دونالد وإيلون.. أوله عسل.. وآخره بصل..! قصة الشراكة الهشة والدعم المالي.. والعدائية الحادة

وكالات: صبرة
في المشهد السياسي الأمريكي، غالبًا ما يتقاطع طريق السلطة مع المال، فتتشكل تحالفات هشة تتغير بتغير المصالح. السياسيون لا يسيرون دائماً وفق مبادئ ثابتة، بل يخضع كثير منهم لمعادلة معقدة تجمع النفوذ، التمويل، والرأي العام. هذا التقلب لا يظهر فقط في تبدّل المواقف، بل في التحولات الدراماتيكية لعلاقاتهم مع أثرياء وفاعلين اقتصاديين. والعلاقة بين دونالد ترامب وإيلون ماسك تقدم مثالاً صارخاً.. من الشراكة والتقارب إلى العداء العلني، انعكاساً لصراع خفي بين من يملك السلطة ومن يملك المال. إنها لعبة مصالح، حيث لا ولاء يدوم، وكل شيء قابل للتفاوض… أو الانفجار.
وخلف الأبواب المغلقة، حيث تُعقد الصفقات ويوزّع النفوذ، يدور صراع خفي بين من يملك القرار ومن يملك المال. السياسيون يتقلبون كما الطقس، وولاءاتهم لا تُكتب بالحبر، بل تُرسم بالدولار. في هذا المشهد المتقلب، تصبح العلاقة بين دونالد ترامب وإيلون ماسك أكثر من مجرد قصة خلاف؛ إنها مرآة لصراع أعمق بين السلطة ورأس المال، بين التغريدات والمراسيم، بين رجل يريد أن يحكم العالم، وآخر يريد أن يعيد تشكيله. في أمريكا، لا تُكتب التحالفات بالأيدي… بل تُباع وتُشترى في المزاد المفتوح للنفوذ.
مرحلة التردد
في عام 2016، بدأت أحد أكثر العلاقات غرابة بين السياسة والتكنولوجيا في العصر الحديث. على طرفيها: دونالد ترامب، رجل الأعمال المثير للجدل والمرشح الجمهوري للرئاسة آنذاك، وإيلون ماسك، الملياردير التكنولوجي المعروف بتقلباته وتصريحاته الصادمة.
عندما فاز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة نهاية عام 2016، استدعى كبار رجال الأعمال ليكونوا جزءًا من مجالسه الاستشارية، من بينهم إيلون ماسك.
ورغم تحفّظه على سياسات ترامب المناخية، وافق ماسك على الانضمام إلى مجلسي الصناعات والتكنولوجيا. لكن الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ في يونيو 2017 دفع ماسك إلى الانسحاب، مغردًا:
“تغير المناخ حقيقي. الرحيل من باريس ليس جيدًا لأميركا أو للعالم.”
خلال رئاسة ترامب، خفتت العلاقة بين الرجلين. ماسك لم يكن داعمًا صريحًا له في حملته الثانية عام 2020. بينما لم يتورط ترامب في نقد ماسك، إلا أن التباعد بينهما بدا واضحًا سياسيًا وفكريًا.
انقلاب مفاجئ
في عام 2022، بدأت ملامح عودة تدريجية. ماسك، الذي استحوذ على تويتر وأعاد تسميته إلى X، أجرى تصويتًا عامًا أدى إلى إعادة حساب ترامب الموقوف منذ أحداث الكونغرس 2021.
لم يعد ترامب لاستخدام الحساب، لكنه احتفظ بعلاقة ودية مع ماسك. ومع بدء استعداداته للترشح مجددًا، أصبح إيلون ماسك من أبرز داعميه الماليين والإعلاميين في 2023 و2024، متبرعًا بما يقارب 300 مليون دولار لحملات داعمة عبر Political Action Committee غير مباشرة.
من وادي السيليكون إلى قلب واشنطن
في يناير 2025، وبعد فوز ترامب بالرئاسة مرة أخرى، عيّن ماسك رسميًا لقيادة هيئة جديدة تحت اسم “إدارة الكفاءة الحكومية” (DOGE)، هدفها إعادة تنظيم البيروقراطية الفيدرالية.
بدا ماسك في قلب الدولة العميقة، يتنقل بين البيت الأبيض وواشنطن بخطوات واثقة، حتى أن ترامب وصفه بـ”صديق الأمة الأول”.
بداية النهاية
كل شيء تغير في يونيو.
في الثاني من الشهر، نشر ماسك سلسلة تغريدات ينتقد فيها مشروع ترامب الاقتصادي الجديد “One Big Beautiful Bill”، واصفًا إياه بـ”كارثة اقتصادية” ستزيد العجز بـ2.5 تريليون دولار.
ورد ترامب لم يتأخر. في تجمع جماهيري بفلوريدا، وصف ماسك بـ”خيبة أمل ضخمة”، مهددًا بمراجعة كل العقود الفيدرالية التي تستفيد منها شركاته مثل سبيس إكس وتيسلا.
وبعد ساعات، عاد ماسك بتغريدة أخرى نارية:
“لولا دعمي في X، لما عاد ترامب إلى المنصة. أنا من صنع الوحش، والآن يهددني؟”
ثم لمح ماسك إلى ارتباط ترامب السابق بجيفري إبستين الذي أدين عام 2019 بتهمة الاتجار الجنسي– ما دفع الأخير إلى التهديد باتخاذ إجراءات قانونية.
الانفجار والقطيعة
في 6 يونيو، أصبح الخلاف علنيًا، شخصيًا، وسياسيًا.
ترامب وصف ماسك بأنه “غير مستقر” وأمر مساعديه بالعمل على الحد من الحوافز الخاصة بالسيارات الكهربائية في مشروع القانون. في المقابل، أعلن ماسك استقالته رسميًا من DOGE وألمح إلى تأسيس حزب سياسي جديد باسم “The America Party”.
وخلاصة القول: بين عامي 2016 و2025، انتقلت علاقة ترامب وماسك من شراكة استشارية هشة، إلى دعم مالي وسياسي قوي، ثم إلى مواجهة عدائية تهدد بتحول جذري في السياسة الأمريكية.
ماسك، الذي طالما لعب دور “الرجل الذي لا يُتوقع”، يلوّح الآن بكيان سياسي قد يكون ثالث قطب في المعادلة الأمريكية – وترامب، كعادته، لا ينوي التراجع.