الذين يصنعون المجد في الظل

عبدالله الهمل

في كل احتفال، هناك من يُصفّق لهم الجمهور، وتُعلّق على صدورهم الشهادات، وتُقدَّم لهم كلمات الشكر والتكريم.

لكن خلف هذا المشهد البهيّ، ثمة أرواح أنهكتها التفاصيل، وأيدٍ عملت بصمت، وعقول سهرت لتكتمل الصورة كما ينبغي.

هم أول الواصلين، وآخر المنصرفين.
من يبدأون العمل قبل أن يبدأ الجميع، ويغادرون بعد أن ينتهي كل شيء.
يُنجزون، ينظّمون، يُتابعون… ثم يقفون في الخلف ليراقبوا بكل رضا دون أن يطالبوا بحق.

والغريب –والمؤلم أحيانًا– أن هؤلاء لا يُكرَّمون.
ربما لأنهم اعتادوا أن يُعطوا دون أن ينتظروا،
أو لأن من حولهم اعتادوا على عطائهم فلم يلتفتوا له.

لكن هذا لا يعني أن قلوبهم لا تتمنى – في لحظة ما – لفتة بسيطة،
أو كلمة شكر صادقة، أو حتى نظرة امتنان صامتة.

لعل يتسلّل إليهم شعور خفي بالاغتراب حين يرون الجميع يُشكرون، فيما يُغفل عنهم
لا لأنّهم يبحثون عن الأضواء، بل لأنهم يتوقون إلى الاعتراف، وهي حاجة إنسانية بحتة.

وهنا، يجب أن نقف قليلًا ونسأل أنفسنا:

هل بلغنا مرحلة من الاعتياد على التضحية حتى لم نعد نراها؟
هل أصبح العطاء الصامت أمرًا مفروغًا منه لا يُذكر ولا يُشكر؟

إن الذين يصنعون المجد في الظل، يستحقون أن نقف لهم وقفة إجلال وتكريم،
وأن نقول لهم:

حتى لو اخترتم الظل مكانًا دائمًا لكم،
هنيئًا لكم هذه النوايا الحسنة والنفوس العظيمة التي لا تطمع إلا في أجر الله وثوابه.
وشكرًا لقلوبكم الكبيرة .. ولأرواحكم السامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×