الملا منصور القطري.. بصمة الجيل التاروتي القديمة

تاروت: ليلى العوامي

الخطيب الملا منصور محمد علي القطري، واحد من خطباء جزيرة تاروت، انتقل إلى الدار الآخرة عام 1421هـ.

هذا الرجل عاش بسيطاً ومات تاركاً خلفه إرثاً من الذكر الطيب. وكان لـ “صُبرة” وقفة لتسجيل سيرته عبر حفيده الشيخ أحمد القطري. 

بدأ الشيخ أحمد القطري مُعرِفاً بجده قائلاً “ينحدر جدي من أسرة القطري المعروفة، والده هو الحاج محمد علي القطري، ووالدته الحاجة مريم اجليح من بلدة سنابس،
أمَّا زوجته فهي الحاجة زهراء آل حماد، أنجبت 4 بعدما حملت منه 14 مرة ولكنهم كانوا يتوفون وعاش منهم ابنتان خديجة أم سعد القطري، والثانية مراتب أم جاسم أمعيلو، تزوجت محمد أمعيلو إبن خال والدتها”.

وأضاف “أما الولدان فهما المعلم المتقاعد عبد الباقي وهو خطيب أيضاً، والآخر عبدالحميد القطري متقاعد من شركة سكيكو وهو خطيب كذلك، من مواليد تاروت وسكانها في حي الديرة القديم.”

يُفصل القطري أسرة جده قائلاً “جدنا محمد علي القطري تزوج ثلاث مرات، الزوجة الأولى من عائلة المرزوق وقد أنجب منها فاطمة أم عبد الله محفوظ القطري “أبو سامي” وإخوته، والزوجة الثانية من عائلة آل جليح، وأنجب منها زهراء أم عبدالرسول القطري، ومنصور، وعبدالله، وعيسى.

أما الزوجةُ الثالثة فهي من عائلة الصائغ وأنجب منها سلمى زوجة الحاج حبوش السنان القلعة، ونعيمة زوجة الحاج سعيد الماحوزي من المسعودية وعبدالرحيم القطري “أبو عادل” من  باب الشمال، ثم عاش في تاروت والقطيف، والحاج علي أبو فوزي القطري في حي المدارس، ثم عاش في الدخل المحدود”.

كيف جاء آل القطري إلى تاروت؟

وأوضح أحمد القطري “كان هناك إخوان محمد علي القطري، وعلي بن علي القطري يعملان في تجارة اللؤلؤ، إلى جانب التجارة العامة بداية حياتهما لهذا سكنوا تاروت، ونزوح جدهم من القطيف كان بسبب ذهابهم إلى البحرين عن طريق ميناء دارين للتجارة، إضافة إلى علاقتهم بالأسر الكبيرة في تاروت كــ آل سيف والمختار فقد كانت قوية.”

تعليمه

وتابع القطري “تعلم جدي عند الملا علي فريحين، أحد أصحاب الكتاتيب في تاروت، وتعلم عنده القرآن والقراءة، ثم عند المعلم محمد صالح الصفار.

أما الخطابة فقد ارتبط هنا وهناك ببعض الخطباء في تاروت مثل الشيخ علي إبراهيم آل عبدالخالق المتوفى عام 1377هـ، إضافة إلى ارتباطه بمجلس الشيخ عبدالله بن معتوق، وكبار خطباء جزيرة تاروت مثل الملا عبدالله المبشر، الذي بدأ يطور المنبر بالمواضيع التي تعتبر جديدة في ذلك الوقت، وتوفي عام 1394هـ في مكة كان حينها يؤدي العمرة”.

شرح القطري دور المقدم في المجالس قائلاً “قديماً كان المقدم لا يصعد الدرجة الثالثة، يقرأ في الدرجه الوسطى، وهذه من الآداب، والخطيب الكبير يصعد الثالثة، ومن يتعلم يصعد الوسطى، والآن اختلت وتغيرت الموازين”.

وأضاف “قرأ جدي مقدمة لمجموعة من الخطباء، منهم ملا علي الطويل وكان صاحبه، ولكنه كان أسبق وأنضج خطابة، فقرأ له جدي، كما قرأ مقدماته مجموعة من الخطباء أبرزهم معلم الخطباء الملا خليل أبو زيد، الذي كان مرتبطاً به سنوات، أيضاً الخطيب الكبير الملا عبدالرسول البصارة، والملا محمد المسيري، والملا أحمد الوحيد، و الشيخ جمال الخباز، وملا حسين الفضل، والملا أحمد العسكري”.

كان طواشاً

وتذكر حياة جده قبل أن يكون خطيباً قائلاً “زاول جدي الخطابة إلى جانب الطواشة، وكان يسمى “تباب”، هو اسم يطلق على الشاب اليافع الذي يبدأ حياته العملية في مهنة الغوص (أو اصطياد اللؤلؤ) بمرافقة طاقم السفينة، ويتمرن على البحر ويحفز على تعلم المهنة.”

