القديح ليست بخير.. حادث شنيع.. ورحيل مؤلم
بلدتي القديح هذا اليوم ليست بخير، وألمها صادم جداً. صباحها لم يكن مثل الصباحات العادية، ويومها ليس مثل الأيام العادية. “أبو زين”.. رحل إلى الآخرة، ولكن بطريقة شنيعة جداً، ومؤلمة للغاية. حادث مرور ليس كل الحوادث، وفاجعة خارجة عن التصور.
صحيح إن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى، ولكنّ أخيار الناس يتركون فراغاً، وأحياناً تكون طريقة الموت نفسها هي ما يجعل الإنسان يغرق في الصدمة. وهذا ما شهدناه عصر اليوم في تشييع رجل خيّر من أبناء بلدتي.
أبو زين.. الحاج محمد آل جعفر، كان في طريقه إلى عمله في سوق الخضرة بالدمام لسنين طوال، يكد على عائلته صاحب التواضع الرفيع والبسمة. فقدته بلدتي في حادث روّعنا جميعاً، وأرعبتنا التفاصيل التي وصلت إلينا.
إذا جاء الموت إلى الإنسان أحس بأن كل شيء انتهى، وكل الموجودات من حوله تسير في هذا الاتجاه، بمعنى أن الموت يجب أن يدرك ذلك الإنسان في ذلك الوقت مهما اختلفت الأسباب والأزمان، فعندها ينتظر من محبيه ذلك العطاء الذي ينفعه في آخرته كالصدقة الجارية والصلاة والصوم، وما إلى ذلك، وإن شاء الله أخوان المرحوم المؤمنين الموالين وأولاده المؤمنين البارين ومحبيه لم يقصروا في ذلك العطاء المحتاج له الفقيد السعيد في قبره، فلا يجب أن يتصور الإنسان أن سبب الموت مقترن بالموت ولو أن الإنسان اتقى هذا السبب لاتقى الموت، فهذه الفكرة باطلة، وكثيرون يموتون ولا يعرفون السبب وحتى الطب الحديث لماذا ماتوا، أي الأسباب المادية والجسمية التي جعلتهم يموتون،
الحقيقة أن تنوع أسباب الموت كسبب أو نوع في حد ذاتها ليس لها أي تأثير، فإذا مات الإنسان المؤمن نتيجة مرض أو غير مرض لا يفرق أو حادث، الحال بينه وبين غيره المؤمن في نفع وخير من هذا السبب له، ولكن المراحل الأخيرة للحياة، وبمعنى أدق اللحظات الأخيرة وهي مرحلة الدخول في عملية الموت أي في ظرف الموت ليس في قبض الروح، هذه لها تأثير في العالم الأخروي، فالمرض المميت بالنسبة للمؤمن أو حادث غفران الذنوب، كالشاب المؤمن البار الخير الموالي محمد آل جعفر، رحمة الله عليه هذا الشاب المؤمن الصبور المجاهد والمكافح وهو يعمل لسنين طويلة في سوق للخضار بالدمام يكد على عياله، أي لحظات الحياة الأخيرة المتعلقة بظرف الموت هي التي لها تأثير، أما الموت بصورة عامة ككيفية فلا دخل له فيما ذكرت، ما من ساعة إلا ويموت فيها كثير من البشر، مؤمنون أم غير مؤمنون، وكل يأخذ طريقه إلى القبر في الحساب، وكل مرهون بعمله ،
رحل “أبو زين” مؤمناً بقضاء الله وقدره، وبالموت والتفكير في رغائب الموت، وكان يتحلى بالإيمان والتواضع والخلق الرفيع والبسمة المستمرة، والدليل على ذلك ما شهدناه وشاهدناه من التشييع المهيب والجموع الغفيرة الذي حضرت ذلك التشييع، وهذا يدل على إيمانه وحب الناس إليه.
ذلك المؤمن صاحب الصفات الجليلة الخلقية والإيمانية، رحل ولا نملك إلا تفويض بأمورنا جميعاً إلى الله.
صالح مكي المرهون
أقرأ أيضاً