حياة الماعز.. براءة الكفيل من ظلم “نجيب”..! الفيلم في وادٍ والمُجيّشون في وادٍ آخر.. ولعبة الـ "سوشل مديا" مكشوفة.. سياسياً

إكس: صُبرة

الفيلم في وادٍ، والمُجيّشون في وادٍ آخر.. هذه خلاصة ما يجري في وسائط التواصل الاجتماعي، منذ أسابيع قليلة، بعد حملة ترويج واسعة النطاق، نشرت مقاطع متتالية من فيلم “حياة الماعز”، وتعليقات لا صلة لها حتى بواقعية الفيلم نفسه..!

وخلط منتقدو بين العمل الفني الدرامي وبين الإساءة إلى سمعة المملكة، في واقعة تعود إلى أكثر من 23 عاماً.

الفيلم افتُتِح بعبارة: “هذا الفيلم لا يحمل إساءة لأي دولة، أو شعب، أو مجتمع، أو عرق، ويحكي قصة حقيقية لعامل هندي يدعى “نجيب” وصل مطلع التسعينيات إلى السعودية”، وهو عمل سينمائي مثل كثير من الأفلام التي تحكي حالات الظلم التي يتعرض لها بعض البشر في أنحاء العالم وتظهر من خلال روايات أو أعمال درامية أو سينمائية.

قصة الفيلم

“حياة الماعز” وبالإنجليزية  “The Goat Life”، و “أدوجيفيثام” باللغة المالايامية، التي يتحدثها سكان ولاية كيرلا في الهند حيث ينحدر بطل القصة، هو اسم الفيلم المنبثق عن رواية للكاتب الهندي بنجامين، نشرت بعنوان “أيّام الماعز” عام 2008 وتصدرت الأكثر مبيعاً حينها، تحكي قصة حقيقيّة حدثت عام 1991، حيث نجح الشاب الهندي “نجيب”، بطل الفيلم، في الحصول على فرصة عمل في السعودية كلفته 650 دولارًا، بعدما باع كل ما يملكه، ليصل إلى المملكة، وتتبدّد كل أماله، حين تعرض للخداع من رجل ادعى أنه كفيله عند وصوله إلى المطار، نقله إلى الصحراء واحتجزه هناك ليرعى الماعز والأغنام في ظروف قاسية غير إنسانية لمدة 3 سنوات، قبل رحلة هروبه.

لم تثر الضجة الأكبر حوله مع بداية عرضه في مارس الماضي، ولا مع إتاحته على منصة نتفليكس في يوليو الماضي، إلا أن صدور الترجمة العربية له في أغسطس الجاري، رفع من تعداد مشاهدته في الدول العربية، وأطلق العنان لردود أفعال أوسع، جعلت الفيلم حديث مواقع التواصل الاجتماعي في الخليج العربي على مدى الأيام الماضية.

منصات التواصل السبب!!

الفيلم بكل تفاصيله أحدث جدلاً كبيراً على منصات التواصل الاجتماعي، أدلى فيه كثيرون بدلائهم بوعي و دون وعي، فهناك من اتهم صناعه والمشاركون فيه بالإساءة إلى المملكة العربية السعودية، بينما قال المدافعون عنه إنه يصور نموذجاً فردياً لا أكثر، وكان من الممكن أن يمر مرور الكرام، لولا الضجة التي أعطت له شهرة لا يستحقها، من الناحية الفنية.

 

واستغل فيها الكارهون لتصدر المملكة المشهد الاقتصادي العالمي، بحسب ما تؤكده البيانات الدولية التي تٌشير إلى مكانتها كمركز اقتصادي عالمي ذي تأثير وثقل متزايد. وحاول بعضهم الترويج لإحداث نعرات الفرقة والكراهية بين السعودية وسلطنة عمان بسبب مشاركة الفنان العماني طالب البلوشي الذي جسد دور النصّاب الذي ادعى أنه الكفيل.

ووصل التجييش المُمنهج في وسائل إعلام خارجية إلى محاولات بث سموم صريحة، للإضرار بالروابط الأخوية بين الشعبين. لكن حكمة المسؤولين عن صنع القرار في المملكة فوّتت عليهم الفرصة في الاتساع، فالملايين من العمالة من الهند ودول أسيوية وعربية وغربية وصينية يعيشون في السعودية ويحظون بفرص كبيرة.

