مساجد قديمة: الشرايع وباب الشمال والحريف

عبد الله ابراهيم البشراوي *

مسجد “الشرايع” واحدٌ من مساجد كثيرة. وأتذكر منها ثلاثة، رأيتُها بنفسي. هناك أيضاً مسجد “باب الشمال” في باب الشمال، وكلاهما صار موقعاهما شارعين. المسجد الثاث هو مسجد جبل الحريف في سيحة القديح. و كما يظهر من مواقعها القديمة؛ فإنها شُيّدت لخدمة الناس المتسوقين القادمين من خارج القطيف، والعائدين لبلدانهم وقت الظهر في أيام الصيف الهجير و الحرارة و الرطوبة المرتفعتين.


كل مسجد يتكوّن من غرفة كبيرة لها نوافذ في أشكل أقواع واسعة، تؤمن التهوية السريعة، وفي الأمام متسع بعرض شخص يصلي و بطول المبنى جدار منخفض يحمي المصلي من المارة.
ما كان يُميز هذه المساجد أنها بُنيت على جوانب مجاري مياه صافية قابلة للشرب، وباردة. ولم يكن لها أبواب تُفتح أو تُغلق، و ليس عليها أناس قوامون. فُرشتُ بالحُصر المصنوعة من خوض النخيل، ويجدده الفلاحون بين حين و آخر.
عندما يمر بأيّ منها الخارجون من السوق وقت ذهابهم إلى بيوتهم، عند الظهيرة وخصوصاً يوم الخميس، يتوقفون عند المسجد فيسبحون و يغسلون ثيابهم و ينشروها لتجف ويصلون ويأكلون ما اشتروه من مواد للغداء، ثم ينامون حتى تبرد الشمس عندها يتهيئون للرحيل متابعين طريقهم لبيوتهم. وقد يكون المارة قافلة من البدو.
أغلب من في جيلنا، شاهد مسجد الشرائع، وهو يقع جنوبي إشارة البحاري بقليل، و قد أصبح موقعه شارعاً و استبدل بآخر جديد.
ومسجد جبل الحريف ما زال موجوداً في موقعه لكن هندسة بنائه تبدلت.
أما مسجد باب الشمال فموقعة في باب الشمال غربي مخبز ابو السعود و أصبح شارعاً و استبدل بجديد.
ولكل مسجد مجرىً من الماء يستفيد منه المارة ومستخدمو المسجد، فهناك مجرى “الخَنّاق” و هو مجرى الماء الذي يزود مستخدمي مسجد باب الشمال. و “الخنّاق” ـ حالياً ـ اسم يُطلق على شارع صغير، واسمه رسمي. و كان ماء “الخنّاق” يأتي من مصدرين اثنين: حمام أبو لوزة وعين الخباقة. الماء بارد جدا لكنه ملوث قليلاً، وكم شربت منه بعد خروجي من المعلم. وهو يسقي نخل البستان بباب الشمال.
كلمة “الشرايع” مصطلح مائي قديم في القطيف، ويعني ملتقى الناس عند الماء للإفادة منها، بالشرب أو التروية أو الغسيل أو السباحة السريعة. وسُمّي مسجد “الشرايع” لهذا السبب، فقد كان المسجد يقع على جانب “شرايع” يأتي ماؤها من عين “الروّاسية”، وهو ماء نظيف و دافئ و يسقي نخيلاً كثيرة.
أما مسجد الحريف؛ فقد كان ماؤه يأتي من مجرى عين الوسائع، وهو نظيف ودافئ.
ارجو أن قد أوضحت لكم بعض من هذه المهمات لهذه المساجد غير الصلاة، والتي قامت بها الواقعة على الطريق بين السوق (سوق الخميس) و الأطراف المترامية من شمال القطيف و التي تقطنها كل من البدو و الحضر دون تفرقة.
و هكذا كنا طيبين و هكذا كانت مساجدنا مفتوحة لكل الناس.

——

* مواطن سعودي مقيم في الإمارات. ولد في باب الشمال، بالقطيف سنة 1359، وعمل في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وشغل وظيفة رئيس فنيي قسم الفيزياء، ثم تقاعد. وقد نُشر الموضوع بإذنٍ منه.

‫2 تعليقات

  1. جميل بعد لو أضفت مسجد المقيبره اللي في الجراري
    لانه ميزة هالمسجد انه كان مقبرة الأجنة والسقوط وليه قصص

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×