وأضاف “كان جدي يبيع اللؤلؤ الصغير، وهو ليس كوالده، والطواشين الكبار المعروفين كالحاج بن عبدالله بن حبيب، الذي يعتبر من الخبراء قي هذا المجال، وتوفي عام 1426هـ، وكان من مواليد 1319هـ وهو آخر الطواويش الكبار.”

وعن علاقاته بالمجتمع قال القطري “تميز الملا منصور بالكرم، حيث كان لا يحمل الحقد في داخله، وقراءته تصنف في الجانب الكلاسيكي التقليدي، لكنه كان يتمتع بالصوت الجميل وأداء المصيبة المميزة من الكتب التي يعتمد عليها لأواعج الأشجان وشجرة طوبة، والدمعة الساكبة، وديوان الجمرات لملا عطية الجمري، وديوان ملا علي بن فايز، وديوان الشيخ علي الجشي، وديوان الشيخ عبدالله بن معتوق”.

وأضاف “كان له قبول عند جميع العلماء الذين عاصرهم، محبوباً لطيبته وكرمه وطهارة ضميره”.

بعضاً ممن عرفهم

وتابع “ذكره الشيخ فرج في كتابه الأزهار الأرجية، فقد كان مرتبطاً به ويزوره في منزله بالقطيف، ويزوره في تاروت، وفي كتابه الأزهار ذكر الشيخ فرج العمران هذه العبارة (وقد استضافني الخطيب ملا منصور القطري في منزله).

أيضاً زاره وعاش معهم الشيخ علي بن يحي، وهو من كبار علماء تاروت، كما كانت له علاقة قوية بالشيخ منصور البيات، رحمه الله، فقد كان يذهب إليه دائماً، والمرحوم الشيخ علي الحبيب السنابسي المولود عام 1380هـ والمتوفى في سوريا عام 1443هـ”.

دور الزوجه في حياته

وقال القطري “ما شجع جدي على مواصلة الخطابة هو الإقتران بزوجته معلمة القرآن زهراء علي ناصر آل حماد، كان لديها كتباً، وهي ليست خطيبة ولكنها أستاذة الخطيبات، توفيت عام 1432هـ”.

وأضاف “كان يقرأ في القلعة، وكان له ارتباطاً بأسرة العوامي، كان يقرأ للسيد محسن العوامي، يعطيه المال ويطلب منه أن يقرأ في أي مكان، لهذا كان يقرأ في تاروت مجالس لعائلة العوامي والسيد علي العوامي والد السيد ضياء، وكان متمسكاً بجدي حيث كان يقرأ عنده يوم 10 محرم وكذلك الوفيات، وكان يقول لي “لا أترك جدك إلا أن أموت أو يموت هو” وتوفي السيد علي قبله، وجدي توفي عام 1420هـ”.

وأكمل حديثه قائلاً “قرأ في القديح لدى منزل الخضراوي وأبو الرحي، وفي عنك، وسيهات، والعوامية، كانت المناطق كلها تعرفه”.

الخطيب البصير

واستمر في حديثه عن جده وتذكر فقدان بصره الذي لم يؤثر على مجالسه قائلاً “فقد بصره عام 1403هـ، وعمري كان 8 سنوات حينها، وسبب فقدان بصره وجود ماء أبيض في عينه، وكعادة كبار السن كانوا يرفضون العلاج، وفي آخر عمره قرأ عن ظهر قلب من محفوظاته قبل أن يفقد بصره، وساعده أخوالي على الحفظ، إضافة إلى بعض الشباب الذين كانوا يحضرون مجلسه، كالأخ عيسى العيد أبو هادي، وعبد الباري الدخيل أبو سارة، وعبدالحميد شلي أبو أحمد، ومحسن شلي أبو علي، وغيرهم، وجدي لم يحج إلا حجة واحدة فقط”.

الخطيب المعلم

وقال القطري “تعلم على يديه بعض الخطباء في تاروت الكبار والصغار، كان لديه مأتم ثابت يوم السبت في مجلس عمه، ومازال موجوداً، وله أكثر 75 سنة في الديرة”.

وتابع “كان يحب الدعابة والطرفة، والجلسة برفقته لا يمل منها، لو كتبنا قصصه لكتبنا مجلدات، وتؤثر عن الشيخ محمد صالح المبارك مقولة (من يستمع إلى الملا منصور القطري له أجران أجر الإستماع وأجر الصبر على قراءته).

واختتم حديثه قائلاً “لجدي رحمه الله كلمات مأثوره ويرددها ومنها (خلها على الله)، وقوله “اللهم اكفنا ما كفيت الغافلين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×