فيديو] صاعقة حمزة الشيخ.. العوامية تتذكر ما حدث في ربيع 1968 العسيري يروي لـ "صُبرة" ما شاهده في نخل "العمارة".. وشقيقاه: بكت أمنا وأبونا عليه يومياً لـ 30 سنة
شاهد الفيديو في قناة في يوتيوب
إعداد وتصوير: جمال أبو الرحي
تحرير: أمل سعيد
في مثل هذه الأيام من ربيع العام 1968؛ شهدت القطيف واقعة نادرة، وتحديداً في نخل “العمارة” شمال قرية العوامية. يومها نزلت صاعقة مُدوية وقتلت شاباً في مقتبل العشرين. حمزة بن عبدالكريم بن حمزة الشيخ. وقد استمرّ وقع الحادثة مؤثراً لسنواتٍ طويلة بعد ذلك، وما زال أبناء ذلك الجيل يتذكرون “حمزة” الذي “أكلته الرعدة”، يقصدون الصاعقة.
والطبيعة، كما خلقها الله، تكتنز آلاف الصور الممتلئة بالجمال والرحمة، كما تختزن مثيلاتها من صور القسوة والشدة والغضب.
ويبقى الإنسان منعماً بمظاهر اللطف والرحمة ما شاء الله له، ومعلقاً بقدر الله وإرادته في مصارعة أهوال الطبيعة وتقلباتها.
وفي اليومين الماضيين عاشت محافظة القطيف أجواءً قاسية نوعاً ما، خاصة أنها تأتي بعد انقضاء فصل الشتاء، فأمطار شهري أبريل ومايو تكون عادة مسالمة وادعة إلا أن هذه السنة كانت شديدة مزمجرة.
وبحسب ما رصدته “صُبرة” فقد سقطت صاعقتان إحداهما على منزل حارس مدرسة في الملاحة والأخرى على سيارة رجل من مدينة القديح كان عائداً من عمله في الجبيل.
حمزة الشيخ
هاتان الحادثتان أعادت إلى الواجهة ذكرى أليمة وقعت في قرية العوامية قبل أكثر من 5 عقود، قصة شاب للتو جاوز العشرين من عمره، في مقتبل العمر وزهوة الشباب وعنفوان الحياة، نزلت على شبابه صاعقة فأحرقته وتركت جمرته في قلبي والديه حتى فارقا الحياة.
وفي السطور التالية يحكي أهله ومن شهد الواقعة تفاصيل الحكاية المؤلمة:
الحادثة كما وقعت
عبدالله أحمد العسيري، مزارع من بلدة القديح، وهو شاهد العيان الوحيد الذي ما زال على قيد الحياة، وكان ـ يومها ـ يعمل مع والده وجده في النخل المجاور للنخل الذي توفي فيه حمزة..
يقول العسيري “عاش معنا سنتين في أرض العمارة العائدة للحاج علي هميلي “أبو محمد”، كان يعمل مع أبيه لمساعدته، وفي ذلك اليوم لم يكن في النخل إلا هو وأبوه، كان الأب راكباً نخلة “بكيرات” لتنبيتها، ونحن أنا وجدي الحتج منصور ـ رحمة الله عليه ـ في شرب “قت”، أي برسيم”.
يضيف العسيري “مر علينا حمزة وكان في “سرڤاله” ونحن في “سرڤالنا”، و “السرقال” اصطلاح زراعي في القطيف معناه الأرض التي تحتاج إلى تحضير قبل حراثها.
فقال حمزة ويش هالصاقعة إللي اليوم نزلت علينا؟!، ما هي إلا دقائق حتى طلع علينا دخان من العقرب الغربي الجنوبي وغطت المكان كله، وصارت رعدة رأيتها بعيني تمشي على شفا الأرض وكأنها “ضَوْ”، مضت لحظات واختفت وسقط المطر ونزل أبو حمزة وسألنا: ما شفتوا حمزة؟
قلنا بلى حمزة راح جهة شمال وقال إنه يريد بصلاً للغداء، وشفنا واحد يركض من جهة الشمال رايح مولي، سبقنا أبو حمزة لولده فسمعناه يصرخ: يا أبو أحمد ادركني..
موقع المزرعة حالياً
لحقه الوالد وأنا رحت أجيب كاس ماي”.
