ليلة شعر مؤنثة لآل إسماعيل والنمر في القطيف

القطيف: صبرة

مودعاً العام 2018 بباقات الأمل الندي، أحيى منتدى الثلاثاء الثقافي أمسيته السادسة عشر بين رسائل دوار الشمس ومرايا الماء والرماد باستضافة شاعرتين بارزتين هما  رباب اسماعيل  ونورة النمر، وذلك مساء الثلاثاء 18 ربيع الثاني 1440هـ الموافق 25 ديسمبر 2018م في لقاء شعري حمل عنوان “تراتيل الجمال” وجمع جمهور من الشعراء والمهتمين بالشأن الأدبي، وأدارت اللقاء وجدان العبد الكريم، كما مثل ضيف شرف هذه الأمسية الشاعر اللامع محمد الماجد.

وتضمنت الأمسية عدداً من الفعاليات شملت تكريم الدكتورة فتحية ابراهيم الجامع استشارية النساء والولادة بمستشفى الخبر التعليمي، و الأستاذة بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل التي تحدثت عن مسيرتها العلمية والعملية المتسلحة بالعزيمة والطموح وبرامجها في تثقيف المجتمع، وإلى جانب ذلك كان هناك معرضا تشكيليا للفنانة فاطمة المطر والتي تحدثت عن جانب من تجربتها الفنية، وشاهد الحضور فيلما تثقيفياً حول أهمية العناية بالموروث الشعبي وتناقله بين الأجيال.

وضمن برنامج كتاب الأسبوع شهدت الأمسية توقيع الشاعرتين على ديوانيهما “رسائل دوار الشمس” و “مرايا الماء والرماد”، وقد تفضل ضيف شرف الندوة محمد الماجد بتسليم دروع المنتدى للمشاركين.

افتتحت الأمسية وجدان العبد الكريم بتقديم حول مكانة الملكة الشعرية وتأثيرها على الشاعر والمتلقي، معرفة بضيفتي اللقاء الشاعرة والكاتبة رباب اسماعيل الحاصلة على بكالوريوس علم الاجتماع، وصاحبة مبادرة “تعال نكتب”، والشاعرة السيدة نورة النمر الحاصلة على بكالوريوس اللغة الإنجليزية والكاتبة في مجال أدب الطفل، وأبحرت الشاعرتان مع الحضور في ثلاث جولات شعرية.

الجولة الأولى:

افتتحت الشاعرة رباب اسماعيل الجولة الأولى بقولها “أن تكتب.. تحضن مشاعر عابرة على رؤوس أصابعها، على أطراف وعيك، أن ترخي للرؤيا بساط روحك، وتقيم مجلساً للغة يهابه الكلام”، ثم أتحفت الحضور بمقطوعات غاية في الابداع، فتحت عنوان “يقين” جاء فيها:

جئت من السماء،

لينة كما الغيم

أعود صلبة كما الجبال

جئت مفرداً..

أعود مثنى وثلاث

جئت أبكي..

أعود أضحك

ليس لي من سبيل سوى أن أتكاثر

وفي مقطوعة أخرى: “ورد”، جاء فيها:

العصافير التي سقاها وردك..

مازالت دائخة بين الأرض والسماء

لفرط ذهولها، وهبت صوتها للريح

وكان آخر ما قالته:

حي على القصب الحزين

كيف تيبس الغناء

بعد ذلك، بدأت الشاعرة نورة النمر جولتها الأولى بمفتتح:

تستطيع أن توقظ الشعرَ بداخلك

طريقٌ لم تسلكها..

نار لم تحرقك

شخص لا تعرفه كـ (ربيكا هاكيت)

التي غامرت بحياتها واخترقت

من أجل خيولها الخمسين..

وعلى أنغام “وردة على كف القصيدة” تغنت للقطيف بقولها:

في ساحلِ العشاق ثمّة واحةٌ ..      القلب،بين حقولها يتبتّلُ

أرضٌ بها التاريخ خطّ نقوشه..     (كيتوس) لقّبها الزمان الأولُ

تمتدّ من أقصى اليقين حدودها ..    للمجدِ حيثُ عطاؤها  مُتأصِّلُ 

هي لهفة الفلاحِ بين حقولها  ..      لبّى،فكبّرَ في يديه  المنجلُ

وهي السواعدُ  حينَ تحرثُ قلبها .. تجني (القطيف) خميلةً لاتذبلُ

وفي شعر الرثاء: جاء في قصيدتها “دمعة، بين يدي الحوراء”

بكتابِ دمعتها قرأتُ البسمله        

فرجِعْت من عبَقِ الشجونِ محمّله

وافترّ بي وجعٌ يترجم لهفتي        

أرقاً وعيني بالدموع مكحّله

كانت حكايات الهوى تمتدّ بي       

في لحظةٍ بدمِ الحنين مبلله

وازينباه، سكبت من أحجيّة        

الالام فلسفةً بحبك موغِله

وازينباه، وتحتويني خيمةٌ          

أطرافها احترقت بنار الأسئله

وبدأت وجدان العبد الكريم الجولة الثانية بمفتتح.. “تدلف من حضن سحابة.. وأحبك من كل زخة مطر حكاية.. صوتك كأنه جنائن فرح،

إن الذي ملأ اللغات محاسناً  

جعل الجمال وسره في الضاد

الجولة الثانية

وفي جولتها الثانية، صدحت الشاعرة رباب اسماعيل بخمس مقطوعات رائعة، ومما جاء فيها “حيرة”:

قليل من الشعر..

ليندى يباس الصباح

قليل من الشعر..

