مريم المرهون.. سيرة معلّمة لم تكتفِ بـ “الطباشير” بدأت في الخفجي.. ونالت الماجستير.. وانتهت خدمتها في القطيف
القطيف: ليلى العوامي
تنتمي المشرفة مريم بنت محمد صادق بن منصور المرهون إلى عائلة اشتهرت بالعلم، فجدها وأبوها وأعمامها خطباء وأئمة مساجد في مناطق مختلفة من محافظة القطيف، وهي متزوجة من السيد عادل العوامي، وأم لولد واحد هو سيد مجد.
بعد التخرج
عملت مريم بعد تخرجها معلمة علوم في محافظة الخفجي عام 1414هـ في الابتدائية الرابعة، والمتوسطة الثالثة، بعدها نُقلت إلى محافظة القطيف عام 1416هـفي الابتدائية الأولى بحلة محيش، وفي عام 1417هـ تم نقلها إلى المتوسطة الأولى بالجش حتى عام 1426هـ.
في هذه الأثناء تم تكليفها بمهام المرشدة الطلابية إضافة إلى عملها معلمة ولكن في المدرسة الثانوية الأولى بالجش الملحقة بالمتوسطة، وهي عادة اعتادت عليها المديرات في تلك الفترة وهي تكليف معلمات بمهام إدارية مختلفة كأعمال الوكيلة أو المراقبة أو المرشدة.
نقطة تحول
وقالت المرهون عن سيرتها الوظيفية “كان ذلك التكليف نقطة التحول في حياتي المهنية، حيث أدركت أن رعاية الطالبات من الناحية النفسية لا تقل أهمية عن تدريس الطالبات وتغذية عقولهن بالعلوم المختلفة، وأن دور المرشدة الطلابية (كما كانت تسمى سابقا واليوم تسمى بالموجهة الطلابية)، عظيم وسامي يحتاج إلى قدر عالي من العطاء والاهتمام والحب والرعاية للطالبات، وأن حاجة جميع الطالبات إلى ذلك حاجة كبيرة فالإنسان يحتاج إلى تضافر العقل والروح والنفس لكي يشعر بالتوازن، فالروح تغذيها العبادات، والعقل يغذيه العلم، أما النفس فهي التي تربط بين العقل والروح، وبالتالي أي إرتباك فيها يسبب ارتباكاً عام عند الإنسان، وليس من السهل أن يتم التأثير في النفس، فيحتاج ذلك إلى مهارات وقدرات خاصة”.
تخصص آخر
وأضافت “شعرت بأنني أحتاج إلى تخصص آخر لتعزيز دوري كمرشدة طلابية تخصص بكالوريوس “علم حيوان”، وبدأت بالاستعانة بأخواتي المتخصصات في علم النفس وهن منى و ذكرى، لتقديم المشورة لإتقان تقديم الرعاية النفسية للطالبات، كما التحقت بالعديد من الدورات التدريبية التخصصية، إلا ان هذه الاستعانة وتلك الدورات لم تكن في نظري كافية لتحقيق الرضى عن ذاتي في أدائي كمرشدة للطالبات.”
القرار الصعب
وتابعت “قررت أن أتخصص في علم النفس فبدأت رحلة البحث عن الدراسة والمعرفة حيث لم تكن هذه الرحلة سهلة، فكيف لأم وزوجة وموظفة أن تكون أيضاً طالبة، وكيف تتم الموازنة بين كل تلك المهمات، فأستقر القرار على أن أتم الدراسة والحصول على الماجستير في علم النفس الإرشادي ليتوافق مع مهام عملي.
الصعب السهل
وأكملت المرهون “التحقت بكلية التربية في جامعة البحرين، وكان الأمر الصعب هو أن الجامعة تشترط الدراسة حضورياً “انتظام” وليس عن طريق الانتساب، فبدأ تحدي جديد بالسفر يومياً إلى البحرين في الفترة المسائية وبعد نهاية الدوام في المدرسة، كما أن اختلاف التخصص الجامعي في البكالوريوس “علم حيوان”، عن تخصص الدراسة في الماجستير جعل الجامعة تشترط اجتياز دراسة فصل دراسي كامل لمواد استدراكية كمتطلب أساسي للالتحاق ببرنامج الماجستير، وهذا أضاف تحدي آخر، كما أن سنوات دراسة الماجستير لم تمر بدون تحديات، إلا إنه من فوائد التحديات أنها تزيدنا صلابة وقوة لتحقيق أهدافنا”.
واجهت مريم صعوبات ومواقف كثيرة أثناء دراستها في البحرين، وذكرت من تلك المواقف “بعد الانتهاء من سنوات الدراسة وإعداد رسالة الماجستير وتسليمها للدكتورة المشرفة، وأثناء الانتظار لتحديد موعد المناقشة حدثت للدكتورة المشرفة ظروف خاصة اضطرتها للسفر إلى بلدها، على اعتبار أنها سوف تعود قبل موعد المناقشة إلا أنها لم تتمكن وقررت عدم العودة وألغت عقدها مع الجامعة.”
