“قيثارة العشق” تنثر الشعر وردا بمنتدى الثلاثاء الثقافي

القطيف: صبرة

 أمسية ثرية بالشعر والأدب والجمال، وبحضور نجوم الشعر والأدب من مختلف المناطق، تلك التي أقامها مؤخرا منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء بتاريخ 6 جمادى الأول 1439هـ الموافق 23 يناير 2018م بمشاركة قامتين أدبيتين معروفتين على الصعيد الوطني والعربي هما الشاعرين طلال الطويرقي وناجي حرابة، وأدار الأمسية الشاعر ياسر الغريب.

وكعادة المنتدى كل أسبوع، فقد أقام الفنان حسن قاسم آل عبيد معرضا فنيا للأسبوع الثاني في المنتدى شمل بعض أعماله في الخط العربي والفن التشكيلي، كما عرض فلم قصير عن حياة الراحل الشاعر حسن السبع، وتم تكريم الأستاذتين رحاب المزارع وعقيلة آل ربح لحصولهما على شهادة الدكتوراة الفخرية من المركز الثقافي الألماني لأبحاثهما في مجال دمج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

بدأت معزوفة الشعر بكلمة أدبية رائعة لمدير الندوة الشاعر ياسر الغريب قال فيها “أن نقيم أمسية شعرية يعني أن نصنع إيقاعا داخل إيقاع الزمن، أن نفتح نوافذ على المخبوء من ذواتنا، أن نلون الفراغات حتى تصبح لوحة تشكيلية تستبطن ما وراء الغد. الليلة سنحظى في منتدى الثلاثاء الثقافي بلذة الإصغاء لشاعرين يؤثثان بالدهشة والجمال المشهد الأدبي في المملكة”. وعرّف بعد ذلك الشاعر طلال الطويرقي المتخرج من قسم اللغة العربية بجامعة أم القرى في مكة المكرمة ونشر شعره في الصحف السعودية والعربية، ومثل المملكة في عدة مهرجانات عربية، وصدرت له ثلاثة دواوين شعرية، أما الشاعر ناجي حرابة فقد أصدر ثمان مجموعات شهرية وحصد العديد من الجوائز، وكتبت عن تجربته الشعرية العديد من الدراسات البحثية والمقالات الصحفية.

على مدى ثلاث جولات، تناوب الشاعران الطويرقي وحرابة في إلقاء قصائدهم العمودية والنثرية، تلاها حوار أدبي حول تجربتهما الشعرية. استهل الشاعر طلال الطويرقي الأمسية بقصيدة “فراق سيدة البنفسج” التي قالها في وداعه لأمه عند مشاركته في مهرجان الشباب العربي التاسع بالاسكندرية حيث كانت أمه رافضة مغادرته لها، واصفا حالة الوداع وذكرياته المؤلمة، جاء فيها:

أمي  تشارف عـــامها الخمسينـــا وتدس من وجه الندى تشرينا

نأت  المرايـــــــا  فاستبد  نشيجهـــا  في  رأس أمـي لهـوة وسنـــينا

ورحى من الذكرى تؤلب جمرها وتكتب من شجن اللظى تنينـا

قبل  الوداع أذوب فـــي نظراتــها وتشر في رئتي الوداع حزينا

تبعها بقصيدة غزلية “مساء عذب” يتغزل فيها بمحبوبته ويبث لها أشواقه وهمومه:

مساؤها  العذب  لا  يغفــو  به  قمــر  ولا نجــوم ولا غيـم ولا وتــر

بللت  أفيــاء  ذكرانـــا  فمــا عرفت كيف التقينا وهذا البين يحتضر

غادرت لا الريح تتلوني ولا سفر أفقت من نبضه المنساب يعتذر

أفل  من صوتها المجنون أشرعـة وجمرة من بقايا الشــوق تستعر

وأنهى الجولة الأولى بإلقاء مجموعة قصائد نثرية جميلة شملت “مرحلة الأزرق” و “لم يعد سرا”. وواصل بوحه الشاعري بقصائد متنوعة “خريف قادم”، “وصايا”، “بساطة” و “غيم”، وكان آخرها قصيدة “طلق” والتي جاء فيها:

