المجردة [المشبه]، وظهور ربط جديد بين المواضيع الملموسة.
كما وجدت الدراسة أن الاستعارات تركز على مجموعتين صغيرتين من المواضيع اليومية، إحداهما ضمن المجموعة الملموسة تُمثل المشبه به والمشبه، والأخرى ضمن المجموعة المجردة تُمثل المشبه بشكل رئيس. تشير هذه النتائج إلى أن الاستعارة عملية إبداعية مدفوعة بالتباين والتنافر بين المواضيع، مما يسمح بإعادة صياغة المفاهيم وظهور أوجه تشابه جديدة.
التداعيات وتوجهات الدراسات المستقبلية
لنتائج الدراسة تداعيات مهمة على الباحثين في اللسانيات الإدراكية وفلسفة اللغة (9)، وخاصةً أولئك الذين يركزون على نظرية الاستعارة المفاهيمية، واللغة المجازية (المعنى المجازي) (10)، والبنية الدلالية (11). ويمكن استخدام الطرق التجريبية واسعة النطاق التي اقترحها المؤلفون لإجراء بحوث أساسية في نظرية الاستعارة المفاهيمية، مما يعطينا أفكارًا جديدة عن طبيعة الاستعارة والتفكير المجازي.
وبعيدًا عن العلوم الإنسانية، يطرح هذا البحث أسئلة بحثية شيقة في مجالي التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، وخاصةً في المجالات المتعلقة بالتعلم بالقياس [طريقة تعلم تشجع المتعلمين على اشتقاق معلومات جديدة ومطابقتها مع المعرفة المكتسبة سابقًا (12)] وتعلم التمثيل (تعلم الآلة) (13)، كما تُبشّر هذه الأساليب بنتائج واعدة في مجال إدراك الـرياضيات ونظرية المعرفة الشكلية (14)، إذ توفر أدوات لدراسة كيفية نشوء المعنى المجرد من التشاكل بين إطارين مفاهيميين مختلفين(15)؛ بين المشبه (المجرد عادةً) والمشبه به (المحسوس عادةً).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/استعارة
2- “الاستعارات الإدراكية : من حيث اتساع المعنى ودورها في التأطير المفهومي، حيث تعمل الاستعارة على تنشيط المخططات (النماذج أو الأطر) العقلية أو الذهنية (2)، التي تؤثر في القرارات والإنفعالات.” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://en.wikipedia.org/wiki/Conceptual_metaphor
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/مخطط_(علم_نفس)
4- https://journals.plos.org/complexsystems/article?id=10.1371/journal.pcsy.0000058
5- “إدراك الرياضيات هو العمليات العقلية المنخرطة في اكتساب معرفة بالرياضيات وفهمها واستخدامها، وتشمل الوظائف الإدراكية مثل الإدراك العددي (6) والتفكير المكاني والتفكير المجرد.” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://www.sciencedirect.com/topics/psychology/mathematical-cognition
6- https://ar.wikipedia.org/wiki/إدراك_عددي
7- ” مصطلح الاستعارة المفاهيمية أو الاستعارة الإدراكية، في اللسانيات الإدراكية (8)، يشير إلى فهم فكرة أو إطار مفاهيمي من منظور إطار آخر. ومن الأمثلة على ذلك فهم المقدار من منظور الاتجاه (مثل: “كلفة أو ثمن السلام في ازدياد”)، أو فهم الزمن من منظور المال أو الثمن (مثل: “قضيت وقتًا في العمل اليوم.” ترمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://en.wikipedia.org/wiki/Conceptual_metaphor
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/لسانيات_معرفية
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/فلسفة_اللغة
10- https://ar.wikipedia.org/wiki/حقيقة_ومجاز
11- https://ar.wikipedia.org/wiki/تحليل_البنية_الدلالية
12- https://ife.edu.mt/wp-content/uploads/2023/11/MJE-vol.-04-no.-02-pp-47-66.pdf
13- https://ar.wikipedia.org/wiki/تعلم_الخصائص
14- https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_المعرفة_الرسمية
15- https://ar.wikipedia.org/wiki/مشاكلة_(رياضيات)
المصدر الرئيس
https://www.mis.mpg.de/news/press-releases/beyond-words-the-cognitive-force-of-metaphor