حسن الصدير.. سائق الحجاج رحل قبل موسم الحج علامة تعاملت معها نساء القطيف وطالبات "التربية النسوية" لـ 60 سنة
القطيف: ليلى العوامي، زينب العرفات
برحيل الحاج حسن عبدالله الصدير، أمس السبت، تنطوي قصة طويلة عاشتها مدينة القطيف. وجاء توقيت وفاته، رحمه الله، والناس يستعدون للحج، ليتذكر عارفوه ذلك الشاب الذي أمضى شطراً من حياته في خدمة الحجيج.
قصة حسن الصدير لم يشتهر منها إلا الجزء الذي عرفه الناس في محله الواقع في قلب سوق ميّاس. وهو مشروع يمكن وصفه بأنه لا توجد امرأة في القطيف لم تعرفه، أو تتعامل معه، وفي الحدود الدنيا؛ لا توجد امرأة في القطيف لم تسمع عن محله.
بل إنه بقي علامةً لدى أجيال من طالبات المدارس اللائي تعاقبن على شراء احتياجاتهنّ من أدوات “التربية النسوية”.
لكن القصة أقدم من ذلك بكثير، فقد واجه حسن الصدير الحياة وواجه متطلباتها، مبكراً، في الطرق الطويلة بين شرق المملكة وغربها، وخاض غمار الأسفار التجارية حتى وصل إلى الأناضول شمالاً.
كلّ ذلك حين كانت الطرق الطويلة مخيفة، واستيراد البضائع صعباً ومكلفاً.
سائق حجاج
في العشرينيات من عمره بدأ حسن عبدالله الصدير العمل في قيادة حافلات نقل الحجاج. وهكذا عرفه الناس حينها، وهكذا سيذكرونه، سائقاً للباصات التي تقلهم إلى أشرف مكان وأحبه إلى قلوبهم إلى مكة المكرمة.
وبحسب كلام ابنته مليحة لـ “صُبرة” فقد كان يعمل في نقل الحجاج حين كان شابّاً، وتبدأ رحلته من سوق الجبلة. وعادة ما تكون الرحلة أولاً إلى المدينة المنورة ثم مكة المكرمة، كما كان يرافقهم طوال مدة الحج مع حملة الشيخ عبدالحميد المرهون.
الشيخ عبدالحميد المرهون
تضيف مليحة “بعدها عمل أبي في نقل البضائع من تركيا ولبنان وسوريا والأردن. ومن هناك كان ينقل البضائع من التجار إلى القطيف ويأتي محملاً بالحلويات والمكسرات لتجار القطيف قديماً، أتذكر بعضهم من عائلة الخنيزي وصالح المطلق، والكثير لا تحضرني أسماءهم الآن”.
الوادي الأخضر
ابنته مليحة هي التي تدير محل والدها، بعد مرضه وضعفه عن إدارته، والعمل فيه”. هذا المحلّ الشهير في القطيف تأسس باسم “الوادي الأخضر”، لكن الناس لا يعرفون إلا “الصدير” في سوق مياس. فما هو الوادي الأخضر وما قصته..؟
البداية لم تكن في “مياس”، بل في مكان آخر، أرض وقف، تقع في الكويكب بالقرب من سوق الجبلة، في شارع الملك عبدالعزيز، محل الضامن سابقًا.
افتتح حسن عبدالله الصدير “الوادي الأخضر”، وهو محل صغير متخصص لبيع أدوات الخياطة، خيوط وإبر ومقصات وأزرار وغيرها الكثير الكثير من الأدوات، وقد سبقه أخوه في خوض هذا المجال حيث افتتح محلاً لأدوات الخياطة في مدينة الدمام.
وبعد عشر سنوات من افتتاح الوادي الأخضر، وبالتحديد في عام ١٩٧٧م تم نقل المحل إلى موقعه الحالي في قلب سوق مياس، وهي السوق المركزية في القطيف في ذلك الوقت.
بقي محل الصدير سنوات طويلة هو الأول في تخصصه، كما كان الأول في وجوده، وبقي المحل على مدى 57 سنة مقصداً للمشتغلين بالتفصيل والخياطة وللهواة ولطالبات المدارس، من الرجال والنساء.
حصل الصدير على بعض الوكالات الحصرية كوكالة (اللاصطيق)، فكان هو المورد لها من خارج المملكة.
تقول حفيدته التشكيلية يثرب الصدير “حين قرر جدي أن يتوسع في تجارته نقل المحل إلى أرض في سوق مياس وهي وقف أيضاً، فصار يبيع الملابس والأحذية والأقمشة والعطورات بالإضافة إلى مكائن الخياطة واحتياجاتها، رغم أن المؤجر القديم كان خلوقاً وكان يريدهم أن يستمروا في مكانهم لكن جدي فضّل الانتقال”.
طفولته وشبابه
ولد حسن عبدالله الصدير، من أب سعودي، وأم من مملكة البحرين هي سعدة حسن العالي. كان توأماً لأخ لم يكتب له العيش طويلا، حيث توفي حسين وهو طفل.
نشأ حسن مجداً يحب العمل ويهوى التجارة، وبدأت بوادر هذه الهواية باكراً.
تقول حفيدته يثرب “بدأ حياة التجارة منذ صغره، وترك المدرسة ولم يكمل المرحلة الابتدائية، واشترى له والده سيارة وتعلم القيادة في مرحلة مبكرة، وفي ذلك الوقت كان امتلاك سيارة وتعلم القيادة أمرًا نادراً، ومن هذه الحرفة الجديدة وجد له عملًا في المنطقة، حيث بدأ بنقل الحجاج من القطيف ونواحيها إلى مكة والمدينة.
وشيئاً فشيئاً توسع في عمله واشترى عدداً من السيارات، كانت تسمى حينها (الشاميات)، فاشتغل بالإضافة إلى نقل الركاب على نقل البضائع من بلاد الشام (وسوريا والأردن ولبنان)، وأيضا تركيا، كما تنقل بين الكويت والعراق حين طور تجارته لاحقًا”،
تضيف يثرب “عمل جدي على الاستيراد من دول آسيا كتايلند والهند وبانكوك وأندنوسيا وحصل على وكالات حصرية لبعض المنتجات الأساسية مثل وكالة المطاط”.
أما عن حياته الشخصية فقد “تزوج مبكرا وأنجب ثلاثة أبناء ولدين فيصل وخالد وابنة واحدة مليحة الصدير، وتوفي ابنه الأكبر فيصل قبل حوالي ٦ سنوات وكان قد انتهج نهج والده في التجارة حيث افتتح محلات لبيع الملابس الرجالية وخياطتها ثم أغلقت تجارته بعد رحيله”.