بعد الوفاة.. التكريم للندم..! اعتراف متأخر لا يسمعه صاحبه

أمين عقيلي
تمرّ أمامنا مشاهد تتكرر: صور تُرفع، كلمات تُلقى، دموع تذرف، وتصفيق حارّ يعلو… لكن صاحبه ليس بيننا. رحل تاركًا وراءه سيرة طيّبة، وإنجازًا ناصعًا، وقلوبًا تتمنى لو عبّرت له يومًا بكلمة امتنان.
كم من عظيمٍ في هذا الوطن مضى دون أن يسمع كلمة “شكرًا”، ودون أن يُحتفى بعطائه وهو حيّ بيننا!
كم من معلم، ومربي، وقائد، ومُصلح اجتماعيّ قدّم عمره لخدمة مجتمعه، ومضى بصمت، ثم ازدحمت مجالس العزاء بأكاليل المدح… لكن بعد فوات الأوان.
ما قيمة التكريم حين لا يُسمع؟
التكريم بعد الوفاة ليس أكثر من رسالة مؤثرة للمجتمع، لكنها فارغة من القيمة الشخصية للراحل. هو لن يسمع كلماتنا، ولن يرى صورنا، ولن يشاهد الدرع الذي أُعدّ له بعناية بعد رحيله.
السؤال الذي يجب أن نواجهه بصراحة:
لماذا لا نُكرمهم في حياتهم؟
هل نخشى أن يُقال إننا نُبالغ؟
أم نخجل من مدح من لا يطلب المدح؟
أم أننا ببساطة لا نُدرك قيمة الأشخاص إلا حين نفقدهم؟
ثقافة الاعتراف في الحياة لا بعد الوفاة.
يجب أن ننتقل من ثقافة “التأبين” إلى ثقافة “التقدير الحي”.
أن نزرع في مجتمعنا مبدأ: من يستحق التكريم، يستحقه الآن، لا بعد أن يُدفن في مقبرة النسيان.
التكريم في الحياة ليس ترفًا ولا مجاملة، بل هو حق للذين أعطوا، وساهموا، وغيّروا.
كلمة “شكرًا” في وقتها، قد تكون حافزًا لشخص ليُواصل، وقد تكون قدوةً لآخرين كي يسيروا في ذات الطريق.
دعوة مفتوحة لأهل المبادرات والمؤثرين في المجتمع ( الهيئات المجتمعيه ، المؤسسات التعليمية، الجمعيات ، الأفراد، أدعو عبر هذا المقال كل من يحمل حسًا مجتمعيًا، وكل من بيده التأثير ولو بالكلمة أو الفكرة أو المبادرة:
لا تنتظروا مراسم العزاء لتتكلموا.
لا تجعلوا التكريم ختمًا للرحلة، بل ليكن ضوءًا يسطع في منتصفها.
ابحثوا عن الذين يعملون بصمت… واحتفوا بهم وهم أحياء.
خاتمة
رحم الله من مضى، وأجزل له الأجر، لكن الأحياء بيننا ما زالوا ينتظرون التفاتة، كلمة، تكريمًا، أو حتى نظرة امتنان.
فلنُعِد التفكير في طريقتنا في ردّ الجميل… قبل أن يتحول إلى ندم.
أحسنت أخي أبو محمد … وجهة نظر وكلام سليم … لا ندرك قدر وقيمة الشخص إلا بعد وفاته … كلنا رجاء لأهل المبادرات لتبني مقترحكم .. حفظكم الله … تحياتي
مقال مؤلم بقدر ما هو صادق.. كم من العظماء عاشوا بيننا ولم يسمعوا كلمة “شكرًا”، ثم تسابقت الألسن على مدحهم بعد رحيلهم!
التكريم بعد الوفاة لا يصل لصاحبه، بل هو عزاء للمتأخرين في إدراك قيمته.
فلنُغيّر هذه الثقافة، ولنقل لمن نحبهم اليوم: “نراك، نُقدّرك، ونعتز بك”.. قبل أن نصبح ممن يكتبون المدائح على شاهد قبر.