مبالغة درامية

وكتب ماجد بن جعفر الغامدي، في حسابه ب منصة “إكس” حاول الفيلم تكريس الصورة النمطية للغرب بأننا شعوب متخلفة منذ بداية الفيلم حيث أظهر موظف التأشيرات كشخص جاهل لا يجيد الحديث باللغة الإنجليزية وهو أمر مستحيل طبعًا كون الموظفين في مثل هذه الوظائف التي تتطلب تواصلًا مع الأجانب يشترط فيهم اجادة اللغات الأجنبية وخصوصًا الانجليزية.

وأشار، التسويق للفيلم، والمبالغة الدرامية وزيادة البهارات لجعل القصة جذابة سنمائيًا واضحة وضوح الشمس فعلاً (فيلم هندي) وإلا كنا شاهدنا نجيب الحقيقي يخرج للعلن مع موجة التضامن الكبيرة التي يتلقاها ومع إعادة احياء النقاش حول نظام الكفيل في المملكة للمطالبة بأخذ حقه من كفيله، خصوصا وأن نظام العمل في المملكة العربية السعودية قد شهد تعديلات عديدة بما يضمن كل حقوق العمال وبما لا يدع أي مجال لاستغلالهم.

ركاكة الحوار

وكتب الأكاديمي في مجال التواصل بجامعة الملك سعود طارق الأحمري، على منصة “إكس” شاهدت فيلم #حياة_الماعز كاملاً والذي امتد إلى 3 ساعات أقل ما يقال عنها بشكل مهني أنها مملة جداً، توقفت عن المشاهدة 4 مرات في فترات متقطعة بسبب ضعف حبكة السيناريو وضعف المشاهد وركاكة الحوار الذي غاب بشكل احترافي.

وأضاف “الفيلم ضعيف وفقير فنياً بشكل واضح لكن لأن أي عمل يستهدف ويتحدث عن السعودية قدره أن يشتهر ويُعرف لأنه بقدر المتحدث عنه، لكن ستذهب كلها أدراج الرياح، فقد شاهدنا أعمال كثيرة كان العامل الزمني القصير كفيلاً بفشلها، والفيلم بحد ذاته ليس مؤهلاً للحديث عنه لكنها الحملة الإعلامية المصاحبة لها من حسابات أعطته زخماً خادعاً لا يستحقه.

الضجيج لا يصنع حواراً

ورأى الكاتب والناقد الفني السعودي أحمد البن حمضة، فى حديثة إلى إذاعة “مونت كارو الدولية”، أن الضجيج لا يصنع حواراً، والغضب يجهض النقاشات البناءة، فكلاهما يعمي العقول قبل الأعين عن الرؤية الهادفة والفكرة الجادة، والجدل القائم حول الفيلم لا يقتصر فقط على جمهور يدافع عن نفسه أو صورة بلده ضد رواية الفيلم.

واعتبر “حمضة” أن هناك أيضاً جهات معيّنة أخذت الفيلم إلى سياقات أخرى، لتقدمه وكأنه يعري السعودية والخليج بشكل عام، فبات الفيلم مطية لمن يريد مهاجمة السعودية، حسب تعبيره.

وأضاف “إن محاولات التشويه هذه لن تنجح في تغيير الصورة الإيجابية التي أصبحت عنوانًا للمملكة في العالم، فالسعودية ماضية بثبات نحو مستقبل مشرق يساهم في الاستقرار والتقدم في المنطقة والعالم.

بطل الفيلم.. قاتل

بينما كتب أحمد بن عبدالله، على منصة “إكس” إن أحداث الفيلم حقيقية لرجل يدعي نجيب، وهو شاب هندي جاء إلى السعودية بحثًا عن عمل ليجد نفسه مسؤولاً من شخص سعودي ادعى أنه كفيله وأخذه إلى الصحراء ليرعى الغنم، عاش حياة الجحيم لمدة ٣ سنوات في الصحراء مجبرًا ولا يستطيع الفرار.