وقالت المرهون “فوجئتُ بتبليغ الجامعة لي بأنها تشترط أن يكون المشرف على الرسالة دكتور على رأس العمل في الجامعة، وبالتالي تم تحويل الإشراف على رسالتي لدكتور آخر لتبدأ متطلبات جديدة وتوجه علمي جديد لدكتور لا يقبل أن يتم إشرافه على الرسالة التي سوف يتم كتابة اسمه عليها إلا بناء على توجيهاته، هو وهذا ما جعلني أتأخر في الحصول على الماجستير سنة إضافية، وهي مدة العمل على التعديلات التي طلبها المشرف الجديد ثم تحديد موعد للمناقشة، ليتم الانتهاء من متطلبات الحصول على درجة الماجستير، إلا أن هذه التعديلات الجديدة أضافت قوة وتميز للرسالة جعلتها تحظى بإعجاب لجنة المناقشة وتحدث عنها الإعلام في البحرين، وبعد أن تجاوزت كل تلك التحديات حصلت عام 1434هـ على درجة الماجستير بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.”
تحدٍّ آخر
وأضافت مريم المرهون “لقد أرتبط الحصول على درجة الماجستير بتحدي آخر أيضاً وهو أن وزارة التعليم اقتصرت في احتساب شهادة الماجستير وإدراجها ضمن السلم الوظيفي للموظف إذا كان تم الحصول عليها عن طريق الابتعاث أو الإيفاد، وأنا لم أحصل عليها بما ذكر سابقاً ولكن الأداء العالي و الإلحاح وتكرار رفع الطلب مع إرفاق شهادات التفوق ساهم في تغيير قناعات المسؤولين في إدارة تعليم الشرقية، في ذلك الوقت لأصبح في عام 1431هـ أول موظفة تعمل في إحدى المدارس ضمن أحد المكاتب التابعة لإدارة التعليم بالمنطقة الشرقية تحصل على موافقة إكمال دراسات عليا “ماجستير” في الفترة المسائية وقت الدوام الرسمي، وقد ساهم ذلك في فتح مجال جديد للعديد من الموظفين والموظفات في المنطقة الشرقية لإكمال الدراسات العليا بعد أن كانت موافقة الوزارة على الدراسات العليا تقتصر على الابتعاث فقط.
وأكملت “واصلت بعد تفرغي من التعليم وبعد الحصول على الماجستير وقبله وأثناءه وعلى مدى 12 عاماً في تقديم الرعاية النفسية للطالبات، والمساهمة في اكتشاف لمهاراتهن وقدراتهن، وتنفيذ عدد من الورش والدورات التدريبية للمرشدات والطالبات، وتمثيل محافظة القطيف في تقديم ورقة عمل على هامش مؤتمر حالة وورقة عمل في برنامج مناهضة التنمر على مستوى المنطقة الشرقية، مما لفت قيادات مكتب القطيف لي، و أدين بالفضل إلى مشرفتي سابقاً وزميلتي لاحقاُ عائشة الأحمري، ومساعدة الشؤون التعليمية آنذاك نورة عوض الخالدي، لمساندتها وترشيحها لي للعمل كمشرفة توجيه طلابي في مكتب القطيف عام 1438هـ حتى التقاعد المبكر بناء على طلبي مع نهاية العام الدراسي 1445هـ.”
يوم التقاعد
واستطردت “85 موجهة طلابية من موجهات محافظة القطيف ساهمن في إعداد وتنظيم حفل لتكريمي والاحتفاء بمناسبة تقاعدي ويومها وجه لي عدة أسئلة منها ما الوصفة السحرية التي ساهمت اكتساب محبة الموجهات الطلابيات؟، فأجبتهم إجابة هي رسالة لكل مرشدة ومرشدة طلابية، ليس هناك وصفة سحرية بل هناك أولاً نبل اخلاق وذوق راقي من الموجهات الطلابيات، ولأننا نستطيع اكتساب محبة من نعمل معهم من خلال الحب والاحترام والتقدير والتعامل بإنسانية، وتقدير ظروف الجميع قدر الإمكان، بما لا يتعارض مع مصلحة العمل، كذلك اكتشاف المهارات والجوانب الإيجابية فيهم وإبرازها، والتغاضي والتجاهل قدر الإمكان عن الأخطاء والجوانب السلبية، وأن لا نبخل عليهم بأي خبرة أو معلومة قد تفيدهم وتساهم في تطوير مهاراتهم. “
وحول إيجابيات وسلبيات العمل كمشرفة، قالت المرهون “تعاملت مع عملي كمشرفة توجيه طلابي كتكليف وليس كتشريف والعمل في الوظائف القيادية يتيح لنا فرصة تقديم خدمات إلى شريحة كبيرة من المجتمع، فقد كنت أتشرف بخدمة الموجهات الطلابيات، من خلال الإشراف المباشر، وتقديم الورش والبرامج التدريبية و اللقاءات و الاستشارات، كذلك كنت أخدم المديرات وأولياء الأمور والطالبات من خلال المساندة ومتابعة القضايا والشكاوى، ومحاولة تقريب وجهات النظر، وتوضيح أي لبس، والرد على أي استفسار يحتاجونه.”
وأضافت “أما أبرز سلبيات العمل الإشرافي عموماً في رأيي، هو أنه يرتبط بشكل مباشر بالنقد، حيث ترتبط الزيارات الإشرافية بتوجيه التوصيات وطبيعة النفس البشريةلا تحب أو تتقبل النقد، إلا أننا نستطيع أن نتجاوز ذلك من خلال امتلاك مهارة تقديم أي توصية أو نقد مسبوق وملحوق بعبارات إيجابية، فيما يعرف بتقنية “الساندويتش”، حيث تبدأ بعبارات إيجابية.