الغُرّة.. اسمٌ أصيل في بلاد البحرين.. والأحسائيون غيّروه إلى “الغُرْ” ناعمة في النخيل حتى في شوكها
القطيف: صبرة
حتى سُلّاءتُها لينة وناعمة. والسُّلّاءة هي شوكة النخيل في لغة العرب القديمة. وهذا ما ينطقه سكان القطيف أيضاً، الذين عرفوا نخلة “الغُرّهْ”، مثلهم مثل سكان الأحساء ومملكة البحرين.
صنف يمكن وصفه بأنه “فاخر”، ينضج في بداية الموسم، وطمعه ذو نكهةٍ، وقوامه ليّن. ربما لأنه في غُرة الموسم عُرفت بهذا الاسم. لكن المؤكد هي أنها من النخيل التاريخية.
وأهل الأحساء يسمونها “الغُر” ، وأهل القطيف يسمونها “الغُرّه”. لكنّ الحقيقة هي أنه حتى سكان الأحساء كانوا يسمونها “الغُرّه”، ثم تغير المسمّى قليلاً بانزياح صوتي مع الزمن ، لكن هناك أدلة واضحة على وجود إسم الغُرّه في الأحساء.
وهناك أدلة على وجود إسم “الغُرّه” في الأحساء، وأول الأدلة هو توثيق عالم النخيل العراقي هذا الصنف في القطيف باسم “غرة”، في كتابه “نخلة التمر”، صفحة 644. وقال عنه إنه يوجد في القطيف، ووصفه بأنه كثير، تجاري، جودته جيدة، لونه أصفر قابض، مستطيل محدب، لين، مبكر.
دليل أحسائي
لكنّ الدليل الأقوى موجود في الأحساء نفسها؛ فالشيخ عبداللطيف عثمان الملا، رحمه الله، من المهتمين بالنخيل، وأصدر كتاباً بعنوان “في ظلال النخيل” وفي فصل من فصول هذا الكتاب، نشر حواراً شعرياً بين شعراء في الأحساء “حوار حول نخلة الغُرّا”، رسمها بالألف، وليست “الغُرّ” وتناول العديد من القصائد التي تتحدث عن “الغُرّا” وليست “الغُرّ”، وهذه أمثلة من تلك القصائد:
ومن بين القصائد قصيدة للشيخ إبراهيم بن عبد المحسن آل عبد القادر حيث قال:
عِجَبْتُ لِمُشْتَاقٍ تَغَزَّلَ في الغُرّا
وفَــاقَت ثَنَــاءً مِنْ بَــدَائِعِهِ الغَــرّا
وَأَلْبَسَها تَاجًا مِنَ الْمَــدْحِ والثنــا
كَأنْ لَمْ يَكُنْ في النَّخْلِ نَوْعُ سوى الغُرّا
وبقاء الألف في “الغرا” ـ هنا ـ دليل على أن الاسم ليس “الغُر”، ولو كان كذلك لكان الشاعر قد لحن ونصب المجرور، وهذا لا يمكن أن يصدر عن عارفٍ باللغة مثل الشيخ إبراهيم آل عبدالقادر.
والقصيدة من 17 بيتاً، التزم فيها صاحبها “لزوم ما لا يلزم”، إذ إن كلّ أبياتها تنتهي بكلمة “الغرّا”، بمعنى صنف النخيلة، وبمعاني أخرى ايضاً.
وقد استثارت حميّة الشيخ عبدالرحمن بن أبي بكر الملا، فكتب قصيدة عارض فيها الشيخ آل عبدالقادر، على وزن بحر الطويل وقافية الراء المفتوحة، تماماً مثل الشيخ آل عبدالقادر. كما التزام بـ “لزوم ما لا يلزم” أيضاً في تكرار كلمة “الغُرّا” بمعنى صنف النخيل ومعاني أخرى:
فقال:
لقد هيّجت قلبي قصيدتك التي
أثارت لأشجاني، لِما قلت في الغرّا
فلو كنتَ قد أعطيتها بعضه حقها
لقلت الذي يُرضي الجماعة في الغرّا
ولكن ـ هداك الله ـ خالفت رأيهم
وجئتَ بشيء أنكروا منك في الغرّا شاهد
الفيديو