المُمَثِّلُون الصَّوتيون في القطيف.. أول الصامتين والهاربين..!

حبيب محمود

عن تجربة عمر عشته؛ وصلتُ إلى القناعة بالرأي التالي: كلّ من تصدّى ـ صوتياً ـ لتمثيل القطيف؛ لم يجلب إلا النّكال لها ولأهلها. كلُّ من زعم أنه ممثّلٌ لهذا الجزء من الشعب؛ انتهى أمره إلى إيذاء الناس في النهاية.

والعِلّةُ المزعجة في هذا النوع من التصدّي تكمن في إصرار المتصدّين ـ الصوتيين بالذات ـ على معاملة القطيف وكأنّها جزءٌ منعزلٌ عن محيطه.

ثم إن هناك ظاهرة أكثر تعقيداً؛ هي أن الذين يتصدّون ـ صوتياً ـ زاعمين أنهم يمثلون الناس؛ سرعان ما ينسحبون إلى الصمت، أو يهربون إلى أبراجهم البعيدة، بعدما هيّجوا الناس، وقادوهم إلى مواجهات غير محسوبة.

عشراتٌ من القضايا العادلة انحرفت عن جادّتها الطبيعية، وآلت أمورها إلى ما لا يريد الناس، وحين نبحث عن أسباب؛ نجد أن ما يُمكن الحصول عليه بهدوء؛ نُصرُّ على نيله بالضجيج. لدينا معضلة في فهم لغة الواقع. بإمكاننا الحصول على مطلبٍ ما بكلمتين “لو سمحت”، لكن الممثلين الصوتيين لا يطربون إلا حين يستخدمون كلمتين أخريين “غَصْبِنْ عَنْك”..!

عشتُ نصف قرن؛ ولا أزعم بأنني وصلتُ إلى سنّ الحكمة؛ بيد أنّ لديّ فهماً أولياً يساعدني على تشخيص واقعنا الاجتماعي في الشأن المطلبي. لدينا نسخ مكرّرة من المطالب الفاشلة، المطالب التي يمكن أن تنجح بسهولة. نحن نُفشلها بلغتنا، وبأسلوب تعاطينا معها، وبطريقة إدارتها.

وأسوأُ ما في طريقة إدارتها ـ في رأيي ـ هو ظهور “الممثلين الصوتيين” المتلاعبين بعواطف الناس؛ الضاربين على أوتار حادّة، تعقّد السهل، وتشوّش الواضح، وتجعل من المطلب السهل صعباً.

علّتنا فينا، وفي تسليمنا عقولنا لأعداد محدودةٍ منا تزعمُ أن آراءها الشخصية تمثل الناس جميعاً. علّتنا في ركضنا وراء “أشخاص” سرعان ما يتخلّون عنّا حين “اتْحقْ حَقَايُقْها”، كما تقول الصيغة القطيفية.

‫2 تعليقات

  1. مقالكم رائع وأكثر
    فقد وضعت يدك على موضع الجرح النازف فهل من متعظ؟.
    أحسنتم كثيرا وفقكم الله وبارك فيكم وفي المداد الذي تسطرونه??

  2. مشكلتنا الكبرى في القطيف هي استنساخ تجارب الآخرين الفاشلة مثل ما استوردنا سنة ١٤٠٠ه الفورجية الذين خربو البلد و العباد لان المشروع الحزبي مخطط له بالسيطرة على القطيف من المحكمة الجعفرية و تشويه النخب و الرموز و الشيوخ التقليديين و ستبدالهم بالحزبيين و قد صبغو أنفسهم بالدين ليتمكنو من الدخول الى عقول الناس الطيبين وهم ابعد ما يكون عن نهج الدين القويم انظروا الى دول الجوار و ما فعلته الأحزاب بهم في العراق و البحرين و غيره شكرًا استاد حبيب على هذا المقال ودائما انت تمس الحقيقة بكل أركانها تحياتي

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×