الله الله في أوطاننا

حبيب محمود

في المحيط الإقليمي لوطننا الكبير؛ مررنا بزلازل لم يعلم بارتداداتها الحقيقية إلا الله. ليست حرب السنواتِ الثمان أخطرها. وليس احتلال الكويت الشقيقة أخطرها. وليست أحداث 11 سبتمبر أخطرها. وليست حرب 2003 أخطرها. وليس الربيع العربي أخطرها.

والأحداث الدائرة من حولنا راهناً؛ ليست أخطرها أيضاً.

أخطر ما عشناه وعايشناه؛ هو تتابع الزلازل نفسها، في سنواتٍ متقاربة، خاصة بوجود تداعياتٍ داخلية يمكن الانجرار إلى مفاعيلها العاطفية، نعم؛ مفاعيلها العاطفية تحديداً.

الحالة العاطفية؛ تفرض عليك أن “تتمنى” شيئاً تريده أن يحدث. ثم تأخذك الحالة إلى متابعة ما يجري. ثم يصدمك “الواقع” بأنك كنت في حالة “تمنياتٍ” فحسب. الواقع على غير ما كنتَ عليه.. وهنا الصدمة.. موجعة.. موجعة للغاية..!

نحن ـ السعوديين قاطبة ـ مررنا بكثير من هذا. وأظنُّ أننا تدرّبنا بما يكفيْ لبناء فهم “واقعي” للأمور المضطربة من حولنا، وأننا تحصّنّا من العدوى العاطفية المُتغيّرة.

ومعرفتي المتواضعة بتاريخ بلدي يقول لي إن هذه الدولة التي نعيشها ونعيش فيها؛ واجهت المشكلات العالمية والمشكلات الإقليمية، دون أن تتأثر يوميات حياتنا حتى. وها هي في خضمّ ما يجري من هزّاتٍ عنيفة في الإقليم؛ تسعى في المحافل الدولية إلى المشاركة في إيجاد الحلول والتخفيف من وطأة الأحداث، ونحن ـ في الداخل السعودي ـ على حال يومياتنا المعتادة.

من كان يظنُّ أن ما يجري هو مواجهة ثنائية بين إيران وإسرائيل؛ فهو لا يفهم شيئاً من “الواقع”، وإنما مهووس بـ “التمنيات”.

هناك من يتمنّى أن تضرب الأولى الثانية، وهناك من يتمنى أن تضرب الثانية الأولى، وهناك من يتمنى أن يستمر التضارب بينهما.

إنه التمنّي.

بيد أن للواقع كلاماً آخر؛ المعضلة عالمية، وبين قوىً أضخم من إيران وأضخم من إسرائيل. وما لم تتدارك الأمم نفسها؛ فإن المشاريع المتضاربة سوف تؤول إلى دمار أوسع مما نشاهده اليوم في الفضائيات.

إذن؛ ما دورنا نحن السعوديين..؟

ما أفرضه على نفسي ـ ولستُ وصيّاً على أحد ـ هو أن أتابع ما تقدمه بلادي من أداء على الصعيد السياسي والدبلوماسي والإنساني، على اعتبار أن هذا الأداء؛ هو بذل كلّ ما يمكن بذله في التعاطي مع الأحداث. وإذا كان لديّ ما “أتمنّاه”؛ فهو شأنٌ نفسيٌّ، أثبتت التجربة أنه “متغيّرٌ” ويبقى “متغيّراً” مع كلّ ما يتكشّف عنه واقع الأرض يوماً بعد آخر.

في أحداث الربيع العربي؛ تعاطفنا ربّما حدّ التشنُّج والتصادم والتأويل وتبادل الاتهامات. ثم تكشّف لنا أننا كنّا غارقين؛ فنجونا. وأن من تعاطفنا معهم؛ ما زادونا إلا رهَقا.

ما يجري من حولنا مؤلم، ومخيفٌ جداً. فالله الله في وطننا.. الله الله في أوطاننا.

‫2 تعليقات

  1. وطني الحبيب ولست عندي. سواه…. الله يبعد عنا المغرضين المتفتنين المتسلقين المتبلطجين والله. يحميكي بلادي والمسلمين

  2. وطني يجري في دمي وقلبي وطني نفسي وبصري وعقلي وروحي
    وافدي نفسي الى وطني الغالي افدي وطني بعمري ومالي وكل ما املك من مال افيك عمري وافديك باولادي ياوطن الغالي

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×