الفاسق البخيل
مشعل السديري* |
قبل فترة وصلتُ إلى مطار الرياض، وليس معي غير شنطتي أسحبها بيدي، وكان المؤذن قد أذن لصلاة الظهر، وبما أنني على سفر فقررت أن أصليها مع العصر جمعاً.
وذهبت إلى الحمامات لكي أغسل يدي، وما راعني إلاّ رجل بطين يرفع رجله فوق المغسلة العالية ليتوضأ، ولا أدري كيف استطاع أن يفشخ نفسه كل هذه الفشخة المهولة دون أن ينفزر!
ويبدو، الله لا يحاسبني، أنني قد ضربته عيناً، لأنه عندما أراد أن ينزل قدمه علقت بصنبور الماء فاختل توازنه وكاد يقع على ظهره، لولا أنني أسرعت وتداركته و(سندته)، ويا ليتني لم أتداركه، لأن قدمه وساقه المبتلة أتت على صدري وبطني وأصبح ثوبي (الشيك) يرشح كله بالماء.
ولعنت الشهامة التي أتحلى بها، وخرجت أجر شنطتي وفشيلتي، وما إن وصلت إلى صديقي الذي يستقبلني خارج المطار، وبدلاً من أن يقول لي: الحمد لله على السلامة، أخذ يضحك ويضحك معتقداً أنني قد عملتها على نفسي.
وتذكرت ذلك الموقف المزري عندما قرأت اليوم بالصدفة ما ذكره الدكتور سعد راضي السرور، وهو استشاري في العمود الفقري بمدينة الملك سعود الطبية، عندما حذر من أداء الوضوء بشكل خاطئ، خصوصاً عند رفع القدم لمغسلة مستواها مرتفع، إذ إن هذه الطريقة قد تؤدي إلى إصابات في العمود الفقري وكسور أخرى في الورك أو الأطراف.
عموماً أنا لست متفقهاً بالدين كما يجب، ولكنني أعرف على الأقل أن الدين يسر، وسمح بالمسح على الخفين عند الضرورة.
يعني (حبكت)، ولا بد من الحركات البهلوانية؟!
***
من الأساطير التي تُروى أن رجلاً صالحاً سأل إبليس قائلاً: مَن أحب الناس إليك؟ قال: عابد بخيل. قال: فمن أبغض الناس إليك؟ فقال: فاسق سخي. قال: كيف ذلك؟ قال: لأني أرجو ألاّ يقبل الله عبادته لبخله، ولا آمن أن يطلع الله على العبد الفاسق فيرى بعض سخائه فينجيه ويرحمه – انتهى.
المشكلة لو كان هناك إنسان لا هو هذا ولا ذاك (!!) – أي هو فاسق وفوق ذلك بخيل – أكيد سوف يقول الشيطان عندها: هذا هو عز الطلب، (وجاك يا مهنّا ما تمنّا)، وما أكثر الفساق البخلاء.
***
هل صحيح أن المرأة تصدق أنها جميلة، حتى لو قال لها ذلك رجل أعمى؟!
ومع ذلك أظل أحترم تلك المرأة رغم هبالتها.
غير أن ما يرفع ضغطي أكثر المرأة الجاهلة رغم تعلمها، وهي التي ما إن تقرأ عن الحرية، حتى تبادر رأساً إلى خلع ملابسها.
_______________
*صحيفة الشرق الأوسط، السبت – 10 جمادى الأولى 1439 هـ – 27 يناير 2018 مـ رقم العدد [14305]