وأضاف “الذي لم يُشر له الفيلم وأغفلة بشكل متعمد هو أن هذا العامل مُدعي المظلوميّة تبيّن أنّه مجرم خطير قتل كفيله وهرب لكن الشرطة استطاعت القبض عليه وحكم عليه القضاء بالإعدام، لكن أولياء الدم عفوا عنه، وجمعوا له مائة وسبعين ألف ريال إحسانٱ وجبرٱ لخاطره لكنه قابل كل هذا العفو والإحسان بكل هذا الحقد والإساءة للسعوديّة وأهلها!.”

كفيل مزيّف

وكتب محمد الغامدي، على منصة “إكس” يصعب أن يجد المشاهد المدقق أن الفيلم يستهدف الإساءة بشكل مقصود أو عدائي، ففي مقابل الكفيل السعودي الذي عذب وظلم العامل الهندي، وقام بدوره الممثل العماني طالب البلوشي، هناك شخصية المواطن السعودي الذي اصطحب نجيب بعد وصوله إلى الطريق الأسفلتي، ولعب دوره كضيف شرف الممثل الأردني عاكف نجم.

وقال: ظهر هذا الرجل مثالا للإنسانية والرحمة بقسماته المريحة الهادئة، ولم ينفر من نجيب الذي بدا مثل الغول من أثر إعياء الرحلة، ولم يخش أن يلوث سيارته الفارهة، إنما منحه الماء، وقبله الطمأنينة والسكينة، ولم يتركه إلا بعد الوصول إلى المدينة.

يضاف إلى ذلك، ما تبين في آخر الفيلم من أن الكفيل السعودي المزعوم، لم يكن هو الكفيل الحقيقي لنجيب وحكيم، إنما هو رجل نصاب استغل طيبتهما وعدم فهمهما اللغة ليوهمهما بأنه كفيلهما، ما يعني أنهما كانا بالفعل في طريقهما إلى العمل بالشركة وفق المتفق عليه معهما قبل السفر، لولا خدعة الرجل.

قناعات خاطئة

وكتب سلمان بن حثليين، على منصة “إكس” مشكلة الفيلم انه ظهر موجهاً لإيصال رسالة مفادها بأن المجتمع العربي عامة والسعودي خصوصا شعوب جافة وظالمة لكل من يصل إليها وهذه سردية منافية للواقع، ومثل هذه الأفلام لها تأثير واسع وتسهم في صناعة قناعات خاطئة لدى كثير من الناس في أنحاء العالم، وفي بعض الأحيان تكون دوافعها سياسية أو قومية أو دينية ولهذا من المهم نقدها بشكل موضوعي.

وأضاف، دعونا نتفق بداية أن حالات الظلم موجودة في كل الشعوب لوجود الفئات المنحرفة في كل مكان وزمان وهذه سنة الله في الكون، وإن تعرض بعض الوافدين إلى السعودية أو أي بلد آخر للظلم، فهذا لا يعني أن المجتمع والدولة يجيزون ذلك وهذا ما لم يشر إليه الفيلم الذي خاطب المشاهد بالخلاصة التالية: وافد مسلم بسيط وبلا حيلة، وشعب جاف بلا قيم إنسانية، ودولة ظالمة.!

وأشار الشعب السعودي مثله مثل كل شعوب العالم فيه الصالح والطالح، فيه الشين والزين، فيه المتعلم والجاهل والمتكبر والمتواضع فيه الكريم والجشع فيه اللص والنزيه فيه المجرم والبري.

سلوكيات فردية

وكتبت علياء بنت أحمد القحطاني، على منصة “إكس”، إن هذا الفيلم مثل كثير من الأفلام التي تحكي حالات الظلم التي يتعرض لها بعض البشر في أنحاء العالم والتي تم تخليدها من خلال روايات أو أعمال درامية أو سينمائية، لكن أين مشكلة هذا الفيلم تحديدا؟!

وأضافت “هي سلوكيات فردية إذا، والفيلم يشير إلى النماذج الحسنة من الشخصيات السعودية والأخرى القبيحة، فضلاً عن أن الفيلم قائم على قصة حقيقية وقعت بالفعل، وتقديمها روائياً أو سينمائياً لا يعني أنها النموذج الأكثر انتشاراً في السعودية”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×