ريم العمران تعود إلى تعليم أطفال روضتها.. على كرسيّ متحرك تخطّت مشكلتها المعقدة.. وأدهشت زميلاتها وطلابها وكادر الإشراف

القطيف: ليلى العوامي

ترفض ريم محمد العمران، نظرات العطف والشفقة من أي شخص كائنا من كان، وكأنها تبعث برسالة إلى كل من يراها جالسة على كرسي متحرك، بأن عزيمتها أقوى من هذا الكرسي، ومن الظروف التي وضعتها في هذا المشهد. قررت ريم ـ بعد فترة معاناة نفسية ـ بأن تعيش حياة متكاملة سعيدة، وتعود إلى عملها كمعلمة، من وفوق كرسيها المتحرك، الذي ترى أنه مجر أداة ليس أكثر، مرددة عبارتها المشهورة “أنا سليمة وهذا الكرسي مجرد أداة لا تعني لي أي شيء”.

مع الطلاب

أخذت ريم موقعها، وسط طلابها بمقر الروضة الأولى بالقطيف، وهي تلقي عليهم درسها النموذجيّ الأول عن الكائنات البحرية، متحدية الإعاقة والظروف النفسية، وبعدها قصت على محررة “صُبرة” قصتها مع الإعاقة، وكيف تحولت من إنسانة مُشتتة متألمة نفسيا يائسة بفعل الإعاقة، إلى إنسانة متصالحة مع نفسها، ومع إعاقتها، التي قررت أن تتجاوزها متسلحة بجبال من العزيمة والإصرار والإرادة القوية.. ومن هنا تبدأ ريم قصتها.

جاء حديث ريم ممزوجا بإبتسامة مشرقة، وهي تحكي قصتها التي بدأت عام 1434هـ، تلك القصة التي حدثت في منزلها، حينما سقطت على الأرض، وارتطمت بحوض الغسيل، وأصيب ذقنها بشدة. وشعرت ريم أن سقوطها قد أثر حتى على الحبل الشوكي من أعلى إلى نصف الظهر.

ألم قديم

لم يبدأ الألم لدى ريم عقب السقوط مباشرة، وإنما بعده بـ6 أشهر، حيث شعرت بتنمل شديد في يديها، وتخدر في إحداهما، ذهبت مسرعة إلى أحد المستشفيات، تم فحصها، وأبلغها الأطباء هناك، بأنها تعاني من ورم حميد في الحبل الشوكي، وتحتاج إلى عملية سريعة، لأن الورم في ازدياد.

دخلت ريم المستشفى، ووقعت على أصعب الأوراق، وهي أنه ـ لا قدر الله ـ لو لم تنجح العملية، قد تصاب بانتكاسات صحية، قد تنهي حياتها، وبالفعل أجرت ريم العملية، التي استمرت نحو 14 ساعة، لم تشعر بأي شيء في البداية، وكانت أمورها طيبة”.

بلا خوف

تصف ريم شعورها أثناء إجراء العملية قائلة: “لم أخف أبداً، على العكس، كنت دائماً أقول في نفسي ما يريده الله سيكون، ورغم الحزن الذي كنت أراه في عيني والداي، إلا أني كنت قوية، وأجريت العملية، وخرجت من غرفة العمليات، وفي جسدي بصيص من أمل، وأخبرني الطبيب أن هناك إمكانية للمشي”.

وتقول ريم: “بعد العملية، لم أشعر بقدمي، ولكن الإحساس بالحركة عاد بعد ذلك، ولكنها كانت حركة ضعيفة جداً، واستمرت على ضعفها، وقررت إجراء العلاج الطبيعي، لعل الحركة تقوى أكثر مما هي عليه”.

وتابعت ريم: “في هذه الأثناء، تعرضت لضغط نفسي، بعد وفاة والدي، جلست في البيت، لا أريد أن أتحدث مع أحد أبداً، أو أرى أحداً، بعدها التحقت بمركز الأمير سلطان للتأهيل الشامل، وهناك عادت لي الحياة شيئاً فشيئاً، حينما رأيت من هم يعانون من حالات صحية، تفوق حالتي، ورغم ذلك يعيشون ويضحكون، في مدينة الأمير سلطان، شعرت بأنني شخص آخر، عدت من هناك وكلي أمل بأن أواصل حياتي، ولا أفني نفسي، وقررت العودة إلى روضتي وأطفالي، عادت لي الحياة مرة أخرى، وأيقنت فعلاً إنني إنسانة عادية جدا، وسيعتاد المجتمع على رؤيتي هكذا”.

شفاء

وتتابع ريم “عدت الى العمل من جديد، وها أنذا، لدي أجهزة بالمنزل، وأقوم بالعلاج الطبيعي بنفسي، سأشفى بإذن الله، ويجب أن يعتاد الناس على رؤيتي ورؤية غيري، ودرسي اليوم، وحضور زميلاتي المعلمات والمشرفة نعيمة الحوطي هو خير دليل على إنني عدت للحياة من جديد، وسأحقق كل ما أريد”.

تقول القائدة التربوية للروضة الأولى بالقطيف نوال الدوسري، عن ريم: “هي تحمل من الإبداع الكثير، هدؤها وعطاؤها يجعلاني عاجزة للغاية عن التعبير في حق هذه المعلمة الرائعة والمتميزة دائماً”.

قائدة ومشرفة

أما القائدة التربوية لروضة البيان بتاروت خيرية السبيعي، فقالت: “كم هو رائع أن نرى أصحاب الهمم في تميز وابداع تشرفت بحضور درس تطبيقي للمعلمه ريم العمران، يتناول الكائنات البحرية، وقد لمست ابداعا وتميزا وتنوعا في الدرس وعطاءً لا محدود من المعلمة وفريق العمل، وهذا يدل على معلمة رائعة وقائدة متميزة”.

ومن جانبها، قالت المشرفة نعيمه الحوطي: “يعجز لساني عن وصف ما رأيته من كفاءة لكل من ساهم في هذا العمل، فشكرا للجميع لمنحي هذه الفرصه التي لا تعوض لحضور والاستفادة ودمتم”. وفي ختام الدرس قدمت العمران شكرها لطاقم الروضة الأولى بالقطيف.

تعليق واحد

  1. بنت أختي الكريمة والغالية الفاضلة أستاذة ريم إني أعتزُ بِكِ وبما حققتيه من جهود خيرة لتعليم جيل جديد من الأبناء والبنات رغم ما عانيتيه من مرض وضعف في أعصابك بعد العملية الجراحية الكبيرة التي أُجريَت لكِ أُحيِّيكِ وأفتخِر بِكِ يا أستاذة ريم الطيبة الفاضِلة
    من خالِكِ د علي شروفنا أخصائِي جراحة عظام مُتقاعِد
    وأعمل في مركز دار عافية الطبي بالدمام

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×