لم            تشتك            أمي           تعسر           مولدي

فالطلق               داهمها               بقرب               البيت

لم      تعرف      طريقا      للمكوث،      أمام      باب     الدار

لم   تشك   غياب   أبي،   ولم   تصرخ   كثيرا   في   بداية   أمرها

لم      تعترف      أبدا،      ولم      تترك      تقلص      رحمها

في لحظة الطلق الأخيرة لي، لم تقترف يوما أخيرا من تفاصيل العلاقة

كي      تبلل      طفلها      البكري      في      ماء     المخاض

         استلم منصة الإلقاء بعده الشاعر ناجي حرابة، الذي قدمه مدير الأمسية بمقطع من قصيدته “توضأ يادمي ثملا وصلي” ليبدأ أشعاره الطرية

كروم تبــــوح لمن ذاقهـــا وتسكب في الروح أعماقها

إذا أخلصت كرمة سكرها تولت يـد الغيــب إغداقهـــا

إذا نخلــة ألهمت فكــــــرة أمالت إلى الأرض أعذاقـها

لتبذرهــــــا   أمــة   بالــرؤى   وترفــــع  للـــــــه  أعناقهـــا

تلاها قراءة قصيدة “عقد يحاول أن يضيئ”، والتي عبرت عن انسانية عالية، جاء فيها:

على بعد صبر، سآتيك من عمق جيد الأعاصير باللؤلؤة

وخذ   من   دمي   يا   أخّي   إلى  أن  تجف  العروق

فلست ابن أمي إذا احتل جفنيك ليل ويلهو بعيني الشروق

وبي  يا  أخياتي  المثقلات  من  الشهد جرح فراه النشيج

ألا     إبر     من    يديكن    تكمل    خلق    النسيج

وما      السر      ليلاي،     صلي     لكي     أفهما

لماذا            وانت           ابتكار           التراب،

لماذا  إذا  ما  رشفت  شفاهك أشعر أني ارتشفت السماء

       ثم غرّد بقصيدته “أغنية” التي تغنى بها الحضور وعشقوها:

إذا    ذبلتْ    في   عيونكَ   أمنيةٌ

ثم       لذتَ       إلى       القلبِ

مُستسقياً    فانكسرتَ   من   الحزنِ

إذ           جفتْ           الساقيةْ

فارتشفْ                      أُغنيةْ

إذا   أَشعلَ   الهمُّ   ريحانَ  صدركَ

واغتيلَ   وردُكَ  بالصّرصرِ  العَاتيةْ

فاشتممْ                       أُغنيةْ

إذا وجلتْ من ظلامِ الكوابيسِ نجواكَ

واستوطنَ       الخوفُ       رأسَكَ

في            ليلةٍ            شاتيةْ

فاقتدحْ                        أغنيةْ

وفي جولة الحوار حول التجربة الشعرية، رأى الطويرقي أن التجربة الشعرية كالجنين؛ والذي يحتاج إلى مراحل حتى ينضج، مستعرضا أبرز المراحل الشعرية والتي مر بها، منوها إلى أن بداياته كانت بقراءة الشعر القديم وحفظ المعلقات؛ مرورا بقراءة شعر العصور الإسلامية والعباسية وانتهاءا بالشعر الحديث والذي «أقام فيه» بحد تعبيره. وعن كتابته للرواية؛ رغم أنه شاعرا؛ أجاب: أنه لايوجد اي ضرر في كتابة الشاعر للرواية؛ وأن في مرحلة ما بعد الحداثة تتجاور الفنون وتتساوق في ما بينها ولا يمكننا الفصل بينها بشكل حازم، فالرواية أحيانا تتلبس لباس لغة شعرية، مستشهدا بمعلقة إمرؤ القيس وشعره. وانتقد الطويرقي عملية الفصل بين الفنون؛ مشددا على أنها عملية غير مجدية لأن الفنون جميعها متقاربة.

ورأى الشاعر ناجي حرابة أن لا أحد من شعراء هذا الجيل يمكن الحكم على تجربته بأنه مؤثر على الآخرين على غرار شعراء جيل الثمانينيات، وقال أن الحسنة الوحيدة لشعراء هذا الجيل هي انهم يجاهدون أن يكونوا شعراء بحق وأنهم يحاولون تجاوز المرحلة، كما أنهم حملة أمينين لما خلفه لهم الجيل السابق. وأشاد حرابة بالشعراء الذين اجادوا كتابة القصيدة النثرية وتفعيلها، وأشار إلى كتابته المسرحيات الشعرية لأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة والتي حاول فيها فهم احتياجاتهم وآمالهم والامهم.

المصدر: بيان منتدى الثلاثاء.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×