لله درّنا من جيل..!

حبيب محمود

في أول يوم دراسي في حياتي؛ حصلت على “كفّ” من معلم عربيٍّ، عقاباً على سلوك عفويّ.

كان في جيبي 6 قروش (30 هللة)، ومن سعادتي رحت “أطقطق” بها على الجزء المعدني من الطاولة. كان ذلك سنة 1396هـ، في مدرسة الواحة الابتدائية في العوامية.

بالطبع؛ هذه ليست شكوى بأثر رجعي، بعد 50 سنة من “واقعةٍ وقعت”، في يومٍ حارٍّ، مثل هذا اليوم.

وبالطبع أيضاً؛ ليس في داخلي شنآنٌ على معلّم تصدّع رأسه من أطفالٍ للمرة الأولى يخضعون لـ “نظام” الجلوس في مكان مرتّب..!

إنها ـ فقط ـ إشارةٌ إلى أنني أنتمي إلى جيل “ما فيه إلا العافية”. جيل تربّى على الصلابة، وكان يحمل استعداداً مستمرّاً لتحمّل “عصيِّ” المعلمين طيلة المرحلة الابتدائية، في الحدّ الأدنى.

جيل كان يذهب إلى المدرسة في الحر والبرد والمطر والعجّ، والـ “فوحة” التي تشبه “فوحة” هذا اليوم. جيل كان يمشي سيراً على الأقدام لقرابة كيلو متر وأكثر؛ متلمّساً الظلال المتاحة.

جيل لم يركب سيارة إلى مدرسةٍ قط.

جيل يدرس في فصول لا تقدم أجهزة التكييف فيها إلا الضجيج.

جيل يواجه معلمين ليس عندهم شيء أسهل من “وقّف.. وافتح إيدك”..!

جيل يواجه زملاءَ آخرين “يتنمّرون” في كل فاصل بين حصة وأخرى، وفي الفسحة، وبعد “الهَدّة”. وقد يعود الواحد منا “مشدوخاً” أكثر من مرة في يوم دراسي واحد. إحداهما “مرتّبة” بـ “عصا أَستادْ”، والأخرى “مُدحّن” بـ “اجْموعْ” و “رفسات” زملاء..!

لله درّنا من جيل..!

‫3 تعليقات

  1. ماشاء الله عليك عزيزي حبيب
    ليش تقلب الذاكرة
    كنا نداوم يوم الخميس ونختبر في الكتاب كامل ومعلمين شبه معقدين من أزمة حروب ونكسات وفقر انعكست علينا فكنا ضحية بمعنا الكلمة
    اتفق مع نفسي بان الذكره فقط لواقع مرير جميل

  2. ايام عشناها بجموعها ورفساتها وطراقاتهه.
    السته قروش لم احصل عليها الا في المرحلة المتوسطة. لم يكن في وسعي اطقطق بها على الطاولة لخوفي ان تسقط ويلتقطها احد المتنمرين واكت في حسرة بلا خرجية. 🫢🫢🫢

  3. جميل أستاذ حبيب أرجعتنا لذلك الزمن الجميل بمراراته ومعاناته وحلاوته أيضاً وأثرتَ الذاكرة الكليلة وحنينها له فشكراً لهذا البوح الجميل ولهذه الإفاضات الرائعة..

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×