يكمل العسيري “حاولنا نعطيه الماي ما مشى، ثم طلعناه من الشرب إلى أسفل الشرب، وجبت الحمار مع القاري وقربناه شرق السرڤال، ركب الحاج عبدالكريم، ووضعنا رأس حمزة على فخذ والده في القاري، وذهبنا إلى الشارع عند نهاية السد، حاولنا إيقاف سيارة لتوصله إلى المستشفى حتى بعث الله لنا رجلاً يدعى علي بن علوان “أبو حسين” من موظفي أرامكو، فحكيت له القصة فقال أوديه المستشفى لكن ما أرجعه، فعندي عمل، وافقنا وأخذ حمزة وأباه إلى المستشفى، لكنه قد فارق الحياة”.
هذه هي رواية شاهد العيان العسيري..
أما شقيق حمزة، عبدالحسين عبدالكريم الملا جعفر آل الشيخ فيقول “توفي أخي حمزة قبل 58 سنة تقريباً بسبب صاعقة، كان يجني البصل الأخضر فأصابته الصاعقة، نُقل إلى أقرب شارع ليسعف إلى مستشفى القطيف، لكنه توفي مباشرة بسبب قوة الصاعقة، فلما نقل إلى المستشفى أبلغهم الطبيب أنه توفى، وكان عمره وقتها 21 سنة”.
وعن حياة أخيه وصفاته يقول “كان أخي من طلبة العلم، واصل دراسته في دولة الكويت، كان خلوقاً طيباً ومحبوبا بين الناس”، ويضيف “هو الأخ الأكبر وسمي حمزة على اسم جدنا، درس القرآن والخطابة عند الملا محمد جواد المزين أبو ماجد، وبعد موته بقي حمزة بيننا، فأسميت ابني حمزة، كما أن أحد أبنائي أسمى ابنه حمزة، فحمزة الجد والأخ والابن والحفيد”، و “لأخي حمزة تسجيل على تلفزيون الكويت يقرأ فيه القرآن الكريم”.
أخوه الأصغر
ويضيف علي الأخ الأصغر لحمزة “كان أخي يدرس في جامعة الكويت، وأيضا يدرس في الحوزة العلمية في نفس الوقت.
عشنا مع أبينا وأمنا بعده 30 سنة لم يوضع طعام إلا وسبقه البكاء عليه.
وهذه الحادثة صارت مثلاً لتخويف الأبناء في مدن وقرى المحافظة، فما إن يرى الأهالي اشتداد البرق والرعد حتى يقولوا لأبنائهم ادخلوا البيت لا يصير ليكم مثل ما صار لفلان، ضربته البرقة وحرقته حراق، سوته فحم.
في الذاكرة
يقول علي الشيخ “وقعت الحادثة وعمري 4 سنوات تقريبا في 1968م، ولم تحتفظ ذاكرتي له سوى بمشهد واحد فقط لصغر سني، أتذكر أنه كان عائداً من الكويت وسأل عني في البيت ولم يرني فذهب إلى بيت خالتي أم طاهر وأخذني برفقته”.
كان متفحماً
تفاصيل أكثر يسردها أحمد بن عبدالحسين ابن أخ المرحوم حمزة
“لأن وفاته رحمه الله كانت غريبة ومؤلمة جداً وبفعل الطبيعة، لم نسمع تفاصيل كثيرة عنها في وسط العائلة، لكني سمعتها بلسان صديقه وأحد أقرانه حسن بن حجي علي الزاهر حيث قال أن العاصفة جاءت بشكل مفاجئ على قرى القطيف، وكان البرق والرعد شديدين وقتها، وأضاف في العوامية موقع على الشارع العام عند الدفاع المدني حالياً كانت نخيل البكيرات متعافية وكبيرة جداً وفي اليوم الثاني من الواقعة وجدوها (مطرورة من الفڤر)، فلقها البرق نصفين، وعمك حين رأيته على المغتسل كان متفحماً”
أما طريقة اسعافه رحمه الله في البداية حمل على القاري إلى الشارع العام ومنها نقل بالسيارة إلى مستشفى القطيف، لكنه توفى من لحظتها.
المرحوم عبدالكريم الشيخ والد المرحوم حمزة
إنا لله وإنا إليه راجعون
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
رحم الله من قرأ له ولوالديه وشيعة أمير المؤمنين (ع) سورة الفاتحة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)