ليغري البلابل للحن جميل

وهذا النخيل تمسده ريح السؤال

لماذا وكيف وأين….!

وهذا الصيف ترنح في الصمت..

عبوساً.. كئيباً.. بنار الغياب

فأي صباح تزور البلابل؟

وأي الدروب نعود..

وكل البلاد لعن..

وكل النجوم شهاب ؟!

كما جادت برمزية ” درب”، حيث قالت:

عندما هممت بالمضي..

فرط الخلخال، أول الخطو !!

فانطفأ الحدس..

كسراج كسر أول الليل

خانته رقة الزجاج..

الزجاج حامي الشعلة..

حاضن اللهب

لم يعرف حينئذ أيبكيه، أم يبكي له ؟!

تماماً كنبوءة الخلخال..

والتباس الدرب..

بين بقاء وانعتاق ؟!

وشنفت الأسماع الشاعرة نورة النمر بخمس مقطوعات عذبة، جاء فيها من نص “العازف”:

شدّ أوتارهُ..

قلقٌ باذخٌ يعتريه..

كلما هَدهَد النغَماتْ..

أزهرَتْ وردةٌ في الحياةْ

عودُه في ذراع السماء ..

و الأحاسيس مواله..

شجرٌ نابتٌ في الأثيرْ..

كلما اهتزّ  فيها الوترْ ..

أسقطَتْ نغمةً  كالمطرْ

عودُهُ، والمُنى، والأسىَ..

كالنهاونْدِ في سحره..

عمرنا قد رسى ..

يعلن الحرب ضدّ الشتاتْ

هاهيَ النغمةُ الهاربَة..

أهّبَتْ حفلةً..عندَ أرواحنا الشاحبَة

نادلُ الحبِّ هذا الوترْ..

عندَ مقهى السهر..

مدّ أرواحنا بالسكون

كم لنا من جناحْ ..

رفّ في أفقهِ بارتياحْ..

وارتدى حلةَ الأمنياتْ

يعزف الآن زاداً لنا ..

الموسيقى غذاءُ الضلوعِ ..

خبزُ المسامعِ..

وحيٌ لروحٍ براها الضجرْ

يوشك الصمتُ أن يستديرْ..

كاملاً كالرغيف ..

في تقاسيمه المُرهفاتْ

وفي وصف أخاذ لحياة الشعر، القت نص “أبواب الشعر السبعة”، قالت فيه:

فحينَ تغيبُ سماءُ الأحاسيسِ..

تذبلُ  في الظل..

تسألُ عن أيّ منفى تصيرُ إليه ..

يموتُ على قيْدها عنفوانُ السؤالِ،

يموتُ، على أملٍ أنْ يفيقَ ويلقى الجوابا

وآخر بابٍ هُنالكَ..  كان انعكاسُ المواجعِ

والنّزْفِ حينَ استرَاحَ بِمُتّكإِ البوحِ

ليَنْبِضَ قلبُ القصيدةِ سحرا

كلّلها بِالمرايا.. و تُلْقي بثقلِ القميصِ

وتَفتَحَ أبوابها تلك، باباً فبابا.

الجولة الثالثة

ومما جاء في الجولة الثالثة للشاعرة رباب اسماعيل في قصيدتها “ملح البحر يعرفهم”، مهداة للأم

لا متكأ للشعر.. لا هدأة للأمهات

البلاد حامضة..

والصولجان في يدهم مالح..

مالح جداً على هذي الجراح..

ياأيها اللطف الذي تسكن وحدك في الهجير

سلامي عليك.. سلامي اليك

لهن لجمالهن..

وهو ينسدل من ناصية الخوف

وحين حلقت في المسافات عنونتها “فــرار”، فقالت:

امض بعيداً في المسافات..

ستلاحقك الذكريات..

من مضوا، من هم الباقون

الوقت الذي تقشره كبرتقالة في مساء كئيب

يتبدى في المسافات..

كنص وقع من حكيم متنسك

رتب فوضى خزائنك الكثيرة..

امض وافتح للمسافات هذيانك الكبير

امض وضع عقاربك على المنضدة..

ارتد ساعة رأسك

وختمت الشاعرة نورة النمر جولتها الثالثة بقصيدة “دومينو الخيبات”، جاء فيها:

أشواقي تطلّ من الياسمينات..

تتكدّس في بياضها ..

الذي يتساقطُ ..

فتفوح في  الممَرّ خيبةٌ عطِرة

السنوات التي سافرت في ثقبِ غيابكِ..

لم تعد هنا..

حزمتْها الأقدار ..

تركتْها للعابرين ..

من حيث كنت تعبرين..

متسلّلةً من شغاف زهرة ..

بعيدة كحلم

هكذا انت ..

كلما تقترب فكرتي من الدهشة ..

تغمسينها في حبرِ الذكرى

فتورقين في جسد القصيدة ..

وتطلعين من ضلع المعنى

كل مرة يتجدد افتقادك..

تسقط بقلبي خيبة جديدة ..

فوق اخرى قديمة ..

كالدومينو  تماماً

وكان مسك الختام كلمة ضيف الشرف محمد الماجد مبدياً ارتياحه لما تضمنته فقرات الأمسية ممتناً للمشاركين والحضور وقفته لتكريم فارسات البرنامج، مشيداً بمسيرتهن فرداً فردا، وعبر في مقاربة جميلة بين المسيرة العلمية للدكتورة الجامع والشاعرات ضمن مفردات الآلهة والتعليم والاتقان والتطبيق، وأثنى على العطاء الثقافي لمنتدى الثلاثاء الممتد تسعة عشر عاماً.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×